الأحد 6 اكتوبر 2024

نصر أكتوبر وقيمة الدولة

مقالات6-10-2024 | 12:55

في ظل ما تشهده منطقتنا اليوم من اضطرابات وصراعات تبرز خطورة التحرك بعيداً عن الدولة بشكل جلي إذ تتزايد الفوضى والانقسامات مع تراجع دور المؤسسات الوطنية والمنطقة أصبحت ساحة للصراعات المسلحة وتفشت التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة التي تستغل غياب الدولة أو ضعفها لفرض سيطرتها وهذه الأحداث تؤكد أن الابتعاد عن الدولة لا يهدد فقط أمن المجتمعات بل يعرض الهوية الوطنية للخطر ويفتح الباب أمام التدخلات الخارجية التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار.

ونحن اليوم نعيش في ظلال دولة تحمينا وترعانا وتنظم حياتنا بأشكال لا تعد ولا تحصى ومن الصعب تخيل حياتنا اليومية بدون هذه الرعاية التي توفرها المؤسسات الوطنية للدولة إلا أن هناك من يغفل عن هذه الحقائق ويتحرك بعيداً عن الدولة إما بدافع من الشعور الفردي بالاستقلال أو تأثراً بأفكار مضللة لكن التحرك بعيداً عن الدولة لا يجلب سوى الفوضى والانهيار فالدولة هي الحضن الذي يجمعنا جميعاً وإضعافها أو الابتعاد عنها يفتح الأبواب أمام الفوضى والضياع والانهيار.

إن الدولة ليست مجرد نظام سياسي أو مجموعة قوانين إنها الكيان الذي يضمن الأمن والأمان لأفراد المجتمع وعندما نبتعد عن الدولة ونسمح بانتشار الأفكار التي تدعو إلى تهميشها أو إضعافها نفقد شيئا أساسيا في حياتنا وهو الأمان وما من إنسان يمكنه أن يعيش في سلام وسط الفوضى والاضطراب فالدولة بقوانينها ومؤسساتها الأمنية تضمن لنا السلام والطمأنينة وتحمينا من الأخطار سواء كانت داخلية أو خارجية.

كما أن الابتعاد عن الدولة يهدد النظام الاجتماعي بأسره ففي غيابها أو ضعفها يصبح المجتمع مفتقرا إلى قوانين تحمي حقوق الأفراد وتنظم حياتهم وتتدهور القيم والمبادئ التي تقوم عليها المجتمعات المتماسكة ويصبح الأفراد ضحية للفوضى وتنهار العلاقات الاجتماعية وتصبح العدالة حكرا على الأقوى فيما يختفي القانون ويحل مكانه قانون الغاب حيث يسود الظلم والفساد ومن دون الدولة أيضا لا يوجد استقرار اقتصادي.

فتتعطل عجلة الاقتصاد وتتفاقم البطالة ويعاني الجميع من تدهور الأحوال المعيشية فالدولة هي من تنظم الأسواق وتحمي الاستثمارات وتدير الموارد والابتعاد عنها يعني انهيار الاقتصاد الذي هو شريان حياة المجتمع.

أما الأخطر فإن الدولة تمثل الهوية الوطنية والانتماء وهي التي تجمع الناس تحت راية واحدة وتزرع فيهم شعور الفخر والولاء للوطن والتحرك بعيداً عنها يؤدي إلى تفكك الهوية الوطنية ويضعف الشعور بالانتماء والأجيال الجديدة ستنشأ بلا هوية ولا تاريخ وستكون عرضة للتأثيرات السلبية التي تزرع الفتنة والفرقة ونصبح أكثر عرضة للتهديدات الخارجية والتنظيمات المتطرفة والإرهابية تجد بيئة خصبة في غياب الدولة وضعفها فتصبح المجتمعات المتفرقة والمشتتة أهدافا سهلة لأعداء الوطن الذين يسعون إلى تدميره.

إن التحرك بعيداً عن الدولة ليس مجرد فكرة مضللة بل هو خطر حقيقي يهدد وجود المجتمع بأسره والدولة هي العمود الفقري الذي يقوم عليه كياننا وهي الحامي الأول لنا ولحقوقنا ولا يجب أن ننساق خلف الأفكار التي تدعو إلى إضعاف الدولة أو تجاوزها ولننظر بأعيننا حولنا ونرى ما هي نتائج غياب الدولة وعلينا أن ندرك أن قوتنا تكمن في تماسكنا وولائنا لوطننا والابتعاد عن الدولة يعني خسارة كل ما حققناه من استقرار وتقدم وهو الطريق المؤدي إلى الفوضى والدمار.

ولنقرأ التاريخ فقد كان نصر أكتوبر 1973 تجسيدا حيا لوحدة المصريين خلف دولتهم وجيشهم وما نراه اليوم في منطقتنا من تفكك وصراعات يعزز أهمية التمسك بالدولة ومؤسساتها ففي أكتوبر نجح الجيش المصري في استعادة الكرامة الوطنية بفضل التخطيط المحكم والتعاون الوثيق بين جميع فئات المجتمع والدولة وكان النصر بلا شك نتيجة واضحة لتكاتف الشعب خلف قيادته وجيشه وتجاوز الخلافات من أجل هدف مشترك وليحفظ الله مصر مرفوعة الراية في بهاء وكرامة.. إن نصر أكتوبر هو الدرس التاريخي الذي يؤكد أن الدولة القوية والمستقرة عندما تحظى بدعم شعبها تكون قادرة على تحقيق المستحيل والتصدي لأكبر التحديات.

الاكثر قراءة