الجمعة 27 سبتمبر 2024

اكتشاف أثري يوثق تقاليد حرق الجثث في بولندا

السفينة الرومانية التي عُثر عليها في كازيميرز فيلكا ببولندا

ثقافة23-9-2024 | 08:29

إٍسلام علي

اكتشف علماء الآثار شيئًا نادرًا وذلك أثناء أعمال التنقيب في مقبرة قديمة في بولندا، حيث كشفت التحقيقات الأخيرة في بلدة كازيميرز فيلكا التي تقع في جنوب البلاد على بعد حوالي 28 ميلاً شمال شرق كراكوف، عن بقايا 160 قطعة أثرية تعود للعصر الحجري الحديث والعصر البرونزي المبكر.

 

اكتشاف مقبرة رومانية

ومن جملة الأكتشافات أيضا، كان مقبرة تاريخية تعود إلى أواخر فترة ما قبل الرومان وأوائل العصر الروماني، وتحديدًا بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الثاني الميلادي.

 

تقاليد العهد القديم.. حرق الجثث

تمكن فريق علماء الآثار من معهد الآثار بجامعة جاجيلونيان وشركة الآثار برينسيبات خلال ثلاثة مواسم من التنقيب من تحديد 23 مدفنًا جماعيًا، حيث وُضعت الجثث مباشرة في الأرض، إضافةً إلى أربعة مدافن تم فيها حرق الجثث.

 

ومن بين هذه المدافن، كان أحد المدافن المحروقة الذي اكتُشف في منتصف أغسطس هذا العام مثيرًا للاهتمام بشكل خاص، فقد عثر علماء الآثار على بقايا جثث بشرية محروقة داخل إناء برونزي من أصل روماني، وكانت السفينة الرومانية التي عُثر عليها في المقبرة القديمة تحتوي على بقايا بشرية محترقة، ويشتبه الخبراء في أنها تعود لمحارب.

 

اناء حجري لاحتواء البقايا البشرية  

أوضحت جوانا زاجورسكا تيليجا، قائدة فريق التنقيب بمعهد الآثار في جامعة ياجيلونيان في بولندا، لمجلة "نيوزويك" أن هذا الإناء، الذي يُعرف باللاتينية باسم "سيتولا"، كان يستخدم كجرة لاحتواء البقايا البشرية المحروقة.

 

وأشارت زاجورسكا تيليجا إلى أن الإناء نجا بحالة سليمة تقريبًا، مع وجود ملحقات على شكل دلافين على المقابض وثلاثة أرجل مزخرفة على قاعدة الإناء، ورغم عدم تأكيد العمر الدقيق لهذا الإناء، إلا أن أوعية مشابهة تم اكتشافها سابقًا في كازيميرز فيلكا تعود للقرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي، ما يجعل هذا الاكتشاف نادرًا جدًا في بولندا.

 

ولا يزال الخلاف قائمًا بين العلماء حول مكان صنع هذه الأوعية، لكن من المرجح أنها صُنعت في ورش بشمال إيطاليا أو جبال الألب الشرقية، ودخلت المنطقة المعروفة الآن ببولندا عبر التجارة.

 

واعتبرت زاجورسكا تيليجا أن الحفاظ الاستثنائي للسفينة الرومانية المكتشفة في كازيميرز فيلكا يجعل هذا الاكتشاف مميزًا، حيث نادرًا ما يتم العثور على أوعية من هذا النوع بحالة جيدة مماثلة، وتم إخضاع الإناء لتحليل معدني قبل عملية الترميم، كما سيتم تحليل العظام البشرية المحروقة لتحديد عمر وجنس المتوفى، وأشارت الأدلة إلى أن المتوفى قد يكون محاربًا ذكرًا، حيث وُجدت بجانب الجرة قطع من الأسلحة الحديدية، تشمل سيفًا ورؤوس رماح وتجهيزات درع، والتي تم طيها وحرقها بشكل طقسي.

وأكدت زاجورسكا تيليجا أن تدمير الأسلحة ووضعها مع المحارب المتوفى كان عادة سائدة بين شعوب "بارباريكوم" الأوروبية في تلك الحقبة، وأظهرت الأدلة أن هذا التقليد كان شائعًا في مقابر ثقافة برزيفورسك، التي ازدهرت في وسط وجنوب بولندا بين القرن الثالث قبل الميلاد ومنتصف القرن الخامس الميلادي.

وأوضحت أن ثقافة برزيفورسك ارتبطت بشعوب اللوجي والوندال، التي ذُكرت في المصادر التاريخية القديمة، وتأثرت بالثقافة السلتية التي كانت القوة المهيمنة في أوروبا الوسطى خلال تلك الفترة، وربما من خلال التأثير السلتّي، وصل هذا الإناء المكتشف إلى المنطقة التي كانت تحتلها ثقافة برزيفورسك في بولندا.