قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الجندي إن مسابقة (مئذنة الأزهر الشريف للشِّعر العربي) تعد أعظم مثالًا على ترقِّي الأزهر لمعارج بناء العقول المبدعة، واستخدام الأدوات كافة التي تستدعيها صناعة سفير أزهري يتوجه إلى وطنه شاعرًا مبدعًا بلسان عربي مبين، وذاكرة تفتح للتفكير كل مغالق المصطلحات والعبارات المبهمة.
جاء ذلك في كلمة أمين عام مجمع البحوث الإسلامية خلال حفل تكريم أوائل الفائزين في مسابقة "مئذنة الأزهر الشريف للشِّعر العربي" في موسمها الرابع بمركز الأزهر للمؤتمرات.
وأضاف الجندي أنه قد تخرج الشعراء من أروقة الأزهر الشريف مثل العلَّامة الإمام الأكبر عبدالله الشبراوي، وكان شاعرًا متميزًا يستغل مواهبه الشعرية في نَظم بعض العلوم لتسهيل حفظها على الطلاب؛ مثل: نَظمه متونًا في علم النحو، ومِن مؤلفاته في الشعر: ديوان (مفاتيح الألطاف في مدائح الأشراف)، و(نزهة الأبصار في رقائق الأشعار)، و(نظم بحور الشعر وأجزائها).
وأوضح أن من بين الشعراء الذين تخرَّجوا في الأزهر، الشاعر الكبير فضيلة الشيخ محمد محمد مسعود الزليتني، وفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، وله قصيدة في تحية الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي، مشيرًا إلى أنه لم ينقطع سند الشعراء؛ فمنهم الآن فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم وهو صاحب ديوان "بديع".
وتابع أنه انطلاقًا من أروقة الأزهر الشريف التي تشبَّعت أركانها من عطاءات هذه القامات الفائقة، تمدَّدت تفريعات أزهرية من سفراء الأزهر على أصول ثابتة، ومِن أمثلة ثمارها: الفائزون في هذه الفعالية الشعرية المثالية، التي تعد رافدًا لاستقطاب أبنائنا وبناتنا من الوافدين نحو قِبلة العلم وحصن الثقافة الآمن "الأزهرِ الشريف"، وعلى أساس معارفه المنعوتة بالوسطية تتكون شخصية سفرائه وتتشكل هويتهم، فيمثلون الأزهر ظاهرًا وباطنًا بهيبته وهيئته، ورابط ذلك حرف اللغة العربية الذي يوحد الفكرة والنبرة بما يطابق بصمة الصوت الأزهرية بكل شرائطها الفكرية.
ولفت إلى أنه مما تمخض عن مسابقة "مئذنة الأزهر للشعر العربي"، صناعة تذوق الشعر بمعنى يجسد لحنًا موزونًا مطابقًا لرسم غايته ومضمونه؛ كالمرآة حين تعكس صور الأشياء، فتارة يحكي الشعر قصة السلام والحرب، وتارة يحكي قصة الفرح والحزن والسعادة، وتارة قصة الانتصار والهزيمة، وفي ثناياه ترجمة لكل الأحاسيس العصيَّة على البوح والتصريح.
وقال "لقد علَّمنا الأزهر الشريف أن الشعر موهبة لصقل كل منحة إلهية، وأنه مناجاة الروح للروح، وصناعة لغوية للتعبير عن ذواتنا وإنسانيتنا وأحلامنا التائهة، وأنه فضفضة لما تكنّه النفس من أسرار ومعضلات".
واستطرد الدكتور الجندي أن صوغ الشعر جزء من الأحلام، واحترام لذكاء القراء وأذواقهم، وأن مصادر الفكرة في الشعر متعددة، تنعكس عن إلهام يغذيه شلال يتدفق من مشاعر الإنسان، شلَّال يحدث تفاعلًا بين المشاعر والحدث، بين عناصر الطبيعة وعناصر الإنسان وعناصر اللغة، ولا ريب في أن بستان الشعر العربي يفوح عطرًا أخاذًا منسوجًا بأروع الصور البيانية الجميلة والفواحة، ولا يتورع المرء منا عن قطف زهرة منه كلما سنحت له الفرصة لذلك؛ ليستمتع بجمال تلك الزهرة وعبيرها الفواح.
وقدم شكره للدكتورة نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر ورئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب؛ على هذه الهمّة العالية في صناعة ليس فقط متعلمين للغة العربية بل في صناعة شعراء مبدعين من أبنائنا الطلاب الوافدين سفراء الأزهر الشريف.
وأكد أن هذا التكريم لأوائل الفائزين في مسابقة "مئذنة الأزهر الشريف للشِّعر العربي" في موسمها الرابع خير شاهد ودليل.