رصدت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية تزايد المخاوف داخل المجتمعات التي لجأ إليها النازحون من جنوب لبنان؛ هربًا من الضربات الإسرائيلية المكثفة، خاصة بعد تعميق الضربات في مناطق متفرقة من الشمال وضواحي بيروت وعدة بلدات كانت تُعتبر إلى حد كبير آمنه؛ نظرًا لخُلوها من مقاتلي حزب الله.
وأوضحت الوكالة - في تقرير اليوم /الثلاثاء/ - أن الضربات بالمناطق الآمنة تقليديًا والتي فر إليها العديد من العائلات النازحة تثير مخاوف بين السكان المحليين حتى أن الكثيرين يشعرون حاليًا أنهم مضطرون للاختيار بين مساعدة اللاجئين أو حماية أنفسهم.
واستشهدت على ذلك بخبر قصف بلدة إيطو بشمال لبنان ذات الأغلبية المسيحية، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من عشرين شخصًا، نصفهم من النساء والأطفال، فيما زعمت إسرائيل أنها استهدفت مسئولًا في حزب الله.
وأضافت أن قصف إيطو كان غير عادي بشكل خاص لاسيما وأن إسرائيل كان تزعم في السابق بأن ضرباتها تنحصر في الغالب في المناطق الواقعة بجنوب وشرق لبنان وفي الضواحي الجنوبية لبيروت، وهي المناطق ذات الأغلبية الشيعية حيث يتمتع حزب الله بحضور قوي.
وفي السياق، قال مواطن لبناني يدعى داني علوان - في تصريح خاص لمراسل الوكالة خلال تمشيط فرق الإنقاذ لأنقاض بيته المُدمر - "لم نعد قادرين على الترحيب بالناس..الوضع حرج للغاية في القرية، وهذه هي المرة الأولى التي يحدث لنا فيها شيء من هذا القبيل"، مع الإشارة إلى أن إيطو تقع في محافظة زغرتا، المنقسمة بين الفصائل المسيحية المؤيدة لحزب الله والمنتقدة له.
ورصدت "أسوشيتيد برس" تحذيرات بعض المشرعين اللبنانيين المناهضين لحزب الله من المخاطر الأمنية التي قد تأتي مع استضافة النازحين، ومعظمهم من الطائفة الشيعية، وأعربوا عن قلقهم من أن العديد منهم قد يكون لديهم روابط عائلية واجتماعية مع حزب الله، بالإضافة إلى جناحه المسلح الذي لديه خدمات مدنية في جميع أنحاء جنوب وشرق لبنان.
وتابعت أن البعض يخشى أن يؤدي النزوح طويل الأمد إلى تغييرات ديموغرافية قد تُضعف حصة المسيحيين في نظام تقاسم السلطة في لبنان، الذي طالما عانى من تاريخ مضطرب من الصراع الطائفي والعنف، وأبرزها الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا وانتهت في عام 1990. ونوهت بأن لبنان ناضل بالفعل لعقود طويلة من الزمن لوقف التوترات والجمود السياسي داخل نظام الحكومة الخاص بتقاسم السلطة، فضلًا عن استمرار الانقسامات بشدة داخل البرلمان بين الفصائل التي تدعم وتعارض حزب الله، والذي ظل بلا رئيس لمدة عامين تقريبًا.
وأشارت إلى حقيقة أنه عندما أطلق حزب الله الصواريخ على شمال إسرائيل تضامنًا مع المقاومة الفلسطينية، قوبلت هذه الخطوة بمشاعر مختلطة، حيث زعم منتقدون بأن مثل هذه التصرفات نجمت عن سوء تقدير أدى إلى الدمار واسع النطاق لغزة ولبنان واستشهدوا بأنه بعد ما يقرب من عام من القتال منخفض المستوى، صعّد الجيش الإسرائيلي هجماته ضد حزب الله قبل شهر وشن قصفًا جويًا يوميًا وغزوًا بريًا، ونتيجة لذلك، فر معظم النازحين اللبنانيين الذين يقدر عددهم بنحو 1.2 مليون شخص خلال الشهر الماضي.
أما عن الوضع الميداني، ذكرت الوكالة أن الاختناقات المرورية الممتدة لأميال تسببت في نهاية سبتمبر الماضي في انسداد الشوارع المؤدية إلى بيروت حيث فر الناس، بعضهم ليس لديهم سوى الملابس التي يرتدونها.. أما بالنسبة للعديد من الناس، دفعهم العنف إلى مساعدة زملائهم المقيمين، متجاوزين الخطوط الطائفية.
من جانبه..قالت ميشيلا صفير، التي كانت تعيش آمنة في الشمال - تعليقًا على الوضع - إنها أرادت اتخاذ إجراء بعد رؤية صورة لسائق يسكب الماء من زجاجته في زجاجة فارغة لسائق قريب..
وأضافت "أن أول شيء يمكنك التفكير فيه هو كيف يمكنني المساعدة على الفور؟!، وهي الآن تساعد في إعداد وجبات الطعام في مركز فني نسائي أصبح مطبخًا مجتمعيًا ومركزًا لجمع التبرعات لشراء البطانيات والملابس والإمدادات في العقيبة، وهي بلدة ساحلية تقع شمال بيروت مباشرة فيما تقوم النساء النازحات اللائي وجدن مأوى في الأحياء المجاورة بزيارة المركز بانتظام ويساعد بعض الأشخاص المشاركين في مبادرات أخرى في توصيل الوجبات الساخنة إلى الملاجئ في وقت العشاء".
وتابعت وكالة "أسوشيتيد برس" أنه رغم أن المدن الساحلية الشمالية مثل جبيل والبترون ذات الشواطئ البكر والآثار القديمة لم تشعر بالألم المباشر للصراع، إلا أن القلق يتصاعد في المناطق المحيطة..وعلى أحد الطرق الساحلية وبالتحديد في طريق جونيه السريع المزدحم، حيث ضربت طائرة بدون طيار إسرائيلية سيارة في وقت سابق من هذا الشهر، مما أسفر عن مقتل رجل وزوجته.