الأحد 20 اكتوبر 2024

علماء الآثار يعثرون على هيكل عسكري روماني بتركيا

منظر للبقايا الأثرية بالمدينة

الهلال لايت 20-10-2024 | 19:43

إسلام علي

تمثل اكتشافات الهيكل العسكري الروماني في منطقة مدينة حصن كيفا القديمة بجنوب شرق تركيا جزءًا من صورة أكبر حول تاريخ طويل ومعقد يمتد على مدار آلاف السنين.

وطبقا لما ذكره موقع Live science، عاشت هذه المدينة، المعروفة بأهميتها التاريخية الكبيرة، تحت سيطرة العديد من الحضارات العريقة مثل الآشوريين والبيزنطيين والعثمانيين، الذين أسهموا في تشكيل إرث ثقافي متنوع.

خلفية تاريخية عن الموقع

يعتب موقع حسن كيف من أقدم المواقع المأهولة بشكل مستمر على مستوى العالم، حيث يعود تاريخ الاستيطان فيه إلى ما يزيد عن 10,000 عام، وشهد هذا الموقع تفاعلات متعددة بين الحضارات التي تعاقبت عليه.

عندما سيطر الرومان على المنطقة، أصبحت حسن كيفا موقعًا استراتيجيًا هامًا لحماية حدود الإمبراطورية الرومانية مع بلاد فارس، وبناء الحصون كان أمرًا ضروريًا لمراقبة الحدود وردع الغزوات الفارسية المستمرة.

الهيكل العسكري المكتشف

يعود الهيكل المكتشف حديثًا، إلى القرن الرابع الميلادي، ويشير إلى وجود تقنية بناء رومانية معروفة باسم "opus isodomum"، والتي تتميز باستخدام الحجارة الكبيرة المتكتلة في بناء الجدران.

كانت هذه التقنية مستخدمة بكثرة في المدن الرومانية الكبرى، ولكنها نادرة الوجود في المناطق الحدودية أو المقاطعات، مما يبرز أهمية هذا الموقع من الناحية الاستراتيجية.

دور الإمبراطور قسطنطيوس الثاني

يُعتقد أن قسطنطيوس الثاني كان له دور كبير في بناء هذا الحصن وغيره من الحصون على الحدود الشرقية للإمبراطورية الرومانية، كان الهدف الأساسي لهذه الحصون هو توفير الحماية للسكان المحليين ومراقبة التحركات العسكرية للفرس، وحتى بعد توقيع معاهدة السلام بين الإمبراطور الروماني جوفيان والملك الفارسي شابور الثاني في عام 363 ميلادية، بقي الحصن العسكري في حسن كيف يستخدم كقاعدة دفاعية رومانية.

الاكتشافات الأثرية الأخرى في حصن كيف

خلال السنوات الأخيرة، كشفت أعمال التنقيب عن العديد من القطع الأثرية الهامة، والتي تعود إلى مختلف العصور والحضارات التي سكنت المنطقة، ومن بين هذه الاكتشافات: تمثال حصان من الطين يعود إلى العصر الحديدي، لوحات جدارية زهرية تعود إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر، مما يشير إلى تأثيرات الفن البيزنطي.

ويعود توابيت إسلامية تعود إلى العصر العثماني، وهي تعكس التحول الديني والثقافي الذي شهدته المنطقة في تلك الفترة، وبالإضافة إلى ذلك، تم اكتشاف "وعاء شفاء" يعود إلى حوالي 800 عام، والذي يحتوي على نقوش تعويذات تُستخدم في الطب الشعبي، إلى جانب حلقتين مصنوعتين من العظام وحجر العقيق، مما يُظهر استمرار التقاليد الطبية والدينية المحلية.

أثر سد إيليسو

أدى بناء سد إيليسو على نهر دجلة إلى إغراق أجزاء كبيرة من حصن كيفا، وهو ما شكل تهديدًا كبيرًا للتراث الأثري في المنطقة، وتم نقل العديد من التحف والهياكل التاريخية إلى موقع Archeopark، وهو متحف في الهواء الطلق مصمم لحماية هذه الكنوز الثقافية.

ومع ذلك، نجت أجزاء من المدينة، بما في ذلك الحصن والقلعة، حيث بقيت في حالة جيدة بعيدًا عن التأثير المباشر للسد.

الأهمية الحضارية للاكتشاف

يمثل هذا الاكتشاف إضافة هامة لفهم التاريخ العسكري الروماني في المنطقة الحدودية مع بلاد فارس. كما يلقي الضوء على التفاعلات الثقافية بين الحضارات المختلفة التي تعاقبت على هذه الأرض.

من الناحية الأثرية، يساهم هذا الاكتشاف في تعميق فهمنا للعمارة العسكرية والتخطيط الحضري خلال فترة الإمبراطورية الرومانية، ويظهر كيف استطاعت الإمبراطوريات القديمة تعزيز وجودها في المناطق النائية والاستراتيجية.