تبرز تساؤلات ملحة حول سبب فشل الاستخبارات الإسرائيلية في توقع الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أدى إلى تصعيد عسكري واسع في لبنان وعلى جبهات أخرى ، فيما تُظهر التطورات الأخيرة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورؤساء الاستخبارات في البلاد يتبادلون الاتهامات، كل منهم يحاول تبرئة نفسه من المسؤولية عن عدم الاستعداد الكافي.
وأفاد مقال تحليلي على موقع "ووار أون ذا راك" الأمريكي اليوم الجمعة أن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" قد أصدرت أربعة تحذيرات على الأقل بين شهري مارس ويوليو 2023، تضمنت رسالتين مباشرتين من العميد أميت ساعر رئيس قسم لواء الأبحاث في الشعبة (استقال في وقت لاحق) ، أكدت على احتمالية تصعيد الوضع في الساحة الفلسطينية، مشيرةً إلى حماس كجهة تهديد رئيسية.
وفي يوليو 2023، حذر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار، نتنياهو بشكل صريح من أن "الحرب قادمة"، استنادًا إلى تقديراته بأن "محور المقاومة" — الذي يضم إيران وحماس وحزب الله — يرى إسرائيل كدولة ضعيفة. ومع ذلك، ينفي معسكر نتنياهو تلقيه تحذيرات دقيقة بشأن غزة، ويؤكد أن رؤساء الاستخبارات فشلوا في تقديم إشارات واضحة حول الهجوم المحتمل.
ووفقا للموقع الأمريكي ، فإنه لفهم هذه الإخفاقات، يتطلب الأمر النظر في الأنواع المختلفة من التحذيرات الاستخباراتية: التكتيكية والتشغيلية والاستراتيجية. وكل نوع يتطلب استجابة مختلفة من القادة السياسيين والعسكريين. ويشير الهجوم في 7 أكتوبر إلى إخفاقات واضحة في جميع هذه الأنواع.
أما بالنسبة لفشل التحذير التكتيكي، ففي الأيام التي سبقت الهجوم، كان هناك نقص حاد في التحذيرات التكتيكية، التي يجب أن تكون محددة وواضحة. وعلى الرغم من الاجتماعات العاجلة بين كبار العسكريين ومسؤولي الاستخبارات، لم يتم إصدار تحذير نهائي، مما جعل الفرصة لتفادي الهجوم تضيع.
وعن الإخفاقات التشغيلية، كان من المتوقع أن تصدر الاستخبارات الإسرائيلية تحذيرًا تشغيليًا في وقت مبكر، حيث كانت لديها معلومات واضحة عن خطط حماس. لكن المعلومات لم تُعطَ للأطراف المعنية، مما أضعف استعداد القيادة الجنوبية.
وأخيرا الإخفاقات الاستراتيجية، فلقد كان ينبغي على الاستخبارات أن تعي التحول في أساليب حماس، التي انتقلت من الصراعات المحدودة إلى الهجمات الشاملة. ومع ذلك، لم تُترجم التحذيرات العامة عن احتمالية الحرب إلى استعدادات فعلية لمواجهة هجوم قادم من غزة.
وأشار الموقع إلى أنه رغم إخفاقات الاستخبارات، لا يمكن لنتنياهو التنصل من المسؤولية. فقد تلقى سلسلة من التحذيرات الاستراتيجية التي كانت تستند إلى معلومات موثوقة. ففي تصريحات سابقة، وصف نتنياهو هذه التحذيرات بأنها "مبالغ فيها"، مما يظهر تجاهله للخطر.
ويشير بعض المحللين إلى أن نتنياهو كان يؤمن بأن حماس قد تم ردعها نتيجة الضغوط العسكرية السابقة. لكن هذه القناعة أثبتت عدم صحتها، حيث أظهرت الأحداث عكس ذلك تمامًا.
وتتجاوز التوترات بين نتنياهو والقيادات الاستخباراتية الاختلافات المهنية، إذ تعكس أيضًا انقسامات سياسية أوسع في إسرائيل.
وذكر الموقع أنه مع تصاعد التوترات العسكرية في لبنان، فإن الحاجة لإزالة الحسابات السياسية من النقاشات الاستخباراتية أصبحت ملحة. ويشير الخبراء إلى أن فشل الاستخبارات في تقدير المخاطر يستدعي إجراء تحقيق خارجي شامل وحيادي، وستساعد هذه الخطوة على تحديد مشكلات الهيكلية في الاستخبارات، وتعزيز التنسيق بين الأجهزة المختلفة، مما يضمن استعدادًا أفضل لمواجهة التهديدات المستقبلية.
وكان تقرير منفصل لصحيفة واشنطن بوست، قد أفاد أن أفراد وحدة مراقبة حدودية إسرائيلية، مكونة بالكامل من النساء، قد حذرن من زيادة الأنشطة العسكرية لحماس، لكن تحذيراتهن قوبلت بالتجاهل.