يزخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجومًا خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامهم وإخلاصهم وموهبتهم وإبداعهم في مسيرة المسرح المصري والعربي، وأسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموه بعروض مسرحنا المصري.
ومع بوابة «دار الهلال» نواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد صناع رحلة المسرح المصري على الخشبة، ومن عالم الكواليس، وخلف الستار ولنسافر معه في سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري».
واللقاء اليوم مع الفنان القدير.. خييف الظل أمين الهنيدي
ولد أمين الهنيدي بالمنصورة بمحافظة الدقهلية في 24 أكتوبر عام 1925، و واسمه بشهادة ميلاده أمين عبد الحميد أمين محمد محمد الهنيدي.
بداية الرحلة
بدأ أمين الهنيدي رحلته مع فن التمثيل بالمسرح المدرسي، بعد التحاقه بمدرسة شبرا الثانوية، وبعد ذلك التحق بكلية الآداب واشترك بفريق التمثيل بالكلية، لكنه لم يكمل دراسته بالآداب والتحق بالحقوق، ثم قرر في النهاية الالتحاق بالمعهد العالي للتربية الرياضية بالإسكندرية وتخرج فيه عام 1949م، وقد عُين بعد تخرجه وحصوله على درجة البكالوريوس مدرسًا للتربية الرياضية.
وبدأ التمثيل كمحترف لأول مرة على مسرح «الريحاني» في عام 1939 م، وكان حينذاك لا يزال طالبًا، وبعد تخرجه وفي عام 1954 م سافر إلى السودان، وعمل هناك مع الفنان محمد أحمد المصري «الشهير بأبو لمعة╤ وكونا معا فرقة مسرحية بالنادي المصري في السودان.
تأسيس فرقة «ساعة لقلبك المسرحية»
وكانت بداية أمين الهنيدي الحقيقية بعد عودته لمصر في منتصف الخمسينيات بالقرن الماضي، وذلك عندما التقى بالفنان عبد المنعم مدبولي والمؤلف يوسف عوف فاشترك معهما في البرنامج الإذاعي الشهير «ساعة لقلبك»، والذي قدم من خلاله شخصية الفلاح البسيط الماكر فهلاو، ودفعه النجاح الكبير الذي حققه البرنامج إلى مشاركة مجموعة نجومه في تأسيس فرقة «ساعة لقلبك المسرحية» ، في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، ومثل أيضا بعد ذلك في أحد مسرحيات فرقة «الريحاني»، فشارك في مسرحية «ماكان من الأول» وعمل بعد ذلك بفرقة «تحية كاريوكا» في بداية الستينيات، وتميز بقوة في تجسيد شخصية «الشيخ حسن» الضرير بمسرحية «شفيقة القبطية».
وشارك بعد ذلك في البطولات المسرحية وذلك من خلال قيامه ببطولة بعض المسرحيات الكوميدية المتميزة التي شهدت نجاحه بفرقة “المسرح الكوميدي» (إحدى فرق التليفزيون المسرحية
شارك بعد ذلك بأداء أدوار البطولة بعدد كبير من الأعمال الفنية بمختلف الوسائط الفنية (المسرح السينما الإذاعة التليفزيون، وذلك حتى منتصف الثمانينات، فقدم من خلال الشاشة الفضية مجموعة من أفلامه البارزة ومن بينها: «غرام في الكرنك»، «شنطة حمزة»، «القرش»،
مشاركات محمد هنيدي المسرحية
شارك في بطولة عدد كبير من المسرحيات المتميزة، وكان الستينيات والسبعينيات فترات شهدت تميزه مسرحيا وتتمثل مشاركاته كالتالي:
فرق مسارح الدولة
فرق القطاع الخاص
- فرقة تحية كاريوكا: «شفيقة القبطية» (1962) مفرقة الفنانين المتحدين: «المغفل» (1967)، فردة شمال (1968)، غراميات عفيفي، برغوت في العش الذهبي، مجنون بطة (1969)
- فرقة أمين الهنيدي: «عبود عبده عبود» (1970)، حسن حسنين حسونة (1971)، سد الحنك (1971)، سبع ولا ضبع (1972)، أجمل لقاء في العالم (1973)، لوليتا (1974)، يا عالم نفسي أتسجن (1975)، عشرين فرخة وديك (1976)، أنا آه أنا لأ (1977)، الضيف اللي هو (1978)..
- فرقة كوميك تياترو (أحمد الإبياري): «الدنيا مقلوبة» (1980 فرقة المصري المسرحية: «عالم يهوس» (1981، ومع المسرح الجديد: « فتش عن المرأة» (1982) ، ومع المصرية للكوميديا شارك في الفضيحة» (1983)
المسرحيات المصورة
شارك أمين الهنيدي في بطولة بعض المسرحيات التي انتجت خصيصا للتصوير والعرض التليفزيوني، وتضم قائمة مشاركاته المسرحيات التالية: حضرة صاحب السوابق (1980)، عالم يهوس، مريض الوهم (1981)، درس حريمي، صيف ساخن (1982)، شوقي بيه عريس، كان غيرنا أشطر (1983)، أسبوع عسل (1984)، حلوة يا دنيا، الفلاح الفصيح، حلوة اللعبة دي، أسبوع عسل.
وتعاون أمين الهنيدي من خلال المسرحيات مع نخبة من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: السيد بدير، عبد المنعم مدبولي، كمال يس، نور الدمرداش، كرم مطاوع، علي الغندور، محمود السباع، محمود مرسي، محمد مرجان، فايز حلاوة، السيد رضي، أحمد توفيق، عبد الغني زكي، فهمي الخولي، شاكر عبد اللطيف، عادل صادق، سعيد مدبولي، شاكر خضير، رزيق البهنساوي، ممدوح عقل.
فرقة أمين الهنيدي المسرحية
وقام بتأسيس هذه الفرقة المنتج السباعي عبد الحميد السباعي بمشاركة كل من الفنان أمين الهنيدي والمخرج القدير السيد بدير عام 1970، وذلك خلال الفترة الزمنية التي شهدت رواج وتأسيس عدد كبير من فرق القطاع الخاص «بعد نكسة يونيو 1967، وتوقف التليفزيون عن الانتاج المسرحي» ، وقد حملت الفرقة اسم الفنان «أمين الهنيدي » كنجم كبير من نجوم الكوميديا، والذي شارك بالطبع ببطولة جميع المسرحيات العشر التي قدمتها الفرقة.
وقام الفنان والمخرج الكبير السيد بدير بإخراج عدد كبير من هذه العروض، في حين قام الفنان عبد المنعم مدبولي بإخراج ثلاث مسرحيات هي: «سبع ولا ضبع» ، «أجمل لقاء في العالم، «أنا آه أنا لأ»، كما قام الفنان نور الدمرداش بإخراج مسرحية «لوليتا»، والفنان عبد الغني زكي بإخراج مسرحية واحدة هي «الضيف اللي هوه».
وقد شارك نخبة من كبار المؤلفين في كتابة النصوص التي قدمتها الفرقة وفي مقدمتهم الأساتذة سعد الدين وهبة، عصام الجمبلاطي، حسين عبد النبي، مصطفى كامل حسن، وحيد حامد، أحمد عفيفي، أحمد ثروت، مصطفى جمعة، كما قامت الفنانة نهى برادة بتصميم الديكورات لأكثر من مسرحية، كذلك قام الفنان سيد مكاوي بوضع الموسيقى والألحان لبعض المسرحيات ومن بينها: «أجمل لقاء في العالم»، «سبع ولا ضبع»
أبطال مسرحيات فرقة أمين الهنيدي
وشارك ببطولة هذه المسرحيات نخبة متميزة من النجوم في مقدمتهم كل من الفنانين: نجوى سالم، زبيدة ثروت، زيزي مصطفى، صفاء أبو السعود، ميمي شكيب، ملك الجمل، خيرية أحمد، وداد حمدي، سلوى محمود، سناء مظهر، ميمي جمال، كوثر العسال، آمال رمزي، عزيزة راشد، ليلى فهمي، ميرفت كاظم، نبيل الهجرسي، زين العشماوي، إبراهيم خان، فاروق الفيشاوي، نظيم شعراوي، علي الغندور، حسن حسين، محمود أبو زيد، حامد مرسي، محمد شوقي، أحمد أباظة، محمود القلعاوي، أحمد الشناوي.
توقف فرقة أمين الهنيدي
وتوقفت الفرقة مع بدايات عام 1978 بعد وفاة مؤسسها وممول عروضها «السباعي عبد الحميد»، وذلك بعدما قدمت نموذجًا لفرق القطاع الخاص التي حاولت الجمع بين تقديم الفكر وبين استقطاب الجمهور بتقديم المتعة الفنية، ويحسب لها اعتمادها فنيا على ثقافة وخبرات الفنان القدير السيد بدير، وكذلك تقديمها لنصوص بعض الكتاب الملتزمين وفي مقدمتهم المبدع سعد وهبة.
مشاركات سينمائية
شارك أمين الهنيدي ببطولة بعض الأفلام السينمائية الناجحة جماهيريًا وتنوعت أدواره السينمائية بشدة بين مجموعة من الأفلام التجارية التي قام ببطولتها، وبين مجموعة أخرى من الأفلام السينمائية الجادة التي قام خلالها بأداء بعض أدوار البطولة الثانية أو الأدوار الثانوية، وبدأت رحلة الهنيدي مع السينما بفيلم حماتي ملاك عام 1959م، من إخراج عيسى كرامة، وبطولة إسماعيل يس، ماري منيب، آمال فريد، في حين وآخر أفلامه عام 1986 وهو فيلم «القطار» من إخراج أحمد فؤاد، وبطولة نور الشريف ميرفت أمين، يوسف شعبان.ووصل رصيده السينمائي خلال ما يقرب من ثلاثين عاما إلى 35 فيلمًا.
مشاركات إذاعية
شارك أمين الهنيدي بأداء بعض الشخصيات الدرامية المتميزة بخفة ظله وأدائه المميز في عدد كبير من المسلسلات الدرامية والتمثيليات والسهرات الإذاعية، على مدار ما يزيد عن ثلاثين عاما ومنها: «دكتور ياميش، العزوة، الشاطر عوكل، خرج ولم يعد، مغاوري غاوي مغنى، أشجع رجل في العالم، أذكى رجل في العام، مذكرات زوج، أبو الريش في سوق العيش، مخيمر الثالث عشر، شلة الأنس»
ثنائي فني مع شويكار وصفاء أبو السعود
وكون أمين الهنيدي ثنائي فني ناجح بالإذاعة مع كل من الفنانتين شويكار «أشجع رجل في العالم، شلة الأنس »، وصفاء أبو السعود «مغاوري غاوي مغنى، الشاطر عوكل، أذكى رجل في العالم، بالإضافة إلى غناء «شنطة حمزة».
المشاركات التليفزيونية
نجح أمين الهنيدي في خلق وترك بصمة مميزة له بالدراما التليفزيونية، وقدم عدة شخصيات إنسانية بعيدا عن الأدوار الكوميدية التي اشتهر بها في المسرح، وتنوعت مشاركاته بالدراما التليفزيونية كثيرا بين أدواره الكوميدية وأدواره الإنسانية الأخرى بالمسلسلات الاجتماعية ومن أعماله التليفزيونية « زيارة ودية، لعبة التفكير، أدركني يا دكتور، عفراء البادية، وأدرك شهريار الصباح، محمد رسول الله (ج5) »، وشارك ببطولة بعض التمثيليات والسهرات التليفزيونية ومنها المعدية»ا
رحيل وأثر فني كبير
واشتد على الفنان أمين الهنيدي الألم في مطلع العام 1983م، فنقل إلى المستشفى، حيث أجرى الفحوصات والتحليلات التي جاءت نتيجتها اكتشافه بأنه مصاب بسرطان المعدة، ثم اشتد عليه المرض بشكل كبير فقررت الدولة سفره للعلاج على نفقتها بالخارج، وسافر إلى لندن وأجرى جراحة في المعدة، لكنها للأسف لم تنجح في وقف زحف المرض وانتشاره، وبعد ثلاثة أشهر عاد إلى القاهرة ليظل في العناية الفائقة بأحد المستشفيات الخاصة حتى رحل عن دنيانا روحه في الثالث من يونيو 1986م.
ورحل صانع البهجة الفنان القدير خفيف الظل أمين الهنيدي عن عالمنا لكنه ترك أثره باق حتى أيامنا ، وما حيينا أبدا، وسيظل أيقونة من أيقونات الفن المصري والعربي خالدابكل ماقدمه، فهو الذي أمتعنا بأدواره الكوميدية المتنوعة على مدى ما يقرب من خمسة وثلاثين عامًا