السبت 5 اكتوبر 2024

51 عامًا على نصر أكتوبر.. أسرار لجنة أجرانات واعترافات قادة العدو بعد انتصار الجيش المصري

الرئيس الراحل السادات وقادة الجيش المصري

تحقيقات5-10-2024 | 14:30

51 عاما من الانتصار العسكري الذي حققه الجيش المصري، من معجزة عسكرية لا تزال مصدر فخر للشعب المصري، باسترداد الأرض وتحرير سيناء في ملحمة عسكرية مجيدة، شهد بها الأعداء وأقر بها حلفاؤهم من المهتمين بعلوم الحرب والعسكرية، فجاءت اعترافات قادة العدو الذين شاركوا في الحرب لتوضح حجم الصدمة التي أصابتهم جراء الحرب، في مذكراتهم وكتبهم واعترافاتهم التي صدرت بعد ذلك.

 

لجنة أجرانات بعد حرب أكتوبر 1973

بعد الانتصار العسكري المصري في السادس من أكتوبر 1973 بشهر تقريبًا، بدأ العدو الإسرائيلي يحقق في إخفاقه وهزيمته التي مني بها أمام عبقرية وبسالة الجيش المصري، ففي 21 نوفمبر 1973 تشكلت لجنة أجرانات، للتحقيق في القصور الذي تصرف به الجيش الإسرائيلي في الأيام الأولى للحرب، ترأسها شمعون أجرانات رئيس قضاة المحكمة العليا في إسرائيل، وضمت في عضويها عددا من الأعضاء ومنهم القاضي موشيه لاندو، وإسحاق نابينزال، ورئيسيْ الأركان السابقيْن الرئيس الثاني للأركان ييجال يادين والخامس حاييم لاسكوف.

استمرت اللجنة للاستماع لشهادات قادة الاحتلال، فاستمعت إلى نحو 58 شاهدًا بمن فيهم جولدا مائير رئيسة الوزراء وموشيه ديان رئيس الأركان، وعقدت أكثر من 140 جلسة، وأقرت نحو 188 شهادة خطية.

فيقول الجنرال إيلي زعيرا، رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية عام 1973، إنه "كان لديه إحساسًا بأن مصر تريد الهجوم على سيناء وهي صحراء ولكنهم لن يستطيعوا خوض حرب صحراء طالما كانت لدينا السيادة الجوية"، فيما تلقى رئيس الاستخبارات الإسرائيلية أنباءا جيدة بأنه رفض الروس طلب مصر بالحصول على طائرات جديدة ما يعني أن إسرائيل آمنة من أي هجوم مصري وكان هذا خطأ.

فيما قال دافيد إلعازار، القائد العسكري الإسرائيلي، في مذكراته عن الحرب إنهم وقعوا في خطة خداعية مصرية ذكية وأنهم بمنتهى السذاجة ابتلعوا الطعم الأول في خطة الخداع.

ما اعترافات لجنة أجرانات؟

توصلت اللجنة لعدد من الاستنتاجات، التي كشفت حجم المفاجأة التي تعرض لها العدو، حيث اعترفت أنه حتى الساعات الأولى من صباح 6 أكتوبر 1973، لم تقم القيادة العليا للجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية بتقييم أن الحرب الشاملة كانت على وشك أن تبدأ، وأنه عندما اتضح أن الحرب ستندلع افترضت قيادة العدو أنها لن تندلع إلا في الساعة 18.00، بعكس ما حدث حيث اندلعت في الساعة الثانية ظهرا.

ووضعت اللجنة المسؤولية عن هذه التقييمات الخاطئة على عاتق مدير الاستخبارات العسكرية وعلى مساعده الرئيسي المسؤول عن إدارة الأبحاث في فرع الاستخبارات في جيش الاحتلال، موضحة أنهم فشلوا في ذلك لأنهم لم يزودوا الجيش بالقدر الكافي من التحذير، فحينها أبلغ مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية باحتمال اندلاع الحرب في الساعة السادسة مساءً على الجبهتين، ولم تتم تعبئة الاحتياطيات بطريقة منظمة، وفقا لاعترافات اللجنة.

وقالت اللجنة إنه كان الخطأ الإضافي المتمثل في أربع ساعات، بين الساعة السادسة مساءً والساعة الثانية ظهراً، سبباً في تقليص الفاصل الزمني بين استدعاء الاحتياطيات وفتح النيران وبدء الحرب من قبل الجيش المصري، وهو  ما تسبب في مزيد من الاضطرابات في استعداد القوات الإسرائيلية على الجبهات وانتشارها الصحيح، وخاصة على جبهة القناة.

ووفقا لما توصلت إليه اللجنة، فكان مدير الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي يؤكد أنه سيكون قادرًا على إعطاء تحذير مسبق عن أي نية لشن مصر حرب شاملة في الوقت المناسب للسماح باستدعاء الاحتياطيات بشكل منظم، وأنهم فسروا انتشار القوات على طول الخطوط الأمامية في ساحة المعركة، بأنه كان انتشارا دفاعيا في سوريا وإجراء تدريب متعدد الأسلحة في مصر، وأنها مناورات لا تعني الاستعداد للحرب.

وكان العدو الإسرائيلي على يقين، بأن احتمال لجوء مصر للحرب هو "احتمال ضئيل" وحتى "أقل من ضئيل"، وأن مصر لن تحارب إلا بعد أن تكون متفوقة من ناحية القوات الجوية، وفقا لما توصلت إليه اللجنة، ولم يكتشف العدو الإسرائيلي موعد اندلاع الحرب إلى في نفس اليوم، معترفين أنه كان ينبغي لرئيس الأركان أن يوصي بالتعبئة الجزئية للقوات البرية في بداية الأسبوع الذي سبق الحرب.

صدرت نتائج اللجنة في يناير 1975، وكانت تقريرًا من 1500 صفحة تم اعتبار 1458 صفحة منها سرية، وأدت النتائج التي توصلت إليها لجنة أجرانات إلى استقالة رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، ووزير الدفاع موشيه ديان، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي دافيد إلعازار.