السبت 23 نوفمبر 2024

دائرة الخطر...؟

  • 15-1-2017 | 11:06

طباعة

لايمكن عزل مايجرى من أحداث فى ليبيا اليوم عن التطورات التى تشهدها المنطقة العربية. وما يخشاه الكثيرون أن يعاد انتاج النموذج العراقى فى ليبيا ليكون أكثر حدة ووحشية لاسيما بعد أن باتت ليبيا جزءا من خريطة الارهاب الداعشى.

وبعد أن بات هذا التنظيم الظلامى موجودا فى درنة وبنغازى وسرت وصبراتة غرب طرابلس. والأسوأ قادم فيما إذا نجح داعش وفرض سيطرته على الآبار النفطية. وإذا استمر الوضع على ماهو عليه من التأزم، فإن التحول الذى شهدته القضية الليبية ستكون له آثاره الكارثية على المدى المتوسط والبعيد ليس على ليبيا فقط بل سيمتد إلى دول المنطقة بما فيها الدول الخليجية ودول المغرب العربى ومصر تحديدا.

ووسط الأحداث ظهرت جامعة الدول العربية غير قادرة على تحريك الأمور للخروج من دائرة الاستعصاء، وبالتالى لم تكن فاعلة فى التوصل إلى حل الأزمة التى تفاقمت منذ اندلاع ماسمى بثورة فبراير ٢٠١١ والتى كانت لها تداعياتها المأساوية على الشعب الليبى لاسيما منذ أن اتخذ مجلس الأمن القرار رقم ١٩٧٣ فى ١٧ مارس ٢٠١١ كجزء من ردة الفعل الدولية إزاء التطورات الحادثة. وهو القرار الذى كان يقضى بفرض عدة عقوبات على حكومة القذافى أهمها فرض حظر جوى فوق ليبيا وتنظيم هجمات مسلحة ضد قوات القذافى.

الغريب أن الجامعة العربية هى التى أعطت الضوء الأخضر لحلف الناتو لتنفيذ هذا الحظرعندما عقدت اجتماعا لوزراء الخارجية العرب فى ١٢ مارس أيدت خلاله اقتراح فرض الحظر الجوى ومنحت بذلك للناتو شرعية التحرك ليبدأ تنفيذ القرار فى ١٩ مارس،ولتبدأ طائرات فرنسية فى قصف قوات تابعة للقذافى حول مدينة بنغازى، وتشرع بارجات وغواصات أمريكية مختلفة فى اطلاق صواريخ “توماهوك” بلغ عددها نهاية الأسبوع الأول ١١٠ صاروخا بحيث تم تدمير الجزء الأكبر من قوات القذافى الجوية.

واليوم يتزايد القلق حيال مايجرى فى ليبيا فى ظل افتقارها إلى الاستقرار السياسى والأمنى بعد أن باتت مرتعا لعشرات الجماعات والميليشيات العسكرية التابعة للعديد من الجهات الخارجية وبعد أن تملكت داعش الارهابى رغبة محمومة فى تثبيت أقدامه فيهاوتوسيع دائرة نفوذه بما يشكل تهديدا لأمن حدود مصر الغربية. ويتصاعد الخطر مع المحاولات التى يقوم بها المتطرفون فى ليبيا منذ أشهر للتواصل مع المتطرفين داخل مصر خاصة فى سيناء. وزاد الخطر بعد أن سيطر تنظيم داعش على مدينة درنة فى نوفمبر من العام الماضى ورفع رايته فوق أبنيتها الحكومية وحول ملاعبها الرياضية إلى ساحات لتنفيذ قرارات الاعدام، فالمدينة تقع شرق ليبيا على ساحل البحر المتوسط قرب الحدود المصرية. بل إن الخطر يتصاعد اليوم بعد أن سيطر تنظيم داعش السرطانى على مدينة سرت. وقد يؤدى تمدده إلى تنفيذ بعض العمليات الارهابية على الحدود المصرية الليبية.

ولاشك أن عدم سيطرة الحكومة المركزية الليبية على حدودها جعل من أراضيها ساحة مفتوحة لمصادر مختلفة من السلاح والتى يخشى أن تصل بالتبعية لمصر. يفاقم الموقف ضخامة الحدود بين البلدين حيث يصل طولها إلى نحو ١٢٠٠ كيلومتر وهو مايجعل تلك المساحة الشاسعة مهددة بعمليات اختراق وتهريب وبخاصة تهريب السلاح للأراضى المصرية فى ظل عدم وجود قوات لحرس الحدود الليبية، بالاضافة إلى وجود الكثير من تجار السلاح ممن يرغبون فى استغلال التوتر الموجود على الحدود وهو مايزيد التهديدات والمخاطر التى تؤثر على مصر سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا.أى أن كل مايحدث فى ليبيا يكون له تأثيره المباشر وغير المباشر على الأمن القومى المصرى.لاسيما وأن القوات المسلحة المصرية هى التى تؤمن الحدود الغربية بمفردها ويتم ذلك بالتعاون مع القبائل العربيةهناك،ولكن دون أى مساعدة من الجانب الليبى.بل إن أى صراع مسلح داخل ليبيا ستكون له تبعاته على الوضع فى مصر نظرا لقرب إقليم» برقة» من الحدود المصرية. وقد يؤدى احتدام الحرب إلى هروب عناصر مسلحة إلى الأراضى المصرية.

بات من الأهمية بمكان اليوم الاسراع بحل الأزمة فى ليبيا من خلال التعجيل بتشكيل حكومة الوفاق الوطنى مع توفير الدعم الدولى الكامل لها فور تشكيلها حيث أن الاتفاق يظل فى حاجة إلى آلية دولية لفرضه.مع ضرورة أن يتجاوب مجلس الأمن مع مطلب الحكومة الشرعيىة الليبية برفع حظر السلاح المفروض عليها حتى تتمكن من محاربة الارهاب على أراضيها، والتصدى بشكل لأفضل لتنظيمات هذا الطاعون القاتل ويتصدرها تنظيم داعشالذى يشكل خطرا ماحقا على المنطقة ككل.وقانا الله وإياكم شر هذا الارهاب الظلامى....…

كتبت : سناء السعيد

    الاكثر قراءة