الجمعة 4 اكتوبر 2024

قبور متداخلة توثق الروابط العائلية والهوية في مجتمع بيسينزيو بإيطاليا

إحدى التوابيت المكتشفة

ثقافة4-10-2024 | 18:20

إسلام علي

يقدم مشروع "بيسينزيو" نافذة جديدة على ماضي الموقع الأثري في بيسينزيو، ويعد ذلك المشروع مبادرة دولية متعددة التخصصات.

ويقود هذه المبادرة أندريا بابي، الباحث في معهد العلوم التراثية التابع للمجلس الوطني للبحوث في إيطاليا والمتعاون منذ فترة طويلة مع مركز لايبنيتز للآثار في ماينز، وقد فتح هذا المشروع رؤى أساسية حول المجتمع الذي عاش في هذه المنطقة خلال العصر الحديدي.

يقع الموقع على جبل بيسينزو بالقرب من بحيرة بولسينا في إيطاليا، وقد أثبت أنه مركز أرستقراطي مهم ازدهر خلال الفترات الشرقية والعتيقة "القرن السابع والسادس قبل الميلاد"، مما يتناقض مع النظريات السابقة التي اعتبرته مستوطنة أقل أهمية في ذلك الوقت.

أدت الحملة البحثية الأخيرة التي تم تنفيذها في عام 2024 إلى اكتشاف مقبرة نجت من اللصوص، وهو حدث نادر نظرًا للضرر الذي تسببه هذه الأعمال في مواقع أخرى.

اكتشف فريق البحث العديد من القبور التي يرجع تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد وحتى أواخر القرن السادس قبل الميلاد، وكان من بين هذه المجموعة الجنائزية اهتمام خاص بمجموعة من القبور الواقعة في منطقة محمية بجزء من سور حجري محفوظ جزئياً.

يُعتقد أن هذه القبور تعود إلى عائلة نبيلة، بناءً على اكتشاف تابوت حجري كبير والأدوات الجنائزية الغنية التي رافقته، وهو ما يشير بوضوح إلى الاحترام والتقدير الذي يكنه أفراد الأسرة لأسلافهم.

ومن بين الأشياء التي وجدت خارج التابوت، تبرز "سيتيولا" برونزية " وهي إناء احتفالي تم استردادها بعناية وترميمها من قبل فريق من المرممين. 

ويُعتبر هذا الاكتشاف ذا أهمية كبيرة بسبب حالته الجيدة وأهميته الطقسية، حيث كانت هذه الأوعية تُستخدم في الاحتفالات رفيعة المستوى، مما يعزز فرضية أن الأفراد المدفونين هنا ينتمون إلى طبقة اجتماعية عليا.

وكان التابوت ذو أهمية خاصة، بسبب مادة صنعة التي كانت من حجر التوف، مغلقاً بالكامل، وداخل التابوت اكتشف علماء الآثار هيكلًا عظميًا بشريًا محفوظًا تمامًا، يمثل هذا حالة نادرة، حيث إن الظروف البيئية عادة ما تؤدي إلى تحلل بقايا البشر على مر القرون.

بفضل هذا الحفظ الفريد، يمكن للخبراء الآن إجراء سلسلة من التحليلات العظمية والأيزوتوبية والجينومية على الهيكل العظمي، وذلك سوف يساعد في إعادة بناء التاريخ الفردي للشخص المدفون في هذا التابوت، الذي كان على الأرجح شخصية مهمة في تخطيط وبناء البنية التحتية الضخمة التي تم اكتشافها مؤخرًا في المنطقة، مما يسلط الضوء على صعود مجتمع بيسينزيو في ذلك الوقت.

اكتشاف هذه القبور، المرتبة بطريقة تشير إلى روابط عائلية وثيقة بين الأفراد المدفونين، يوفر أدلة جديدة حول التنظيم الاجتماعي في بيسينزيو، وتشير القبور المتداخلة جزئيًا إلى أن الهوية الأسرية ولعبت دورًا رئيسيًا في كيفية تنظيم وتذكر المتوفين.

وفرت هذه التحقيقات بيانات جديدة حول التجارة والعلاقات السياسية والروابط الثقافية بين بيسينزيو والمناطق الأخرى من البحر الأبيض المتوسط خلال القرنين السابع والسادس قبل الميلاد. 
وتشير نتائج المشروع إلى أن هذه المستوطنة لم تكن معزولة، بل كانت تشارك بنشاط في شبكات التبادل طويلة المدى، مما يساهم في فهم أفضل لتطور المجتمعات قبل الرومانية في إيطاليا، وذلك طبقا لما ذكره موقع labrujulaverde.

 

الاكثر قراءة