الأربعاء 29 مايو 2024

ذكاؤه المتوقد قاده ليكون ملك القلوب سلمان بن عبدالعزيز.. دبلوماسية فن الحٌكم

1-3-2017 | 15:00

بقلم –  وليد عبد الرحمن

لعل من الصعوبة، الإحاطة بكل الجوانب اللافتة فى شخصية ملك المملكة العربية السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خادم الحرمين الشريفين، لأنه صاحب حصيلة ستة عقود من التجارب والمواقف الإنسانية والخيرية والإدارية والثقافية والتاريخية، لكن يُمكن القول أن ذكاءه المُتوقد قاده ليكون ملك القلوب.. وشخصيته اتفق الجميع على محبتها وصُنعها للسلام، بل تعدى ذلك للنطاق العالمى كى يكون مؤثرًا بالرأى العام العالمي.

فها هو سلمان الحزم، حازمًا مُخلصًا، يعمل لخدمة دينه ووطنه، مُسجلًا الكثير من المواقف المشهودة التى تؤكد حضوره القوى أمام العالم، ولعل وقوفه مباشرةً لرعاية شئون الحج، واستكمال رسالة حكومته نحو التيسير على ضيوف بيت الله الحرام من كل بقاع الدنيا، ليؤكد أهمية الرسالة التى قام ويقوم بها حكام هذه البلاد، نحو ضيوفها.

مزج خادم الحرمين الشريفين بين اشتغاله فى الحياة السياسية والإدارية، واهتمامه المتواصل بالثقافة والتاريخ والتراث، ورعايته للفكر وصلته المُباشرة برجال الصحافة والإعلام. وعلى مدى ٦٠ عامًا من عمله فى بناء الدولة السعودية، وضع الملك سلمان بصمة واضحة فى المشهد الثقافى السعودى والعربي، ليس من خلال بنائه واحتضانه للصروح الثقافية والأدبية والتاريخية الكبرى، لكن أيضًا باحتضانه تطلعات مواطنيه السعوديين واستيعاب همومهم، ومُتابعة مُناقشتهم وفتح الباب للتحاور معه.

ورث الملك سلمان، من الملك المؤسس شخصية والده، ونال حظًا موفورًا من الخصائص والمواهب، كالذكاء المتوقد، وسرعة البديهة، وقوة الإيمان، وقوة الذاكرة التى لا غنى عنها لكل قائد ناجح، ومن الخصائص المُشتركة المُهمة أيضًا مع والده، ذلك الشغف المعرفي، والنزوع إلى تحقيق تنوع ثقافى مُتعدد المصادر. فخادم الحرمين يقرأ فى الدين والتاريخ والسياسة والاقتصاد وعلم الأنساب والاجتماع، وهو صديق صدوق للكتاب فى السفر مثلما هو فى المقام، ولعل مكتبته الخاصة خير شاهد على مستوى اهتمامه بالجانب الثقافي، إذ تحتوى رفوفها على ما يزيد على ٦٠ ألف مُجلد تُغطى ١٨ ألف عنوان مُتنوع تشمل مُختلف حقول المعرفة وميادين الثقافة.

تمت مُبايعة خادم الحرمين الشريفين ملكًا للمملكة العربية السعودية فى ٢٣ يناير عام ٢٠١٥، وكان الملك سلمان قد قضى أكثر من عامين ونصف العام وليًا للعهد، ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء، إثر تعيينه فى ١٨ يونيو عام ٢٠١٢ بأمر ملكي، كما بقى حينها فى منصبه وزيرًا للدفاع وهو المنصب الذى عُين فيه فى نوفمبر ٢٠١١، وكان أميرًا لمنطقة الرياض أكثر من خمسين عامًا.

«حافظ القرآن»

ولد سلمان فى ٣١ ديسمبر ١٩٣٥ بالرياض، وهو الابن الخامس والعشرون لمؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز آل سعود، ونشأ مع إخوانه فى القصر الملكى فى الرياض، حيث كان يرافق والده فى اللقاءات الرسمية مع ملوك وحكام العالم.. تلقى تعليمه المُبكر فى مدرسة الأمراء بالرياض، حيث درس فيها العلوم الدينية والعلوم الحديثة، وختم القرآن الكريم كاملًا وهو فى سن العاشرة على يد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الله خياط.. نشأته الخاصة منذ طفولته وشبابه، جعلته أحد أهم أركان العائلة المالكة السعودية، إذ كان أمين سر العائلة، ورئيس مجلسها، والمستشار الشخصى لملوك المملكة.. وأبدى الملك سلمان منذ الصغر وفى شبابه اهتمامًا بالعلم وحصل على العديد من الشهادات الفخرية والجوائز الأكاديمية منها، الدكتوراه الفخرية من الجامعة الإسلامية فى المدينة المنورة، والدكتوراه الفخرية فى الآداب من جامعة أم القرى بمكة المكرمة، والدكتوراه الفخرية من الجامعة الملكية الإسلامية فى دلهى تقديرًا لجهوده الإنسانية الخيرية.

يهتم خادم الحرمين الشريفين بالمُثقفين دائمًا، ويدعو الملك سلمان المُثقفين لتوطيد أواصر العلاقة بموروثهم الحضاري، وفى الوقت نفسه يُحذرهم من مُحاولات التزمت والجمود، منوهًا بالخصوصية السعودية القائمة على الدين، والتى تُحافظ على مكانة البلاد باعتبارها قبلة المسلمين فى العالم.. ودعاهم دائمًا لنبذ التعصب ودعوات اللغو فى الأحاديث والمُناقشات.

«أوسمة دولية»

حمل الملك سلمان الذى ولد فى قصر الحكم بالديرة، قلب العاصمة السعودية، الذى كان مشيدا بالطين واللبن آنذاك، عددًا من الأوسمة والجوائز المختلفة طوال رحلته، من أهمها، وشاح الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى الذى يُعد أعلى وسام فى السعودية، كما حصل على وشاح العاصفة ووسامها، وذلك تقديرًا من حركة فتح الفلسطينية وقت أن كان أميرًا عام ١٩٦٩، ووسام آخر بمناسبة مرور ٢٠٠٠ عام على إنشاء مدينة باريس، ووسام الكفاءة الفكرية الذى قلده إياه ملك المغرب الراحل الحسن الثانى فى الدار البيضاء عام ١٩٨٩، ووسام البوسنة والهرسك وقام بتقليده الرئيس البوسنى الراحل على عزت بيغوفيتش فى الرياض عام ١٩٩٧، ودرع الأمم المتحدة لتقليل آثار الفقر فى العالم فى العام ذاته، ووسام القدس الذى قلده الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات فى حفل أقيم بقصر الحكم بالرياض عام ١٩٩٧، ووسام «سكتونا» الذى يعد أعلى وسام فى الفلبين.. وأيضًا قلده الرئيس الفلبينى جوزيف استرادا أثناء زيارته للفلبين عام ١٩٩٩، وذلك تقديرا لمساهمته الفعالة فى النشاطات الإنسانية، كما مُنح الملك سلمان الوسام الأكبر فى السنغال وقت أن كان أميراً، كما يحمل الملك سلمان «زمالة بادن باول الكشفية» من قبل ملك السويد كارل جوستاف السادس عشر عام ٢٠٠٨، وجائزة البحرين للعمل الإنسانى لدول مجلس التعاون الخليجى عام ٢٠٠٨.

«أمير الرياض»

تولى الملك سلمان منصب أمير منطقة الرياض، إحدى أكبر مناطق المملكة العربية السعودية وذلك فى مرحلة مهمة من تاريخ هذه المدينة، حيث تم تعيينه بداية أميرًا لمنطقة الرياض بالنيابة وهو فى التاسعة عشرة من العمر، وبعد عام واحد عُيّن حاكمًا لمنطقة الرياض وأميرًا عليها برتبة وزير، واستمر أميرًا لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود أشرف خلالها على عملية تحول المنطقة من بلدة متوسطة الحجم إلى إحدى أسرع العواصم نموًا فى العالم العربي.. وفى نوفمبر ٢٠١١ عُيّن وزيرًا للدفاع فى المملكة العربية السعودية والتى تشمل القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي، وشهدت وزارة الدفاع فى عهده تطويرًا شاملًا لقطاعات الوزارة كاملة فى التدريب والتسليح، كما أشرف بنجاح على أكبر مناورة عسكرية فى تاريخ القوات المسلحة السعودية «سيف عبد الله».. وتم تعيينه بعد ذلك نائبا لرئيس الوزراء، ثم أصبح وليا للعهد فى ١٨ يونيه ٢٠١٢، خلفا لشقيقه الراحل الأمير نايف.

«أعمال خيرية وإنسانية»

تتميز مسيرة خادم الحرمين الشريفين بصفحات كبيرة من العطاء فى مجالات العمل الخيرى والاجتماعى والإنسانى داخل المملكة وخارجها، منحته عن جدارة واستحقاق لقب «أمير الإنسانية»، عرفانًا بجهوده التى وثقتها صور ولقطات فريدة فى العطف والحنو على الأيتام والمرضى والفقراء والمُتضررين من الحوادث والكوارث، والمُبادرة لمد يد العون والعطاء لكل من يحتاجها من هذه الفئات.. وامتدت عطاءات خادم الحرمين فى كافة ميادين العمل الاجتماعى والإنسانى لعقود عديدة، وذلك من خلال رئاسته للعديد من المؤسسات الخيرية والاجتماعية والتى تُقدم خدماتها لفئات كثيرة من أبناء المجتمع السعودي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، جمعية «البر» بالرياض، و«لجنة أصدقاء المرضى»، و«مركز الأمير سلمان الاجتماعي»، و«مؤسسة عبد العزيز بن باز الخيرية». فضلًا عن رئاسة مجلس إدارة العديد من اللجان الإنسانية والخدماتية التى تولت مسئوليات أعمال الدعم والإغاثة فى العديد من المناطق المنكوبة حول العالم، سواء المناطق المتضررة بالحروب أو بالكوارث الطبيعية.. كما قام خادم الحرمين الشريفين بتأسيس مركز «الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» لإغاثة المُجتمعات التى تُعانى من الكوارث ورفع مُعاناتها. وصدرت توجيهات الملك سلمان فى نوفمبر عام ٢٠١٥ بالتبرع بمبلغ ٥٠٠ ألف دولار باسم السعودية لدعم البرامج التنموية لمشروع «منصة الخير القومي» الذى يهدف إلى جمع التبرعات من الأفراد حول العالم لخدمة المشاريع التنموية دوليًا، والإسهام فى دعم وتحقيق التنمية المُستدامة لها.. وقد نال خادم الحرمين الشريفين عن جهوده الإنسانية هذه العديد من الأوسمة والميداليات من دول عدة بينها البحرين والبوسنة والهرسك وفرنسا والمغرب وفلسطين والفلبين والسنغال والأمم المتحدة واليمن.

«الأكثر نفوذًا»

قاد الملك سلمان مقاليد الحكم وتمكن من قيادة المملكة بفضل إصلاحات نهضت بالحاضر، ورسمت ملامح المستقبل لبلد بات شعاره «المساواة بين الجميع». ونتيجة للإصلاحات والإنجازات ومواجهته للتحديات، توج بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام ٢٠١٧ لسعيه الدائم لجمع كلمة العرب والمسلمين.. وأطلقت مؤسسة الملك فيصل الخيرية «جائزة الملك فيصل العالمية» كمكافأة للأفراد والمؤسسات على إنجازاتهم الفريدة فى خمسة فروع مختلفة هى «خدمة الإسلام» و«الدراسات الإسلامية» و«اللغة العربية والأدب» و«الطب» و«العلوم»، وقالت لجنة الاختيار للجائزة إنها قررت منحها للملك سلمان لمُبررات عدة، منها «عنايته بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما»، إضافة إلى «سعيه الدائم لجمع كلمة العرب والمسلمين لمواجهة الظروف الصعبة التى تمر بها الأمتان العربية والإسلامية، ومنها إنشاؤه التحالف الإسلامى العسكرى لمحاربة الإرهاب».. هذا فضلًا عن، «مواقفه العربية والإسلامية عبر عقود من الزمن تجاه قضية فلسطين المُتمثلة فى الدعم السياسى والمعنوى والإغاثي»، بجانب «إنشائه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مايو ٢٠١٦، ودعمه بسخاء ليُقدم العون للشعوب العربية والإسلامية المحتاجة».

كما اختارت مجلة «فوربس» الأمريكية الملك سلمان بن عبد العزير ضمن أوائل الشخصيات الأكثر نفوذًا فى العالم عام ٢٠١٥، نظرًا للجهود التى يبذلها فى سبيل حفظ الحقوق العربية، لعل أهمها قطع اليد الإيرانية التى عبثت باليمن، ورد خادم الحرمين بالتالى الحقوق لأهل اليمن الشقيق بعدما استنجد الرئيس اليمنى عبد ربه هادى منصور بالمملكة، لتدخل السعودية فى الأمر، وهو ما جاء عبر عملية «عاصفة الحزم». وقال مراقبون إنه «ليس من الغرابة أن يتبوأ الملك سلمان قائمة الشخصيات العربية الأكثر تأثيرًا، بل أن ذلك يُعد طبيعيًا نظرًا للقرارات السياسية والاقتصادية الحاسمة التى اتخذها منذ تسلمه مقاليد الحكم فى بلاده.. فكانت بالفعل قرارات حازمة حكيمة تصب فى مصلحة الوطن والمواطن وعززت الوحدة الوطنية وحفظت للمملكة مكانتها العربية والإسلامية والعالمية».

ويصف محللون وسياسيون الملك سلمان بأنه رمز النهوض العربي، وأنه أعاد صياغة التاريخ من جديد، فى ظل الظروف الصعبة والدقيقة التى تشهدها المنطقة، ودوره المتميز فى مُعالجة ما يجرى بحكمة وذكاء خارق، فهو يتمتع بقُدرات سياسية وقيادية كبيرة وتاريخية على صعيد العالم العربى الذى يتخبط فى كثير من المشاكل.. كما يعلم الجميع أن المملكة اليوم تُعد القوة الاقتصادية والسياسية العربية الأكبر فى العالم، لذلك فإن اختيار خادم الحرمين الشريفين كأقوى شخصية عربية وأكثرها نفوذًا يعكس من جهة الدور المفصلى على صعيد قيادته للعالم العربي، ومن جهة أخرى دوره المفصلى والمهم على الصعيدين السياسى والاقتصادى لبلاده.

«إصلاحات واسعة»

أعاد الملك سلمان بن عبد العزيز تشكيل مفاصل الدولة السعودية، حيث أعاد تكوين بنية هرم السلطة، عبر تعيين اثنين من الجيل الثانى من نسل الملك عبد العزيز مؤسس السعودية، هما الأمير محمد بن نايف (٥٧ عامًا) وليًا للعهد، ونجله الأمير محمد (٣٢ عامًا) وليًا لولى العهد، كما أجرى تعديلات وزارية مُتتابعة خلال الفترة الماضية، وألغى ١٢ هيئة وجهازا واستحداث مجلسين، هما «مجلس الشئون السياسية والأمنية»، و«مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية»، اللذان يرسمان حاليًا سياسات المملكة السياسية والاقتصادية.

ومن ضمن إصلاحات الملك السعودى الواسعة، إجراء أول انتخابات بلدية شاركت فيها المرأة ناخبة ومرشحة، وتشكيل مجلس الشورى، وهيئة كبار العلماء، وجرى عقاب الأمراء تنفيذًا لما وعد به الملك سلمان بن عبد العزيز فى أول كلمة مُتلفزة له فى ١٠ مارس عام ٢٠١٥، عندما قال: إنه «لا فرق بين مواطن وآخر»، إضافة إلى عودة المُعارض البارز كساب العتيبى إلى المملكة بعد ٢٠ عامًا فى المنفى، ورفع حظر السفر عن الداعية سلمان العودة.

والملك سلمان هو الزعيم الخليجى الوحيد، الذى يملك حسابا رسميا موثقا على «تويتر»، يحرص على التغريد فيه بين الفينة والأخرى، ويتابعه ٥.٩ مليون متابع، وشارك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بـ٩ تغريدات على حسابه الشخصى بـ «تويتر» موجهة لجموع المسلمين فى عام ٢٠١٦، وحازت هذه التغريدات إعجاب مليون و٣٣٥ ألف شخص.. وغرد الملك سلمان عن مصر قائلًا: «لمصر فى نفسى مكانة خاصة، ونحن فى المملكة نعتز بها، وبعلاقتنا الاستراتيجية المُهمة للعالمين العربى والإسلامي.. حفظ الله مصر وحفظ شعبها».

«رؤية عام ٢٠٣٠»

الشيعة يتهمون السلطات السعودية بتهميشهم، والملك سلمان لم يُفوت فرصة، إلا وأكد فيها أهمية الوحدة الوطنية والمُساواة بين المواطنين، والعدالة بين المناطق فى المشاريع التنموية.. وخلال نهاية نوفمبر ومطلع ديسمبر ٢٠١٦ قام بجولة فى مدن المنطقة الشرقية «حيث يتركز الشيعة»، استمرت نحو أسبوع دشن خلالها مشروعات سكنية وتعليمية وصحية وصناعية ومشروعات طاقة بعشرات المليارات من الدولارات.. واقتصاديا، ولمواجهة تحدى انخفاض أسعار النفط، أعلنت السعودية فى ٢٥ أبريل ٢٠١٦ عن رؤية اقتصادية لعام ٢٠٣٠، تهدف إلى خفض اعتمادها على النفط، المصدر الرئيسى للدخل، فالمملكة هى أكبر مصدر له فى منظمة «أوبك» «الدول المصدرة للنفط»، بالإضافة إلى انعقاد مجموعة العشرين ومُشاركة السعودية بها، والتى تهدف إلى زيادة التنمية الاقتصادية والعسكرية وغيرها من المجالات المُتعددة مع دول العشرين.. وهذه القرارات جميعها هدفها الأول مصلحة المواطن السعودى ثم مصلحة الأمة الإسلامية والعربية.

«الحرب على الإرهاب»

حققت المملكة إنجازات بارزة فى حربها ضد الإرهاب داخليا وخارجيا، بتوجيهات من العاهل السعودي، وبمُتابعة وجهود بارزة من الأمير محمد بن نايف ولى العهد، وزير الداخلية، ومن أبرز نماذج هذا النجاح إحباط هجمات إرهابية، كان تنفيذ إحداها كفيلا بإحداث كارثة، ومن أبرزها إحباط هجوم انتحارى فى يوليو الماضى كان يستهدف المسجد النبوي، وكذلك إحباط مُخطط لتفجير ملعب «الجوهرة» فى أكتوبر الماضي، وإحباط «مُحاولة انتحارية» كانت تستهدف السفارة الأمريكية بالرياض، فضلًا عن إحباط هجمات كانت تستهدف رجال أمن ومنشآت حيوية، وتفكيك خلايا وتنظيمات الإرهابية، بجانب إحباط «هجمات إلكترونية مُنظمة على جهات حكومية ومنشآت حيوية».

ورغم صعوبة الحرب على الحرب، إلا أن حجم ونوعية العمليات التى تم إحباطها، يُظهران تحقيق السلطات السعودية نجاحًا كبيرًا، فيما تزال الحرب ضد الإرهاب عمومًا وتنظيم «داعش» الإرهابى خاصة مُستمرة.. كما أعلنت السعودية فى ديسمبر ٢٠١٥ تشكيل تحالف عسكرى إسلامى من ٣٤ دولة، بقيادتها، لمُحاربة الإرهاب، وخلال عام ارتفع عدد أعضاء التحالف، ومقره الرياض إلى ٤١ دولة.. كما تواصل السعودية مُشاركتها فى تحالف دولى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية يوجه ضربات جوية لداعش فى الجارتين سوريا والعراق.. واستضافت الرياض «مؤتمر دول التحالف ضد تنظيم داعش الإرهابي»، ممثلة برؤساء هيئة الأركان العامة فى ١٤ دولة، بينها تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، لرفع مستوى التنسيق ضد «داعش».

«قيادة تحالفات عسكرية»

نجحت المملكة فى إنشاء ثلاثة تحالفات عسكرية مؤثرة، حيث أعلن فى جدة التحالف الدولى لمُحاربة تنظيم «داعش» بمُشاركة ٢١ دولة، فضلًا عن الدول الأخرى التى شاركت بمُساعدات إنسانية، وعدد آخر من الدول التى أعلنت مُناصرتها للتحالف دون أن تُشارك عسكريًا.. فضلًا عن إنشاء التحالف العربى لإعادة الشرعية لليمن والذى ضم ٩ دول عربية.. كما أطلقت الدول الإسلامية للتصدى للإرهاب ومكافحته - فكريًا وأمنيًا - تحالفاً يضم ٣٤ دولة بقيادة المملكة.. ومن خلال تلك التحالفات، أثبت خادم الحرمين الشريفين برؤيته الحكيمة وحزمه مُحنكته السياسية التى تجلت فى تشكيل تلك التكتلات السياسية والعسكرية، أن المملكة دولة مؤثرة وتقود العالم فى حربه على الإرهاب، بل إنها تفوقت فى تلك الحرب على المعايير العالمية، بطُرق فاعلة وحزم منقطع النظير، وشفافية مع الداخل والخارج.

«السياسة الخارجية»

أخد الملك سلمان على عاتقه إبراز دور المملكة فى مُجابهة التحديات التى تواجه المنطقة العربية بحكمة وحزم، وأضحت الرياض قبلة الاتصالات الدبلوماسية العربية والأجنبية.. وتحوت الرياض فى عهد الملك سلمان إلى قبلة لزعماء العالم فتوافدوا من كل حدب وصوب للقائه وإجراء المُباحثات حول أهم القضايا الشائكة فى المنطقة، لثقتهم فى حنكته السياسية ووقوفه الدائم فى وجه التحديات لتحصل الشعوب على حقوقها المشروعة فى الأمن والسلام والرخاء.. وعندما تولى الملك سلمان الحكم كان أمامه تحديات عدة فى مجال السياسة الخارجية، أبرزها العلاقة مع إيران، والأزمتان اليمنية والسورية، ومع تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب السلطة بعد شهور من إقرار قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» (جاستا)، أضيفت العلاقة مع إدارة ترامب إلى قائمة التحديات.. وتتدهور العلاقات بين الرياض وطهران، بسبب ملفات إقليمية، أبرزها البرنامج النووى الإيراني، الذى ترى دول الخليج أنه يهدد أمن المنطقة، وتدخل إيران فى اليمن والبحرين وسوريا.

وامتدت المواجهات غير المُباشرة بينهما فى سوريا واليمن إلى أزمة دبلوماسية مُباشرة، أعلنت الرياض على إثرها فى يناير ٢٠١٦ قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، جراء اعتداءات تعرضت لها سفارة المملكة فى طهران وقنصليتها فى مدينة «مشهد» (شمال)، وإضرام النار فيهما، احتجاجًا على إعدام رجل الدين السعودى (شيعي)، نمر النمر، مع ٤٦ مُدانًا بالانتماء لـ»التنظيمات الإرهابية» (غالبيتهم من السنة)، يوم ٢ من الشهر نفسه. وقامت العديد من الدول بإجراءات «دبلوماسية» تضامنية مع الرياض.. كما كان الملف السورى فى قمة أولوياته، كما أعرب الملك سلمان عن قلق بلاده بتطورات الأحداث فى العراق، وكان الملف اللبنانى حاضرا لديه، مؤكدًا استمرار دعم بلاده للبنان، كما أكد دعمه للقضايا العربية وفى مقدمتها حق الشعب الفلسطينى فى نيل حقوقه المشروعة، وحقه أن تكون له دولة مُستقلة عاصمتها القدس الشريف، وضرورة استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، واعتبارها شرطا لتحقيق أهداف الشعب الفلسطينى المشروعة والعادلة فى وطنه فلسطين.

ويؤكد دائمًا الملك سلمان أن الأمة العربية فى حاجة إلى تطبيق الاعتدال الحقيقى منهجًا وسلوكًا وثقافة، وعدم تغليب الانفعال والاستعجال، وضرورة تعزيز وحدة الأمة وقوتها، ومواجهة ما تعيشه من اضطرابات وتجاهل للأسس والمبادئ.

«العلاقات المصرية- السعودية»

يُدرك الملك سلمان بن عبد العزيز أن بلاده ومصر هما دعامتا الأمن والاستقرار فى المنطقة، وعلى أكتافهما تقع مسئولية دفع العمل العربى المُشترك، ومن هُنا كان البلدان دائمًا على حالة من التنسيق والتعاون فيما بينهما لمواجهة التحديات التى تموج بها المنطقة العربية.. ومن هذا المُنطلق كان هُناك حرص من الملك سلمان على التواصل المُستمر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخصوصًا بعد التطورات الأخيرة التى شهدتها مصر.. وقد اكتمل تاج التقارب والوحدة بين المملكة ومصر بإعلان القاهرة التاريخي. ففى فبراير عام ٢٠١٥ أكد خادم الحرمين فى اتصال مع الرئيس السيسى أن «موقف المملكة تجاه مصر واستقراراها وأمنها ثابت لا يتغير، وأن علاقة المملكة ومصر أكبر من أى مُحاولة لتعكير العلاقات المُميزة والراسخة بين البلدين الشقيقين».. وفى مارس عام ٢٠١٥ كانت أول زيارة للرئيس السيسى للمملكة، وكان خادم الحرمين فى مقدمة مُستقبليه بمطار الرياض، حيث أكد الزعيمان خلال اجتماعهما تعزيز العمل الاستراتيجى وتطوير العلاقات.. وكانت الوجهة الأولى لزيارات الملك سلمان لمصر فى مارس عام ٢٠١٥ وترأس خلالها وفد المملكة فى القمة العربية السادسة والعشرين التى عٌقدت فى مدينة شرم الشيخ.

«عاصفة الحزم.. وسوريا»

فيما يتعلق باليمن، وفى بداية الأسبوع السابع من حكمه، أعطى الملك سلمان، فى مارس ٢٠١٥، إشارة البدء لأول حرب يقودها أحد أنجال مؤسس السعودية، والتى حملت عنوان «عاصفة الحزم» ضد مسلحى جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) وقوات الرئيس اليمنى السابق، على عبد الله صالح، استجابة لطلب الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادي، بالتدخل عسكريًا لـ«حماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات»، فى مُحاولة لمنع مسلحى الحوثى وصالح من السيطرة على كامل البلد، بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء، وخلال الأسابيع الثلاثة الأولى من ٢٠١٧، طوقت القوات الحكومية الخناق على مسلحى الحوثى وصالح، وأحرزت مكاسب على أكثر من جبهة، خصوصًا جبهتى تعز (جنوب غرب)، ونهم شرقى صنعاء.

وبشأن الأزمة السورية، استضافت الرياض اجتماعات لفصائل المعارضة، يومى ٩ و١٠ ديسمبر ٢٠١٥، توجت بتشكيل الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة، وهى أبرز الكيانات المُمثلة لها فى المحافل الدولية حاليًا.

وأكد الملك سلمان «وقوف المملكة إلى جانب الشعب السورى الشقيق فى سبيل تحقيق تطلعاته وتخفيف معاناته الإنسانية وخروجه من أزمته الحالية، ودعم المملكة للحل السياسى فى سوريا وفقًا لبيان «جنيف ١» عام ٢٠١٢.. كذلك نشطت السياسة الخارجية للمملكة لتعزيز العلاقات مع دول الخليج، ودعم العلاقات مع الدول العربية والإسلامية عامة، بما يخدم المصالح المشتركة، فضلًا عن لعب دور فاعل فى المُنظمات الإسلامية والدولية.

كما شهدت العلاقات مع تركيا نقلة نوعية تُوجت بتوقيع محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودى التركى فى أبريل الماضي، وإجراء أربع مناورات عسكرية مشتركة، وزيادة حجم التبادل التجارى إلى ٨ مليارات دولار.

«إنجازات فى الحكم»

فى عهد خادم الحرمين الشريفين، نُقلت المملكة من مرحلة إلى مرحلة جديدة أبهرت العالم كله ويشهد لها الجميع بأنها الدولة الأولى عربيًا ولها ثقلها وأهميتها فى جميع دول العالم، وتقديرًا للجهود الجبارة التى يبذلها خادم الحرمين الشريفين فى خدمة الوطن والمواطنين، نعرض لبعض من إنجازاته وليس كلها، ومنها، إدراج الفئة الشابة لتولى مناصب عُليا ومهمة فى البلاد، والاهتمام بالقطاع الحكومى عبر تطوير المواقع الوزارية، والاهتمام بالقطاع الخاص من خلال تطوير الخدمات والمرافق وفقًا لمُتطلبات المواطن السعودي، فضلًا عن الاهتمام بشكل كبير بالقطاع الإسكانى الذى يسد احتياجات المواطن.. وتطوير الانتخابات البلدية عبر مُشاركة المرأة السعودية لأول مرة فى الترشح للانتخابات ومنحها حق التصويت، وإقرار الميزانية العامة الجديدة للمملكة التى هدفت إلى تنمية الاقتصاد الوطنى السعودى دون الاعتماد بشكل رئيسى على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي، وهذا الإنجاز يُعد الأهم فى تاريخ المملكة العربية الاقتصادي.

«الحرم النبوي.. والمُبتعثون»

أشرف الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود على عملية توسعة الحرمين الشريفين وقام بنفسه بغسل جدار الكعبة المُشرفة، وأشرف على مشروع رقع الطاقة الاستيعابية فى المطاف، واطلع على المُخططات الخاصة بمراحل عملية تنفيذ توسعة الحرم والإنجازات الخاصة بذلك، وأشرف أيضًا على خمسة مشروعات خاصة بتوسعة مسجد الحرام فى مرحلته الثالثة، والتى تشمل الساحات والأنفاق والمبنى الخاص بالخدمات بالإضافة إلى الطريق الدائرى الأول.. كما أشرف سموه على مشروعات توسعة الحرم النبوى واطلع على المُخططات الخاصة بتوسعة المسجد النبوى ودرب السنة، وتوسعة مسجد قباء بالإضافة إلى مشروع دار الهجرة وبقية المشاريع المُتعلقة بذلك.. كما دشن مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولى الجديد الذى يقع فى المدينة المنورة، حيث تبلغ طاقته الاستيعابية أكثر من ثمانية ملايين مُسافر سنويًا فى مرحلته الأولى، وسيتم رفع طاقته الاستيعابية لتصبح ١٨ مليون مسافر، أما فى المرحلة الثالثة سيتم توفير أكثر من أربعين مليون راكب سنويًا.

بالإضافة إلى إنشاء مشروع «خير مكة» تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، والذى تعود استثماراته إلى جمعية الأطفال المعاقين.. واهتم خادم الحرمين الشريفين بأحوال الطلبة والطالبات من المُبتعثين فى الخارج وبالأخص فى الولايات المتحدة الأمريكية خلال زيارته لها، وأصدر أمرًا ملكيًا بإلحاق المُبتعثين على حسابهم الخاص ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، كما أصدر قرارًا بعلاج المواطنين الذين يتعالجون بالولايات المتحدة من أمراض مُستعصية على نفقة الدولة.

وعقد المؤتمر العالمى الثانى حول تاريخ الملك عبد العزيز المؤسس، الذى أقامته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد تم تدشين المشاريع الجامعية الجديدة التى تشمل إنشاء مبانٍ تعليمية فى المدينة الجامعية بالرياض وجميع أفرعها ومعاهدها فى جميع مناطق المملكة، وقد تم تخصيص أكثر من ثلاثة مليارات ريال من قيمة الميزانية العامة للدولة لإنجاز هذه المشاريع الجامعية التنموية.

«مشروعات إغاثة وطب»

أنشأ الملك سلمان متحف تاريخ العلوم والتقنية فى الإسلام، الذى تم تدشينه من قبل جامعة الإمام بالاشتراك مع معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية الموجود فى جامعة فرانكفورت الألمانية، وتم افتتاح معرض الملك فهد بن عبد العزيز «الفهد روح القيادة» تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، والذى قام بتنظيمه أبناء وأحفاد الملك فهد رحمه الله بالاشتراك مع إدارة الملك عبد العزيز، وقد حظى المعرض باستقطاب جماهيرى كبير.. وافتتاح مشروع حى البحيرى فى الدرعية بعد التطوير ضمن خطة برنامج تطوير الدرعية التاريخية فى الرياض، وتأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ويهدف إلى تقديم المُساعدات الإنسانية والإغاثية من المملكة إلى دول العالم، وبالأخص للشعب اليمنى الذى يعانى ويلات الحرب بسبب أيادى الغدر التى عاثت بالأرض فسادًا وتركت وراءها العديد من الأعمال التدميرية، وقد تم تخصيص أكثر من مليار ريال خاصة للمُساعدات المُقدمة لليمن.. فضلًا عن افتتاح مشروعات طبية جديدة تتبع وزارة الحرس الوطنى مثل، مستشفى الملك عبد الله التخصصى للأطفال، ومركز الملك عبد الله العالمى للأبحاث الطبية والمختبر المركزي.

«رعايته للمرأة»

فى عهده أصبحت العديد من المجالات مُتاحة أمام المرأة السعودية، بعدما كانت مُقصورة على مجال التعليم، لتدخل مجلس الشورى وتُشارك فى الانتخابات البلدية، وتُبتعث للدراسات العليا فى الخارج، حرص على دعم المرأة ومسيرتها التنموية فى شتى المجالات ودفع عجلة تطورها فى المجتمع، لتتبوأ مناصب قيادية عديدة أولها، المُشاركة فى المجلس البلدى فى دورته الثالثة كمرشحة وناخبة، فضلًا عن مجهوداته فى العمل على تأنيث الوظائف.. وفى مشهد غير مسبوق شاركت المرأة السعودية فى مُبايعة خادم الحرمين الشريفين.. وفى عهد الملك سلمان برز دور المرأة فى المجال العسكري، حيث تم إخضاع ٣٠ عسكرية سعودية يعملن فى السجون لتدريبات القوة البدنية واستخدام الأسلحة بالإضافة إلى تدريبهن على الرماية النارية.. ودعم خادم الحرمين الشريفين ذوى الاحتياجات الخاصة، وأنشأ مركزا مُتخصصا لتقديم الخدمات المجانية للأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة، ورعى المؤتمر الأول للإعاقة والتأهيل.