تمكن علماء الآثار في داخل غابات شبه جزيرة يوكاتان بمنطقة دزريبانشي المشتهرة بالآثار القديمة، من الوصول إلى رؤي جديدة بشأن تطور سلالة كانول وممارستها الثقافية والدينية.
وفقا لموقع mexiconewsdaily، تعتبر هذه المنطقة "دزريبانشي" شاهدة على سلالة كانول، التي بسطت نفوذها على أراضٍ واسعة تشمل اليوم المكسيك وبليز وغواتيمالا، وأفاد المعهد الوطني للأنثروبولوجيا أنها تعود حضارتها إلى فترات زمنية متقدمة في التاريخ الماياوي، من القرن الثالث إلى القرن السابع الميلادي.
وقد وُجدت النقوش الجصية على منصتين غرب ملعب كرة كبير، وهو الموقع الذي اعتاد سكان المدينة القديمة استخدامه لممارسة لعبة احتفالية ترمز للانتصار والروح الجماعية.
وتتمحور الاكتشافات حول ثلاثة مشاهد فنية دقيقة، تمثل الأجداد والحيوانات الأسطورية، ما يعكس اهتمام هذه السلالة بإبراز شخصياتها الأسطورية وتأكيد نسبها الملكي وربطها بالآلهة.
وتعد دزريبانشي مدينة أثرية قديمة تقع في ولاية كينتانا رو بالمكسيك، وتعتبر إحدى المواقع الهامة التي تعكس الحضارة الماياوية، تأسست المدينة خلال الفترة الكلاسيكية المبكرة حوالي 500-600 ميلادي، وازدهرت بفضل ارتباطها بسلالة كانول القوية التي سيطرت على مساحات شاسعة من أراضي المايا.
وصفت عالمة الآثار ساندرا بالانزاريو جرانادوس، وهي مسئول تطوير المواقع الآثرية: يُعد هذا الاكتشاف إنجازًا بارزًا، إذ أن هذه الواجهات المزخرفة تتجاوز النقوش الجصية التي وجدت سابقًا، وتظهر على ملعب كرة وتحمل معانٍ ثقافية ودينية عميقة لم نتوقعها.
تشير هذه النقوش إلى سعي حكام كانول للتأكيد على قوتهم ومكانتهم الدينية والاجتماعية، وذلك باستخدام تمثيلات رمزية تتنوع بين الأجداد والحيوانات الأسطورية.
مشاهد النقوش المكتشفة
يُصور المشهد الأول حارسين يقفان على جانبي قاعدة في مرحلة ما قبل كولومبوس كانت تدعم تمثالًا، وتشير النقوش إلى أن هذا التمثال يمثل أحد حكام سلالة كانول، ما يدل على عظمة هذا الحاكم ودوره المركزي في الثقافة الماياوية.
في المشهد الثاني، تظهر شخصيات للأجداد وكأنهم يسكنون السماء الليلية، تحيط بهم النجوم وتتخللهم الثعابين المتشابكة، وهو تصوير مميز للمايا يجسد الارتباط الروحي بين عالم الأحياء وعالم الأجداد والآلهة.
ووفقًا لعالم النقوش ألكسندر توكوفينيني، فإن هذا التمثيل يعكس أيقونات معروفة في ثقافتي المايا وتيوتيهواكان، ويعد إشارة رمزية إلى أهمية الأجداد في المجتمع الماياوي كحماة وموجهين.
علم الفلك القديم بالمكسيك
أما المشهد الثالث، فيُظهر مجموعة من الحيوانات الأسطورية المرتبطة بالأبراج السماوية، مما يعكس معرفة دقيقة بعلم الفلك لدى حضارة المايا.
وتعتبر الثعابين المتشابكة، التي تظهر في جميع المشاهد، رمزًا قويًا يرمز إلى الربط بين القوة والشرعية، حيث يرى المعهد الوطني أن تمثيل الثعابين هنا يعكس محاولة حكام دزيبانشي لإثبات أصولهم الملكية وحقهم في الحكم.
وبالتزامن مع هذا الاكتشاف، يستمر العمل في مشروع "قطار المايا"، الذي ساهم في الكشف عن مجموعة واسعة من القطع الأثرية المذهلة التي تعكس غنى المنطقة الثقافي والحضاري، ومن بين هذه الاكتشافات، كهف يعود إلى ما قبل العصر الكولومبي في منطقة تولوم، وجهاز لجمع مياه الأمطار يعكس الابتكار الهندسي القديم، بالإضافة إلى معبد قديم مخصص لكوكولكان، إله الثعبان الريشي في ثقافة المايا، والذي كان يُعتقد أنه يمثل الربط بين الأرض والسماء.
يضيف هذا الاكتشاف في دزيبانشي أبعادًا جديدة لفهم تاريخ سلالة كانول، التي انقسمت في نهاية المطاف إلى مجموعتين بعد تراجع قوتها.
استقرت المجموعة الأولى في دزيبانشي، فيما انتقلت الأخرى إلى مدينة كالاكمول التي تقع اليوم في ولاية كامبيتشي، واستمرت كلا المنطقتين في حمل إرث كانول حتى بعد انحسار مجدها.
