51 عاما مرت على انتصارات حرب أكتوبر 1973، والتي سطرت ملاحم من بطولة الشعب المصري والجيش، لاسترداد الأرض وتحرير سيناء، فكما كانت بورسعيد المدينة الباسلة عامل من عوامل هزيمة العدوان الثلاثي عام 1956، كانت السويس محطة لواحدة من البطولات في حرب أكتوبر 1973، فرغم الحصار الإسرائيلي وغلق المدينة، إلا أنها تصدت للعدو وكانت شاهدة على آخر معركة كبرى في حرب أكتوبر المجيدة.
معركة السويس في حرب أكتوبر 1973
سجل يومي 24 و25 أكتوبر 1973 ملحمة بطولة لأهل السويس، يحتفلون بها كل عام كعيد قومي للمحافظة، حيث تعد هذه الملحمة آخر معارك حرب أكتوبر المجيدة، قبل وصول مراقبى الأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار الصادر في 23 أكتوبر 1973، وهو اليوم الذي شهد قرار العدو باقتحام السويس، باعتبارها ضعيفة الدفاعات، وكلف العدو لواء مدرع وكتيبة مشاة من لواء المظليين بدخول السويس، بهدف قطع الإمدادات عن الجيش الثالث الميداني.
دخلت القوات الإسرائيلية مدينة السويس دون وجود خطة للمعركة، حينما دخل لواءين إسرائيليين على مشارف المدينة، مع كتيبة واحدة من المظليين إلا أنهم تعرضوا لكمين أسفر عن خسائر فادحة حيث فوجئت قوات المظليين لنيران كثيفة، وحصار داخل المباني المحلية بالمدينة، رغم أن المدينة لم تكن تمتلك سوى الأسلحة الصغيرة والبنادق الهجومية، فيما كان عدد القوات المصرية داخل السويس ما يقرب من 5 آلاف رجل.
لتبدأ معركة تصدت فيها المقاومة لجيش العدو، حيث قرر العميد أركان حرب يوسف عفيفي، قائد الفرقة 19 مشاة شرق القناة، دعم المدينة بالصواريخ المضادة بالدروع ومجموعات صائدي الدبابات، فعندما تقدمت الوحدات الإسرائيلية في اتجاه حى الأربعين بالمدينة، تصدّت لها مجموعة الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، كذلك عناصر المقاومة الشعبية، فأصيبت الدبابات الإسرائيلية، وتم تدمير أكثر من تسع دبابات.
وكان من أبطال عناصر المقاومة الشعبية في تلك المعركة محمود عواد، الذي أطلق قذائف RPJ ضد الدبابات المتقدمة، ومعه زميلاه إبراهيم سليمان ورفيقه محمد سرحان، وذلك عندما وصلت الكتيبة الإسرائيلية إلى مفترق طرق في حي الأربعين، حيث أطلق محمود عواد، قذيفتين آر بي جي على الدبابة الأمامية، واحدة تسببت في أضرار سطحية، وبعد من ذلك، جهزت المقاومة كميناً آخر، بينما كان بطل المقاومة الشعبية إبراهيم سليمان يتمركز في مخبأ بين سينما رويال وسينما مصر، حيث طلب من رفيقه محمد سرحان أن يعد له قذيفة آر بي جي، ليطلقها من مسافة 12 متر، فأصاب قرص الدبابة فانفجرت ومال مدفعها إلى الأرض، بعد لحظات، أطلق محمد سرحان قذيفة آر بي جي أخرى على ناقلة الجنود المدرعة التي تحمل المظليين التي كانت خلف الدبابة الأولى، فاشتعلت فيها النيران.
وفي غضون دقائق، قتل عشرين من أصل أربعة وعشرين من قادة الدبابات الإسرائيلية، وبينما حاولت قوات العدو القفز من تلك الدبابات والاختباء في أماكن أخرى، حاولوا دخول سينما رويال، ولكن تم تصفيتهم عند المدخل، حيث باغتهم رجال المقاومة الشعبية في السويس والجيش الثالث، ما أجبر عناصر المظلين الإسرائيليين على التراجع.
ومع محاولتهم الاحتماء داخل قسم الأربعين، حاصرهم رجال المقاومة داخل القسم، ودارت الاشتباكات بين الجانبين، فيما حاولت أربع دبابات الهروب من وراء مسجد سيدي الأربعين، ولكن كمين نصبه جنود من الفرقة 19 مشاة، اضطرهم للتراجع، وخسر العدو، حتى صدرت الأوامر من الجيش الإسرائيلي لقواته بالانسحاب، وهو ما حدث في فجر يوم 25 أكتوبر، بعدما تكبدوا خسائر تقدر بـ80 قتيلًا و120 جريحًا.
حاول الإسرائيليين مرتين بعد ذلك اقتحام المدينة، الأولى 25 أكتوبر، والثانية 28 أكتوبر ولكن تم صدهم، حيث بدأ سريان قرار وقف إطلاق النار، وفي 28 أكتوبر وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار.