ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أن إسرائيل قررت هذا الأسبوع تجاوز ما كان يعتبر خطًا أحمر غير رسمي في قتالها مع حزب الله بلبنان والمستمر منذ عقود.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير اليوم السبت- أنه للمرة الثانية في أقل من شهرين، تمكنت إسرائيل من تحديد موقع كبار الشخصيات العسكرية السرية في حزب الله وقتلهم أثناء عقدهم اجتماعات سرية بالقرب من بيروت، لافتة إلى أنه من بين تلك الضربات، نجحت إسرائيل في شل حركة مئات، إن لم يكن آلاف، من أعضاء الحزب من خلال تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي عن بعد.
ونوهت الصحيفة عن أن رد حزب الله حتى الآن توقف على دعوات الانتقام، والإطلاق الروتيني للصواريخ على شمال إسرائيل.
ولفتت الصحيفة إلى أن اغتيال القائد العسكري البارز إبراهيم عقيل وغيره من كبار قادة حزب الله، أمس الجمعة، بمثابة تتويج لأسبوع لتحركات سياسية وعسكرية أكثر تطورا، والتي وضعت لبنان في حالة من الفوضى العميقة، ليكون بداية ما قد يصبح تحول هائل في الحدود التي حكمت لفترة طويلة الصراع المستمر منذ عقود بين إسرائيل وحزب الله.
وأشارت إلى أنه منذ أن خاضت القوتان حربا ضد بعضهما البعض حتى توقفت في حرب مدمرة للغاية عام 2006، كانت إسرائيل وحزب الله يستعدان للمواجهة الكبرى التالية، ما أدى إلى تغذية حالة من الردع المتبادل على طول الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، وهو ما دفع القتال إلى عدم التحول إلى حرب كبرى.
وأكدت أن الإسرائيليين كانوا يخشون أن يشمل الصراع الجديد استهداف حزب الله للبنية التحتية الحساسة داخل إسرائيل، بالإضافة إلى خشيتهم من القوات الخاصة المدربة التابعة لحزب الله والتي تجوب المجتمعات الإسرائيلية، وفي المقابل كان حزب الله يعلم أن سلاح الجو الإسرائيلي يمكن أن يتسبب بسرعة في تدمير واسع النطاق في لبنان، وخاصة في المجتمعات التي تستمد المجموعة دعمها منها.
ولفتت إلى أنه في الأسبوع الماضي، قرر زعماء إسرائيل كسر هذه المعادلة وتجاوز ما كان يُعتبر خطا أحمر غير رسمي، وهو ما يبدو أنه نجح حتى الآن، بحسب (نيويورك تايمز).
وقالت الصحيفة إن ضربة يوم الجمعة جاءت في أعقاب 11 شهرا من الضربات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية والتي أسفرت عن مقتل أشخاص على الجانبين وإجبار نحو 150 ألف شخص على الفرار من منازلهم.
ونقلت عن الباحثة الزميلة في مركز (تشاتام هاوس) للأبحاث السياسية بلندن لينا الخطيب، قولها إنه بعد "18 عاما من الردع المتبادل، ننتقل الآن لمرحلة جديدة من التفوق أحادي الجانب من جانب إسرائيل.. لقد تحطمت الواجهة التي كان حزب الله يقدمها للعالم على أنها منظمة لا يمكن اختراقها، وقد أظهرت إسرائيل ببراعة مدى تفوقها في هذه المعادلة في مواجهة حزب الله".
وأضافت الزميلة بمركز (تشاتام هاوس) أن "إسرائيل حاصرت حزب الله في الزاوية، وحتى لو ظلت ترسانته العسكرية سليمة، فإن قدرته على نشرها قد تم تقليصها".
كما نقلت (نيويورك تايمز) عن نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن للشؤون الدولية بول سالم، قوله: "لقد أصبح من الواضح جدا منذ الأشهر الأولى من الحرب أن إسرائيل تقول: "إن هذا التهديد الذي عشنا معه لمدة 18 عاما، لم نعد قادرين على العيش معه بعد الآن.. لا يمكن أن تستمر هذه القوة الضخمة في التواجد على حدودنا الشمالية".
وقال سالم إن ما تسبب في الجمود بين حزب الله وإسرائيل قبل اشتعال حرب غزة، كان عدم رغبة إسرائيل في المخاطرة بالخسائر وتحمل الأضرار مقارنة بالاستعداد المعلن لمقاتلي حزب الله للموت من أجل قضيتهم، لكن هذه الديناميكية تغيرت أيضا، موضحا أن "التهديد البسيط المتمثل في إلحاق حزب الله الضرر بإسرائيل لم يعد له نفس التأثير كما كان قبل 7 أكتوبر الماضي".
ونوهت الصحيفة إلى أنه رغم تفوق إسرائيل في القوة النارية العسكرية، فإنها لم تتمكن من هزيمة حماس طيلة 11 شهرا من القتال الوحشي في غزة، التي أغلقت إسرائيل حدودها، لكن حزب الله في المقابل يعتبر قوة أكثر تطورا، وقد يستغل الحدود المفتوحة في لبنان لإعادة تسليح نفسه على نحو لا تستطيع حماس أن تفعله.