الأربعاء 22 يناير 2025

ثقافة

تقنية الكربون المشع تفصل الحقيقة عن الخيال في اكتشاف مذهل بالنرويج

  • 25-10-2024 | 20:18

الهيكل العظمي المستخرج

طباعة
  • إسلام علي

اكتشف هيكل عظمي داخل من العصور الوسطى في بئر داخل قلعة في النرويج، مما يعزز الأحداث المفصلة في ملحمة نورسية، سفيريس تعود لـ800 عام.

ووفقا لموقع NEWSWEEK، تعود تلك الملحمة إلى القرن الثاني عشر، حيث تروي قصة الملك النرويجي سفيري سيجوردسون، وتُعتبر تلك الملحمة من أبرز الأعمال الأدبية في الأدب النوردي، حيث تمزج بين التاريخ والأسطورة، إذ توضح تلك الملحمة تفاصيل فترة من عدم الاستقرار السياسي في النرويج.

ولد الملك سفيري سيجوردسون حوالي عام 1151 وتوفي في عام 1202، وكان ملكًا للنرويج من 1184 حتى 1202، ويعتبر واحدا من الشخصيات البارزة في تاريخ النرويج، حيث صعد إلى السلطة في فترة من الاضطراب السياسي والحروب الأهلية.

تولى سفيري العرش بعد صراع مع خصومه، وعُرف بأسلوبه القوي في الحكم، مما جعله يتمتع بشعبية واسعة بين شعبه، وأُثِرَت حياته وأعماله في الملحمة النوردية الشهيرة Sverris Saga، التي تروي تفاصيل حكمه، بالإضافة إلى استراتيجياته العسكرية ومغامراته.

سفيري يُعتبر رمزًا للحكم الناجح والإصلاح في النرويج، حيث ساهم في توحيد البلاد وتعزيز السلطة الملكية، وأثرى تراث الثقافة النوردية بشكل كبير من خلال سرده لتاريخه.


يعتقد أن مؤلفها كان قريبًا من الملك، مما يمنحها مصداقية تاريخية، وتمتاز الملحمة بأسلوبها السردي الجذاب، حيث تصف مجموعة من المعارك والأحداث الهامة، وتبرز شخصيات تاريخية وأبطال أسطوريين، وتعتبر مصدرا من مصادر التاريخ النرويجي في العصور الوسطى.

الدراسة الأثرية 
قام فريق من الباحثين بتحليل بقايا بشرية اكتُشفت في الأصل في قلعة سفيرسبورغ بالقرب من تروندهايم بالنرويج عام 1938، وقد أظهر الباحثون أن توقيت وفاة الفرد والمعلومات السياقية الأخرى تتطابق "بشكل جيد جدًا" مع قصة موثقة في نص تاريخي يُعرف باسم Sverris Saga.

وأوضح مايكل مارتن، أحد مؤلفي الدراسة لمجلة NEWWEEK العلمية، أن الهيكل العظمي يعتبر "استثنائيًا"، حيث تقدم ملحمة سفيريس، التي يُعتقد أنها كُتبت منذ أكثر من 800 عام، رواية عن كيفية وصول الهيكل إلى قاع بئر القلعة.

وتُعتبر الملاحم النوردية القديمة أعمالًا سردية مكتوبة تحكي قصصًا عن شخصيات تاريخية وأبطال أسطوريين، وغالبًا ما تدمج بين التاريخ والأساطير، مما يجعلها مزيجًا رائعًا من الحقيقة والخيال.

وعلى الرغم من أن معظم هذه الملاحم كتبها مؤرخون من آيسلندا، فإن قصصها تمتد أحيانًا إلى مناطق خارج آيسلندا، حيث تصوّر أحداثًا في النرويج وجرينلاند والجزر البريطانية، وحتى أماكن أبعد مثل أمريكا الشمالية، وعادةً ما كُتبت الملاحم بعد عدة قرون من الأحداث الموصوفة، ويُحتمل أنها كانت تستند إلى تقاليد شفوية ومخطوطات مفقودة.

تتناول ملحمة سفيريس حياة الملك النرويجي سفيري سيجوردسون "1151-1202"، وتصف صعوده الطموح إلى الحكم في النصف الثاني من القرن الثاني عشر. 
كتب مؤلفو الدراسة: أن الكثير من تاريخ النرويج المبكر معروف من هذا النص الوحيد، الذي يصور فترة من عدم الاستقرار السياسي اتسمت بالصراعات والحروب الأهلية التي استمرت لأكثر من قرن.

تُعتبر Sverris Saga  غير عادية بين الملاحم الإسكندنافية القديمة، حيث يُعتقد أن معظم نصوصها كُتبت تقريبًا في نفس الوقت الذي وقعت فيه الأحداث، ويُعتقد أن المؤلف كان قريبًا من الملك، ربما رئيس دير آيسلندي يُدعى كارل جونسون.

في أحد مقاطع الملحمة، يُشار إلى غارة عسكرية على قلعة سفيرسبورغ في عام 1197 م، حيث تم إلقاء جثة في بئر، ربما في محاولة لتسميم مصدر المياه للسكان المحليين.
تدعم أعمال تأريخ الكربون المشع التي أجراها الباحثون الرأي القائل بأن الشخص الموجود في البئر هو الشخص المذكور في ملحمة سفيريس، بحيث تتطابق بيانات الكربون المشع بشكل جيد مع التواريخ المتوقعة للغارة على القلعة.
أشارت الأبحاث السابقة إلى أن البقايا تعود لرجل يتراوح عمره بين 30 و40 عامًا عند وفاته، وأراد الباحثون تسليط الضوء على "الرجل الذي دفن في البئر"، لذا قاموا بتسلسل جينومه.
أوضح المشاركون في البحث أنهم قاموا بتسلسل جينوم هذا الشخص واستخدموا تلك المعلومات للتأكد من أنه رجل، واستنتاج أنه من المحتمل أن يكون له شعر أشقر وعيون زرقاء ولون بشرة متوسط. 
كما استخدموا قواعد بيانات مرجعية لتحديد أن أصل الرجل يعود إلى منطقة محددة في جنوب النرويج، وهو ما كان مفاجأة كبيرة بالنظر إلى أن الجيش المهاجم جاء من الجنوب.
وفقًا للمؤلفين، عندما تعتمد معرفتنا بالماضي على النصوص التاريخية مثل Sverris Saga، يصبح من الضروري وجود مصادر مستقلة للتحقق من فهمنا للأحداث والشخصيات. 
وقد أشار الباحثون إلى كيف يمكن أن تُستخدم المعلومات الجينية من البقايا البشرية القديمة لفصل الحقيقة عن الخيال، مؤكدًا أن هذا الحدث حدث بالفعل، وأنه تم تأكيده من خلال دراستهم.