الثلاثاء 8 اكتوبر 2024

التوصل إلى سر الإرتفاع المتواصل لجبل إفرست

جبل إفرست

ثقافة7-10-2024 | 23:12

إسلام علي

يعد جبل إيفرست هو أعلى قمة على سطح الأرض، حيث يبلغ ارتفاعه 5.5 ميل "8.85 كيلومتر" فوق مستوى سطح البحر، ويواصل النمو حتى الآن.

وطبقا لما ذكره موقع reuters، تواصل جبال الهيمالايا ارتفاعها المستمر منذ نشأتها قبل حوالي 50 مليون عام نتيجة اصطدام شبه القارة الهندية بأوراسيا، لكن جبل إيفرست ينمو بشكل أكبر مما كان متوقعًا، والسبب في ذلك يتعلق باندماج كبير لنظامين نهريين قريبين.

 

جبل إفريست يرتفع كل عام

قدّر الباحثون أن ارتفاع جبل إيفرست زاد بمقدار 15 إلى 50 متراً نتيجة لهذا التغيير في نظام الأنهار الإقليمية، حيث اندمج نهر كوسي مع نهر أرون قبل نحو 89 ألف عام، وهذا يعني أن معدل الارتفاع يتراوح بين 0.01 إلى 0.02 بوصة "0.2 إلى 0.5 مليمتر" سنويًا.

 

تشير الدراسات إلى أن العملية الجيولوجية المسؤولة عن ذلك تعرف باسم "الارتداد المتوازن"، التي تتضمن ارتفاع كتل اليابسة على القشرة الأرضية عند انخفاض وزن السطح، القشرة، الطبقة الخارجية للأرض، تطفو فوق طبقة الوشاح المكونة من صخور شبه سائلة.

 

في هذه الحالة، أدى اندماج النهرين، حيث استولى نهر كوسي على نهر أرون مع تغير مجرى النهرين بمرور الزمن، إلى تسارع التآكل الذي نقل كميات هائلة من الصخور والتربة، مما خفّف الوزن في المنطقة القريبة من إيفرست.

قال عالم الجيولوجيا جين داي من جامعة الصين لعلوم الأرض في بكين، وهو أحد قادة الدراسة المنشورة في مجلة نيتشر جيوساينس: يمكن تشبيه الارتداد المتوازن بجسم عائم يعدل موضعه عند إزالة وزنه.

وأضاف داي: عندما يُزال حمولة ثقيلة، مثل الجليد أو الصخور المتآكلة، من قشرة الأرض، ترتفع الأرض تحتها ببطء، تمامًا كما يرتفع القارب في الماء عند تفريغ البضائع"، يقع النظام المندمج للنهر على بعد حوالي 28 ميلاً أي 45 كم شرق إيفرست.

استخدم الباحثون نماذج رقمية لمحاكاة تطور نظام النهر، وقدّروا أن الارتداد المتوازن يساهم بحوالي 10% من معدل الارتفاع السنوي لجبل إيفرست.

وتعتبر هذه العملية الجيولوجية ليست فريدة من نوعها في جبال الهيمالايا، حيث أشار داي إلى أن الدول الإسكندنافية تشهد نفس الظاهرة، حيث لا تزال الأرض ترتفع استجابةً لذوبان الأنهار الجليدية التي غطت المنطقة خلال العصر الجليدي الأخير.

كما قال آدم سميث، طالب الدكتوراه في علوم الأرض بجامعة لندن كوليدج، إن قياسات نظام تحديد المواقع العالمي تُظهر الارتفاع المستمر لجبل إيفرست وبقية جبال الهيمالايا، متجاوزةً التآكل المستمر الناجم عن الرياح والأمطار وتدفق الأنهار، وقد يزيد معدل ارتفاع جبل إيفرست بسبب الارتداد المتوازن على الرغم من الاستمرار في التآكل.

تتأثر القمم المجاورة، مثل لوتسي وماكالو، بنفس العملية، حيث تشهد لوتسي معدل ارتفاع مشابه لجبل إيفرست، بينما تتمتع ماكالو بمعدل ارتفاع أعلى قليلًا نظرًا لقربها من نهر أرون.

وأكّد داي أن هذا البحث يبرز الطبيعة الديناميكية لكوكبنا، حيث تُظهر عمليات جيولوجية مستمرة أن حتى السمات التي تبدو ثابتة مثل جبل إيفرست تتغير، مما يذكرنا بأن الأرض في حالة تغيير دائم، وغالبًا بطرق غير ملحوظة في حياتنا اليومية.

ينقسم الجزء الخارجي للأرض إلى صفائح ضخمة تتحرك ببطء في عملية تعرف بالصفائح التكتونية، حيث تستمر جبال الهيمالايا في الارتفاع نتيجة تصادم صفحتين.

يُعرف جبل إيفرست أيضًا باسم ساجارماثا في النيبالية وتشومولونغما في التبت، وهو يقع على الحدود بين نيبال ومنطقة التبت ذاتية الحكم في الصين، وقد سُمّي بهذا الاسم تيمّنًا بجورج إيفرست، المساح البريطاني الذي عمل في الهند خلال القرن التاسع عشر.

وأكد داي: يمثل جبل إيفرست نقطة فارقة في الوعي البشري، فهو ليس فقط أعلى نقطة على وجه الأرض، بل يحمل أيضًا أهمية ثقافية كبيرة لدى مجتمعات الشيربا والتبت، ويرمز على الصعيد العالمي إلى التحدي الأقصى ورغبة البشرية في تجاوز الحدود.

ويذكر أن عمليات مشابهة لظاهرة الارتفاع الجيولوجي المعروفة ب"الارتداد المتوازن" في أماكن عدة حول العالم، وليس فقط في جبال الهيمالايا.

فلا تزال الأرض ترتفع في مناطق الدول الاسكندنافية استجابةً لذوبان الأنهار الجليدية السميكة التي غطت المنطقة خلال العصر الجليدي الأخير، وهذه العملية، التي تُعرف باسم "الارتداد الجليدي"، تستمر في التأثير على السواحل والمناظر الطبيعية حتى بعد آلاف السنين من تراجع الجليد.

جبال الألب

تشهد جبال الألب أيضًا عمليات ارتفاع مماثلة بسبب النشاط التكتوني، القشرة الأرضية هناك تتعرض لضغوط من الصفائح التكتونية المتصادمة، مما يؤدي إلى ارتفاع الجبال.

جبال الروكي

في أمريكا الشمالية، تتعرض جبال الروكي أيضًا لعمليات الارتفاع بسبب النشاط الجيولوجي، تصادم الصفائح التكتونية وتآكل الصخور يؤدي إلى تغيير في ارتفاع الجبال، فضلا عن جبال الأطلس، في المغرب، حيث تشهد عمليات ارتفاع نتيجة النشاط التكتوني والتغيرات في الأنهار المحيطة.

البراكين

قد يحدث الارتفاع أيضًا في المناطق البركانية حيث يؤدي تدفق الحمم البركانية إلى زيادة ارتفاع الأرض المحيطة.