يخصص المنتدى الحضري العالمي في نسخته الثانية عشرة التي تستضيفها القاهرة غدٍ الإثنين، وعلى مدار خمسة أيام عددًا من الفعاليات والجلسات لتعزيز التنمية الحضرية لعدد من الفئات كالمسنين..ومن المقرر أن تشهد هذه الفعاليات عرض المشاركين من عدة دول للجهود المبذولة في هذا الصدد بالإضافة إلى تبادل أفضل الممارسات والخبرات بين المشاركين.
ولدى الدولة المصرية تجربة فريدة وعريقة في رعاية المسنين تتكامل مع طبيعة المجتمع المصري الذي يتميز بالترابط بين أبنائه ويتجاوزه ليترابط ويحتوي ضيوفه من الدول الشقيقة..وتعد حماية ورعاية المسنين مسئولية حكومية تتوزع بين عدد من الوزارات وتكملها مؤسسات المجتمع الأهلي بجانب الرعاية الأسرية.
ويمكن تناول تجربة وزارة التضامن الاجتماعي لعدة محاور يمكن تقسيمها وفقا لاحتياجات المسن، حيث تعد الوزارة هي الجهة المعنية الأولى عن توفير الحماية والرعاية الاجتماعية للمسن، وتنطلق الوزارة في عملها من رؤيتها التي وضعتها لعملها في هذا الصدد وهي "تحقيق الحماية والاستقرار لفئة كبار السن والحفاظ على كيانهم وكافة حقوقهم من الظواهر الاجتماعية السلبية من خلال مجموعة من الأنشطة والبرامج للارتقاء بالمستوى الاجتماعي".
وكفل المشرع المصري حقوق المسن، حيث تضمن الدستور المصري الصادر في عام 2014، حقوق المسن كالحق في الرعاية الاجتماعية والصحية وبعض التيسيرات التي تعينهم على قضاء حوائجهم بكل يسر وسهولة، ونصت المادة (83) على التزام الدولة بضمان حقوق المسنين صحيا، واقتصادياً، واجتماعياً، وثقافيا، وترفيهيا، وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة، وتراعي الدولة في تخطيطها للمرافق العامة..وهو بذلك حدد محاور عمل الحكومة في رعاية المسن بهدف تلبية احتياجاته التي تتنوع بين الاحتياجات الاقتصادية، والصحية، والنفسية، والاجتماعية.
كما تضمنت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في سبتمبر 2021 حقوق المسنين بها ضمن المحور الثالث تحت عنوان تعزيز حقوق الإنسان للمرأة والطفل، وذوي الإعاقة، والشباب، وكبار السن.
وصدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 19 لسنة 2024 لرعاية حقوق المسنين، والذي يكفل تمتع المسن بجميع الحقوق الاجتماعية والسياسة والصحية والثقافية والترفيهية وغيرها من الحقوق.
وفيما يتعلق بالاحتياجات الاقتصادية، نص قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019 على زيادة المعاشات المستحقة في 30 يونيو من كل عام، اعتبارا من أول يوليو بنسبة التضخم بحد أقصى 15% للزيادة وألا تزيد قيمة الزيادة في المعاش على نسبة الزيادة منسوبة إلى الحد الأقصى لأجر الاشتراك الشهري في 30 يونيو من كل عام، بالإضافة لدعم العمالة غير المنتظمة.
واتصالًا بهذه الجهود، مدت وزارة التضامن الاجتماعي مظلة الحماية الاجتماعية للمسن الذي لا يملك دخلا يعينه على تلبية متطلباته الأساسية، حيث شمل برنامج الدعم النقدي "كرامة" المسن غير القادر على العمل لتوفير حياة كريمة له، واستهدفه بتقديم دعم شهري بقيمة 615 جنيها شهرياً لكل مسن، ويبلغ عدد المستفدين من المسنين من الدعم النقدي المقدم 545.943 مسن بإجمالي 3.357.549.45 جنيه سنويا، كما يتم إعفاء كبار السن ممن بلغ سن 65 عاما من رسوم مواصلات النقل العام بنسبة 50% واعفاء كامل لمن بلغ سن 70 عاما.
وعلى صعيد الاحتياجات الصحية، نص قانون التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018 ليشمل جميع المواطنين تحت مظلة التأمين الصحي الذي يقوم على التكافل الاجتماعي، وتغطي مظلته جميع المواطنين بجمهورية مصر العربية.
أما فيما يتعلق بالرعاية الاجتماعية والنفسية، تعمل وزارة التضامن علي توفير الرعاية (الاجتماعية - النفسية - الصحية - الترفيهية) لفئات كبار السن لضمان تحسين وتطوير مستوى الخدمات المقدمة لهم بهدف تمكينهم وتحويلهم لطاقة بناءة تساهم في بناء الدولة؛ ويتم ذلك من خلال العديد من البرامج والأنشطة التى تقدم داخل دور المسنين والبالغ عددها 174 دارا على مستوى 22 محافظة تخدم 4500 مسن، وأندية المسنين البالغ عددها 191 ناديا، والتي تخدم 56 ألف عضو من المشاركين في أندية المسنين، و28 مركز علاج طبيعي لتقديم الخدمات التأهيلية لكبار السن، وتنفيذ عدد من القوافل الطبية لتقديم الرعاية الصحية.
وتوفر وزارة التضامن أيضًا خدمة رفيق المسن بهدف الحفاظ على الترابط والتماسك الأسري من خلال تقديم الرعاية الشاملة اليومية للمسن ومساعدته في أداء وظائفه ومهاراته الحياتية داخل منزله أو في غيرها من الأماكن التي يتواجد بها المسن، ومن المقرر أن تطلق الوزارة قريبا خطا ساخنا يتعلق بتوفير خدمة رفيق المسن أو للرد على الاستفسارات المتعلقة بها.
كما تطور مفهوم الرعاية الاجتماعية لدى وزارة التضامن، واتسع ليشمل الدمج الاجتماعي، حيث تعمل الوزارة على محور الدمج المجتمعي من خلال المبادرات والبرامج التي تطلقها الوزارة (مبادرة الحياة أمل - مبادرة العمر الذهبي مبادرة حقنا - الاحتفال باليوم العالمي لكبار السن "الرحلات - المصايف - الندوات واللقاءات التوعوية") بهدف تشجيع كبار السن على المشاركة الفعالة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع وتحفيز المجتمع على الاستفادة من خبراتهم ومهاراتهم وحكمتهم المكتسبة على مر السنوات والاستفادة منها كقاعدة بناء للمستقبل مع الارتقاء بالأداء الوظيفي لهم والمساواة وعدم التمييز.