كشفت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية عن الخلاف الكبير بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن مسألة الهجوم الإسرائيلي على حزب الله في لبنان.
وذكرت المجلة -في سياق مقال تحليلي نشرته اليوم "الأربعاء"- أنه في الأيام التي سبقت الهجوم الإسرائيلي على حزب الله حذر المسؤولون الأمريكيون الحكومة الإسرائيلية من أن مثل هذه الاستراتيجية من المرجح أن تدفع المنطقة نحو هاوية الحرب،وفقا لمسؤولين أمريكيين كبار ومسؤول إسرائيلي.
وقال المسؤولون إن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل أن الحل الدبلوماسي مع حزب الله لا يزال ممكنا وأن الحملة العسكرية قد تعرقل هذا الجهد،إلا أن إسرائيل مضت قدما في الهجوم.
وأشارت المجلة الأمريكية - في مقالها -إلى أن المسؤولين الإسرائيليين لم يقللوا من جهود واشنطن الرامية إلى التوصل إلى اتفاق دبلوماسي،إلا أنهم اختلفوا حول كيفية التوصل إلى اتفاق.
وقال مسؤول إسرائيلي -طلب عدم الكشف عن هويته- إن إسرائيل أخبرت الولايات المتحدة أن "الوقت قد حان لتصعيد الموقف من أجل خفض التصعيد"،وهذا يعني توجيه ضربات لحزب الله بقوة كافية تجبره على المشاركة في محادثات لإنهاء الصراع.
وأكدت "بوليتيكو" أن هذه هي المرة الأولى منذ ما يقرب من عام التي تختلف فيها الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل صارخ حول كيفية التعامل مع حزب الله،وتساءلت هل من الممكن أن تنجح خطة الإدارة الأمريكية للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي لإنهاء الصراع على طول الحدود الشمالية لإسرائيل في الأمد القريب؟
لقد حثت الولايات المتحدة إسرائيل على مدى أشهر على تجنب تصعيد عملياتها العسكرية في لبنان،خوفا من أن يؤدي ذلك إلى إشعال التوترات في المنطقة وربما إشعال فتيل الحرب،وقد نقلت
واشنطن هذه الرسالة عبر قنوات دبلوماسية مختلفة وفي مكالمات هاتفية وكذلك اجتماعات في كل من واشنطن وإسرائيل.
ولكن خلال الأسبوع الماضي قالت إسرائيل لمستشار الرئيس الأمريكي أموس هوكشتاين إن حزب الله لم يظهر أية علامات على رغبته في محادثات دبلوماسية جادة وأن إسرائيل ستعمل على تكثيف الضغوط على الحزب.
وفي وقت لاحق أكد المسؤولون الأمريكيون إنهم لم يتلقوا أي تحذيرات مسبقة بشأن هجمات الأسبوع الماضي باستخدام أجهزة واللاسلكي ضد حزب الله،والتي يعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل كانت وراء تلك الهجمات رغم أنها لم تعلن مسؤوليتها عنها، ورفض مجلس الأمن القومي الأمريكي التعليق عليها.
وقد أشعلت الضربات الإسرائيلية ضد حزب الله نقاشا داخل إدارة بايدن حول فعالية الهجمات الإسرائيلية وإمكانية تزايد العنف في المنطقة في المستقبل.
وأفادت المجلة الأمريكية بأنه على الرغم من أن بعض المسؤولين في البيت الأبيض يدعمون الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله،إلا أن المسؤولين في البنتاجون والاستخبارات ليسوا واثقين من نجاح استراتيجية إسرائيل وأنها ستدفع حزب الله للمشاركة دبلوماسيا.
وأبدى المسؤولون الأمريكيون عدم ارتياحهم بشأن ارتفاع عدد القتلى المدنيين في لبنان نتيجة للغارات الجوية الإسرائيلية،وفي حين أن الإدارة الأمريكية ليست مستعدة لإعلان الصراع "حربا"، إلا أن المسؤولين يعتقدون بشكل متزايد أن الوضع سيكون من الصعب تصحيحه إن لم يكن مستحيلا.
وفي الإحاطات التي قدمها مسؤولون من البنتاجون والاستخبارات لأعضاء الكونجرس على مدى الأسبوع الماضي،قالوا إنهم قلقون من أن تؤدي الضربات الجوية الإسرائيلية إلى تأجيج عدوان أكبر من جانب حزب الله باعتبار أنها مجموعة معروفة بقدرتها الواسعة على تنظيم وتنفيذ الهجمات على المستوى الدولي.
ونوهت مجلة "بوليتيكو" أنه حتى الآن يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عازما على مواصلة الحملة الإسرائيلية في لبنان، وقالت القوات الإسرائيلية هذا الأسبوع إنها تخطط لتكثيف الهجمات في لبنان في الأيام المقبلة.
وحذرت المجلة الأمريكية من أنه إذا تصاعد العنف فإنه سيسحب إسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة،وهو السيناريو الذي تحاول إدارة بايدن تجنبه منذ فترة طويلة، في حين أن الهجمات قد تبدو بالفعل وكأنها حرب بالنسبة للكثيرين إلا أن حزب الله لم يرد حتى الآن بشكل كامل على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، وإذا فعل ذلك فإنه سيجر الجانبين إلى ضربات متبادلة قد تؤدي في النهاية إلى صراع أكبر بكثير.
وقال السناتور جاك ريد رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ "إذا كان لدينا وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، أعتقد بأنه ستكون هناك طرق دبلوماسية للحد من التهديد من حزب الله، ولكن بسبب تعنت نتنياهو بشكل رئيسي لم يكن هناك أي تقدم دبلوماسي فهو يختار الوسائل الحركية".
وقعت الهجمات المستهدفة على أجهزة اتصالات حزب الله بعد وقت قصير من زيارة هوكشتاين لإسرائيل، وفي غضون اليومين الماضيين، كثفت إسرائيل حملتها الجوية فضربت مواقع في جنوب لبنان.
ولا يزال المسؤولون الأمريكيون يعتقدون بأنهم قادرون على المساعدة في التوسط في اتفاق دبلوماسي بين إسرائيل وحزب الله.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال خطابه الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم أمس الثلاثاء "إن الحرب الشاملة ليست في مصلحة أحد، لقد تصاعد الموقف، ولكن لا يزال الحل ممكنا، في الواقع يظل هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن الدائم".