تتجه أنظار العالم للانتخابات الرئاسية الأمريكية المرتقب عقدها بعد أسبوع تقريبا، في 5 نوفمبر المقبل والتي يتنافس فيها كلا من كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي المرشحة عن الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق المرشح عن الحزب الجمهوري، واللذان يتنافسان في معركة شرسة، تلقي بأصدائها على العديد من القضايا التي كشف كلاهما رؤيتهما لها، ومنها القضية الفلسطينية.
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة لأكثر من عام، قدم كلا من المرشحين رؤيتهما بشأن القضية الفلسطينية والحرب على قطاع غزة، ففي الوقت الذي كانت فيه كامالا هاريس تحاول جاهدة تحقيق التوازن بين الحديث عن الدعم القوي لإسرائيل والإدانات القاسية للخسائر المدنية بين الفلسطينيين وغيرهم من المتورطين في حروب إسرائيل ضد حماس في غزة وحزب الله في لبنان، كان ترامب دائم التأكيد على أن الحرب لم تكن لتحدث في عهده وأنه يستطيع أن يجعل كل هذا يختفي إذا انتُخب.
القضية الفلسطينية على أجندة قضايا المنافسة في الانتخابات الأمريكية
ويتنافس كلاهما على أصوات الناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين والناخبين اليهود، وخاصة في الولايات المتقاربة ومنها ولايتي ميشيغان وبنسلفانيا، فجاء موقف المرشحة الديمقراطية الأخير من مظاهرة مؤيدة للشعب الفلسطيني وتندد بالعدوان على غزة، لتثير جدلا، ففي الوقت الذي أكدت أن مخاوف هؤلاء المتظاهرين حقيقية، أكدت حملتها أن موقف هاريس يتفق حول محنة المدنيين في غزة، إلا أنها لم ولن تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية.
وفي المقابل، في تصريحات إعلامية لوسائل عربية منها مع قناة العربية وقناة إم تي في اللبنانية، أكد ترامب أنه يعد بإحلال السلام وأن الأمور ستسير على ما يرام" في لبنان ليجدد في منشور له على منصته على وسائل التواصل الاجتماعي توقعه أن رئاسة هاريس لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور في الشرق الأوسط.
وتابع ترامب: "إذا حصلت كامالا على أربع سنوات أخرى، فسوف يقضي الشرق الأوسط العقود الأربعة القادمة في الاشتعال، وسيذهب أطفالك إلى الحرب، وربما حتى الحرب العالمية الثالثة، وهو أمر لن يحدث أبدًا مع الرئيس دونالد ترامب في السلطة، من أجل بلدنا، ومن أجل أطفالك، صوتوا لترامب من أجل السلام!".
ووجد استطلاع رأي جديد أجرته وكالة أسوشيتد برس-نورك أن ترامب وهاريس كلاهما لا يتمتعان بميزة سياسية واضحة فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، حيث يقول حوالي 4 من كل 10 ناخبين مسجلين أن ترامب سوف يقوم بعمل أفضل، وتقول نسبة مماثلة نفس الشيء عن هاريس، ويقول حوالي 2 من كل 10 أن أيًا من المرشحين لن يقوم بعمل أفضل.
أما داخل الحزبين، يرى نحو ثلثي الناخبين الديمقراطيين فقط أن هاريس ستكون المرشحة الأفضل للتعامل مع الوضع في الشرق الأوسط، ومن بين الجمهوريين، يرى نحو 8 من كل 10 أن ترامب سيكون أفضل.
وخلال حملتهما الانتخابية دعا كلا من ترامب وهاريس إلى إنهاء الحرب في غزة. وركزت هاريس بشكل أكبر على وقف إطلاق النار واتفاق إطلاق سراح الرهائن الذي سعت إدارة بايدن إلى دفعه خلال الأشهر القليلة الماضية، في حين ركزت رسالة ترامب الرئيسية على التأكد من "نصر إسرائيل"، كما يوضح، كذلك يدعم كلا المرشحين الجهود الرامية إلى تعزيز التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة.
موقف هاريس من القضية الفلسطينية
ويجد موقف هاريس من الحرب تباينا، حيث يؤكد الكثيرون أنها جزء من إدارة الرئيس الحالي جو بايدن ومواقفه المؤيدة لإسرائيل، وأن سياستها لن تكون مختلفة عن سياسات بايدن، وأنها داعمة لإسرائيل، وخاصة أنها متزوجة من دوج إيمهوف، وهو يهودي، فيما يرى خصومها أنها داعمة لحجب بعض الأسلحة عن إسرائيل، وهي الخطوة التي اتخذتها إدارة بايدن للضغط على الاحتلال.
وفيما يخص الأزمة الحالية، دعت هاريس إلى الدعوة إلى وقف إطلاق النار واتفاق إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وهو ما ركزت عليه في تصريحاتها، لكنها تعتبر أن 7 أكتوبر بمثابة "اليوم الأكثر دموية للشعب اليهودي منذ الهولوكوست" وأن تصرفات حماس كانت "شرًا خالصًا" على حد تعبيرها.
وفي بيان لها، في 7 أكتوبر الماضي، بمناسبة ذكرى العدوان على غزة، قالت هاريس إن الوقت قد حان "لوقف إطلاق النار واتفاق الرهائن"، وأنها "ستقاتل دائمًا" من أجل أن "يتمكن الفلسطينيون من تحقيق" حقوقهم.
فيما قال تيم والز، المرشح لمنصب نائب الرئيس الأمريكي عن الحزب الديمقراطي، خلال حدث افتراضي في 3 أكتوبر، بعنوان "مليون صوت مسلم: طريق إلى الأمام"، إن "هذه الحرب يجب أن تنتهي، ويجب أن تنتهي الآن".
في ذكرى السابع من أكتوبر، نشر والز على موقع X أنه ينضم إلى بايدن وهاريس وجميع الأمريكيين "لإدانة" هجوم حماس، مؤكدا أنه "لقد حان الوقت لاتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار الذي يضمن أمن إسرائيل، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وانتهاء المعاناة في غزة، وتمكن الشعب الفلسطيني من تحقيق حقه في الكرامة والحرية وتقرير المصير".
لكن هاريس، عبرت في وقت سابق عن التعاطف مع الفلسطينيين والدعوة إلى تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، فقالت عبر حسابها الحكومي الرسمي على X، في 13 أكتوبر الجاري إنه "يجب على إسرائيل أن تبذل المزيد من الجهود بشكل عاجل لتسهيل تدفق المساعدات إلى المحتاجين. يجب حماية المدنيين ويجب أن يكون لديهم إمكانية الوصول إلى الغذاء والماء والدواء. يجب احترام القانون الإنساني الدولي". في تصريحات رسمية، تؤكد أنها ستقاتل من أجل الفلسطينيين "لتحقيق حقهم في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير".
ومؤخرًا، خلال حدث في قاعة المدينة في بنسلفانيا في 23 أكتوبر، وصفت هاريس حصيلة شهداء الشعب الفلسطيني الأبرياء بأنها "غير مقبولة"، وبعد مقتل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، قالت إن هذا قد يوفر فرصة "لإنهاء الحرب"، و"إغاثة الشعب الفلسطيني" و"العمل نحو حل الدولتين، حيث تتمتع إسرائيل والفلسطينيون على قدم المساواة بالأمن، وحيث يتمتع الشعب الفلسطيني بالكرامة وتقرير المصير والسلامة التي يستحقونها بحق".
لكن في تصريح لها في نفس الوقت، عبرت عن فرحها بمقتل السنوار، وأن الولايات المتحدة وإسرائيل والعالم "في وضع أفضل نتيجة لذلك، ووصفته بأنه أشعل "حربًا أدت إلى معاناة لا توصف للعديد من الفلسطينيين الأبرياء وعدم استقرار أكبر في جميع أنحاء الشرق الأوسط"، وعلى حد قولها أكدت أن "هناك تقدمًا واضحًا نحو الهدف المتمثل في القضاء على التهديد الذي تشكله حماس لإسرائيل"
موقف ترامب من القضية الفلسطينية
أما المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فيصف نفسه بانتظام بأنه "أفضل صديق" لإسرائيل، فقال خلال خطاب أمام المجلس الإسرائيلي الأمريكي في واشنطن في 19 سبتمبر الماضي، إنه "سنجعل إسرائيل عظيمة مرة أخرى" وأكد أنه بفضل أصوات اليهود الأمريكيين، سيكون مدافعًا وحاميًا وأفضل صديق لليهود الأمريكيين في البيت الأبيض على الإطلاق.
وأكد ترامب أن هذه الانتخابات الأمريكية هي "الانتخابات الأكثر أهمية في تاريخ إسرائيل"، وأن إسرائيل في "ورطة كبيرة" وسوف "تُمحى عن وجه الأرض" إذا لم يفز، مضيفا: "إذا لم أفز بهذه الانتخابات فإن إسرائيل، في رأيي، ستتوقف عن الوجود في غضون عامين".
صرح ترامب بأن هجوم 7 أكتوبر كان "واحدًا من أحلك الساعات في تاريخ البشرية"، على حد قوله، ليؤكد أن الرابطة بين الولايات المتحدة وإسرائيل "قوية ودائمة"، لكنها ستكون "أقوى وأقرب مما كانت عليه من قبل" إذا فاز في الانتخابات، مؤكدا في الوقت نفسه ما وصفه بدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، هو ما أكده في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر، حيث قال ترامب إن إسرائيل يجب أن "تفعل ما يجب عليها فعله" من أجل حماية البلاد.
خلال حدث تذكاري في 7 أكتوبر في فلوريدا، تعهد ترامب بأنه "سيدعم حق إسرائيل في الفوز في حربها ضد الإرهاب"، مضيفًا أنه "يتعين عليها الفوز بها بسرعة، بغض النظر عما يحدث، يجب أن تسير بسرعة".
وأكد مرشحه لمنصب نائب الرئيس جيمس ديفيد فانس نفس المعنى، فقال: "لأننا نريد السلام أكثر من أي شيء آخر ولأننا نود منع هذا من أن يصبح صراعًا إقليميًا أوسع، فنحن ندعم حق إسرائيل في الوجود، وندعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والقيام بكل ما يلزم لإنهاء الحرب".
ودائما ما انتقد كل من ترامب وفانس بانتظام نهج بايدن-هاريس في التعامل مع الحرب بين إسرائيل وحماس ووصفه بالضعيف والمتذبذب، موضحا أن تصرفات الإدارة الأمريكية الحالية "قتلت بلا داع الفلسطينيين والإسرائيليين، ومنعت تحقيق السلام الدائم في المنطقة.
ودعا فانس إلى قيادة أمريكية "أقوى وأذكى"، بحجة أن هاريس "اتبعت سياسات تطيل أمد الحرب" بينما كانت في طليعة التهديد بطعن حلفائنا في الظهر.
وفي حديثه في مؤتمر صحفي في منتصف أغسطس، انتقد ترامب هاريس وإدارة بايدن لدعوتهما المتكررة لوقف إطلاق النار، معتبرا أن وقف إطلاق النار "لن يمنح حماس سوى الوقت لإعادة تجميع صفوفها وشن هجوم جديد على غرار هجوم 7 أكتوبر".
كذلك عبر ترامب وفانس عن دعمهما لقتل إسرائيل لزعيم حماس يحيى السنوار، معربا في الوقت نفسه عن رغبته في زيادة اتفاقيات السلام والتطبيع في الدول العربية وإسرائيل في الفترة المقبلة.