الجمعة 4 اكتوبر 2024

اكتشاف مقابر ملكية وعربات حربية بالهند

صورة جوية لموقع الدراسة تظهر خنادق محفورة

ثقافة4-10-2024 | 18:02

إسلام علي

اكتشاف العلماء مقابر ملكية وعربات حربية في سيناولي، بولاية أوتار براديش، الهند، في عام 2018، أحدث ثورة في المعرفة الأثرية حول الثقافات القديمة في المنطقة.

يشمل الاكتشاف دفنات ملكية مصحوبة بعربات حربية وأسلحة وأغراض طقسية، وقد قام الباحثون مؤخرًا بتأريخ هذه الاكتشافات إلى حوالي 4000 سنة قبل الحاضر، أي نحو 2000 قبل الميلاد.

 

الموقع الأثري وأهمية سيناولي

يقع الموقع الأثري في سيناولي في وادي نهر الغانج الخصيب، في منطقة باغبات، ومنذ عام 2005، خضع الموقع لعمليات حفر أثرية كشفت عن وجود مقبرة تحتوي على أكثر من 100 جثة، بعضها يعود لأشخاص من ذوي المكانة العالية، ربما كانوا محاربين أو قادة.

 

ومن بين الاكتشافات، تبرز ثلاث عربات حربية كاملة، وأسلحة مثل السيوف والخناجر، وخوذ نحاسية، وتشكيلة مذهلة من القطع النحاسية، والفخار، وبقايا عضوية.

 

ثقافة الفخار الملون بالأوكر

تقع سيناولي في منطقة معروفة بأهميتها التاريخية داخل شبه القارة الهندية، فوفقًا للدراسات التي أجريت، تعود الاكتشافات في سيناولي إلى ثقافة الفخار الملون بالأوكر، وهي حضارة ازدهرت في المنطقة التي يلتقي فيها نهرا الغانج واليامونا، بين 2000 و1500 قبل الميلاد، في فترة معاصرة تقريبًا لمرحلة متأخرة من حضارة وادي السند.

 

تشتهر هذه الثقافة بأدواتها النحاسية والفخار المميز، مما يعكس درجة عالية من التطور التكنولوجي والحرفي.

 

 

أهمية العربات الحربية المكتشفة

وتمتلك العربات الحربية في سيناولي أهمية خاصة، حيث يضع هذه الثقافة في مصاف الحضارات المعاصرة، مثل تلك الموجودة في بلاد ما بين النهرين واليونان، حيث تم توثيق استخدام العربات بالفعل.

 

كانت العربات المكتشفة في سيناولي مزينة بزخارف هندسية من النحاس، بما في ذلك مثلثات مرتبة على أذرع العجلات، مما يشير إلى أن هذه العربات لم تكن فقط عملية، بل كانت أيضًا رموزًا للمكانة والقوة.

 

خصائص المقابر المكتشفة في سيناولي

تم العثور على أنواع مختلفة من الدفن في الموقع، بما في ذلك الدفنات الأولية والثانوية والرمزية، وتحتوي الدفنات الأولية على أجساد كاملة في وضعية ممتدة، بينما تحتوي الدفنات الثانوية على بقايا هيكلية تعرضت للعوامل الطبيعية.

 

أما الدفنات الرمزية، فلا تحتوي على بقايا بشرية، بل تشمل بقايا حيوانية، مثل الكلاب والطيور، مما يشير إلى أهمية هذه الحيوانات في الطقوس الجنائزية أو في الحياة اليومية للسكان القدماء.

 

التكنولوجيا والطقوس الجنائزية في سيناولي

واحدة من أكثر الاكتشافات إثارة للدهشة، هي دفنة ملكية تحتوي على تابوت خشبي مزين بأشكال بشرية نحاسية، جميعهم يرتدون خوذات بقرون مزدوجة وأوراق التين المقدس، وهي نبات ذو دلالة رمزية كبيرة في الدين والثقافة الهندية.

 

في هذه الدفنة نفسها، تم العثور على عربتين كاملتين، وخوذة، وعصوين نحاسيتين مزخرفتين، وسوط مزين، وخرز من الذهب والحجر الصابوني، وعدة قطع فخارية، كل هذا يشير إلى أن الشخص المدفون في هذا القبر كان شخصية ذات مرتبة عالية، ربما قائدًا أو زعيمًا عسكريًا.

 

سمحت التكنولوجيا والطقوس الجنائزية للتحليلات النظيرية للمواد العضوية المستخرجة من الموقع للعلماء بتحديد تواريخ دقيقة للدفنات، وتبين أنها وقعت قبل حوالي 4000 عام.

 

الأهمية الثقافية لاكتشاف العربات الحربية

أكدت تواريخ الكربون المشع لبقايا الخشب من التوابيت والعربات، وكذلك البقايا العضوية الموجودة في الأوعية الجنائزية، هذا التأريخ، مما وضع ثقافة سيناولي في فترة انتقالية بين العصر النحاسي والعصر البرونزي في المنطقة.

شملت الطقوس الجنائزية وضع أغراض طقسية مثل الأوعية والأسلحة والخرز بجانب الأجساد، كما تم العثور على انطباعات نسيجية على بعض التوابيت، حيث كانت الأجساد ملفوفة أو مغطاة بالقماش قبل دفنها، وهي ممارسة شائعة في العديد من الثقافات القديمة.

 

بالإضافة إلى العربات والأسلحة، استعاد علماء الآثار بقايا طعام في الأوعية الجنائزية، مما كشف أن تقديم الطعام كان جزءًا أساسيًا من الطقوس الجنائزية. ومن بين البقايا التي تم العثور عليها كانت هناك بقايا أرز محترق وبذور بقوليات، وهي جزء من النظام الغذائي للسكان القدماء في المنطقة.

 

ويعد اكتشاف العربات الحربية في سيناولي ذو أهمية كبيرة، حيث يضع هذه الثقافة في سياق عالمي للحضارات التي استخدمت العربات كجزء من تقنياتها العسكرية، وحتى الآن، لم يتم العثور على أدلة لعربات حربية تعود إلى هذه الفترة المبكرة في الهند، ويشير هذا الاكتشاف إلى أن سكان سيناولي كانوا منظمين عسكريًا جيدًا واستخدموا تقنيات متقدمة بالنسبة لعصرهم.

 

مقارنة ثقافة الفخار الملون بالأوكر مع الحضارات الأخرى

يوفر هذا الاكتشاف أيضًا منظورًا جديدًا حول العلاقة بين ثقافة الفخار الملون بالأوكر والحضارات المعاصرة الأخرى، مثل حضارة وادي السند وحضارات بلاد ما بين النهرين ومصر.

 

تشير وجود العربات الحربية والأسلحة النحاسية والطقوس الجنائزية المتطورة في سيناولي إلى أن ثقافة الفخار الملون بالأوكر كانت أكثر تقدمًا مما كان يُعتقد سابقًا، وربما كانت لديها علاقات تجارية وثقافية مع حضارات أخرى في آسيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، ولعبت دورًا أكثر أهمية في التاريخ القديم للهند مما كان يعتقد سابقًا، وذلك طبقا لما ذكره موقع labrujulaverde.

الاكثر قراءة