في 21 أكتوبر 1967، سطرت القوات البحرية ملحمة عسكرية خلد التاريخ ذكراها، بإغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات في مياه البحر الأبيض المتوسط أمام مدينة بورسعيد، بعد نحو 4 أشهر فقط من هزيمة يونيو 1967، لتصبح من أهم المعارك البحرية في العالم، وتعيد تلك العملية الأمل بتحرير الأرض وتغير مسار الفكر الاستراتيجي البحري في العالم، إذ لقنت العدو درسا قاسيا.
وفي هذا اليوم من كل عام تحتفل البحرية المصرية بعيدها السنوي، إحياء لذكرى إغراق المدمرة إيلات والبطولة العسكرية التي حققها القوات في ذلك اليوم.
إغراق المدمرة إيلات
كانت المدمرة البحرية الإسرائيلية "إيلات" من طراز HMS Zealous R39، واشتركت في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفي الفترة التالية لحرب 1967 أمرت قيادة جيش العدو الإسرائيلي المدمرة إيلات بأن تخترق المياه الإقليمية المصرية وتدخل المنطقة البحرية لبورسعيد، وواصلت المدمرة اختراق المياه الإقليمية المصرية.
وكانت المدمرة الإسرائيلية إيلات إنجليزية الصنع حمولة 2575 طن، طولها الإجمالى 111 مترا العرض 11 مترا، الغاطس 5 أمتار، السرعة 31 عقدة، مدى الإبحار 2800 ميل بحري، ذات أربع قواعد أعماق، وأربعة مدافع 4.5 بوصة، وستة مدافع 40 مم، 8 أنابيب طوربيد، وبلغ عدد أفراد الطاقم 186 ضابط وجندي.
وفي مساء يوم الجمعة 20 أكتوبر 1967، اكتشف رادار لنش السواحل «نسر» هدفا فى اتجاه 51 درجة على مسافة 17 ميل بحري من فنار بورسعيد، وفى الساعة 5:30 من صباح 21 أكتوبر تم رصد الهدف من جديد بوضوح بواسطة أجهزة رادار قاعدة بورسعيد البحرية على اتجاه 95 درجة ومسافة 13 ميل بحري، كما رصدت نقطة المراقبة البصرية أعلى فنار بورسعيد الهدف وسجلته إحدى السفن التجارية المصرية والتى كان يقودها وقتها الربان آمون واصف، وقام بإبلاغ الجهات المعنية فى مصر بذلك، لترفع درجة الاستعداد فى القاعدة.
وعندما أشارت عقارب الساعة إلى السابعة و10 دقائق صباحا يوم21 أكتوبر 1967م، تم إبلاغ مركز العمليات البحري بقيادة القوات البحرية بالإسكندرية بالموقف، وعلى الفور أصدر قائد القوات البحرية تعليماته بإخطار هيئة العمليات بالقيادة العامة للقوات المسلحة، وفى قاعدة بورسعيد البحرية كان قد تم رفع درجة استعداد سرب لانشات الصواريخ المكون من لانشين طراز كومار حمولة 85 طنا، طول27 مترا، عرض 6 أمتار، غاطس 1.5 متر، السرعة 40 عقدة، مدى الإبحار 400 ميل بحري، واللانش الواحد مجهز بصاروخين موجهين طراز ستايكس مدى 34 ميل بحري، وسرعة الصاروخ 0.9 ماخ، ووزن العبوة المتفجرة نصف طن.
وصدر أمر بالاشتباك مع المدمرة وتشكّلت فرقتين للقيام بالمهمة، الفرقة الأولى كانت بقيادة النقيب أحمد شاكر ومساعده الملازم أول حسن حسني وكانا على اللنش 504، أما اللنش الثاني 501 بقيادة النقيب لطفي جاب الله بمساعدة الملازم أول ممدوح منيع.
بمجرد أن صدرت أوامر قائد القوات البحرية بتدمير إيلات عند دخولها المياه الإقليمية، حتى خرج لنش الصواريخ من قاعدة بورسعيد لتنفيذ المهمة، وبالفعل هجم اللنش الأول بإطلاق صاروخ أصاب جانب المدمرة إصابة مباشرة فأخذت تميل على جانبها، ثم لاحقها بالصاروخ الثاني فتم إغراق المدمرة الإسرائيلية " إيلات ".
ونجحت القوات البحرية المصرية في القضاء على المدمرة الإسرائيلية إيلات عندما تم إطلاق اللانش 501 صاروخه الأول فى الساعة 7:29 مساء، فانفجر الصاروخ الأول فى المدمرة على خط الماء، وبعدها بـ3 دقائق تم إطلاق الصاروخ الثانى، الذى حقق إصابة مباشرة أحالت المدمرة إلى كتلة من النيران، وفى الساعة الـ8 كانت المدمرة الإسرائيلية قد اختفت من على شاشة رادار القاعدة، بعد أن هوت غارقة إلى قاع البحر بغير رجعة.
وكانت المدمرة عند إغراقها على مسافة تبعد 11 ميلاً بحرياً شمال شرق بورسعيد وكان عليها طاقمها الذي يتكون من نحو 100 فرد إضافة إلى دفعة من طلبة الكلية البحرية كانت على ظهرها في رحلة تدريبية، وعاد اللنشان إلى قاعدة بورسعيد.
وقد عمت الفرحة أرجاء مصر وارتفعت الروح المعنوية للشعب المصري والقوات المسلحة بشكل كبير، حيث كان إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات بواسطة 4 صواريخ بحرية سطح / سطح، العملية الأولى من نوعها في تاريخ الحروب البحرية.
وشكلت تلك المعركة بداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية واسترتيجيات القتال البحري في العالم فقد تم في هذه العملية تدمير مدمرة حربية كبيرة بلنش صواريخ للمرة الأولى في التاريخ.
عيد القوات الجوية
وبعد نجاح إغراق إيلات صدر قرار جمهوري بمنح كل الضباط والجنود الذين شاركوا في العملية أوسمه وأنواط وأصبح غرق المدمرة إيلات في 21 أكتوبر 1967م عيد للقوات البحرية المصرية، وسجلت المعركة ضمن أشهر المعارك البحرية في التاريخ.