اكتشف علماء الآثار من المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ بالمكسيك ثلاث جداريات تعود إلى حضارة المايا في موقع دزيبانشي الأثري، الواقع في جنوب كينتانا رو بشبه جزيرة يوكاتان جنوب شرق المكسيك.
ووفقا لما نقله موقع heritagedaily، تأسست مدينة دزيبانشي، والتي يعني اسمها "الكتابة على الخشب" بلغة المايا، حوالي عام 300 قبل الميلاد خلال الفترة الكلاسيكية المبكرة، وكانت عاصمة لسلالة كان، إحدى السلالات المايانية القوية التي بسطت نفوذها على مساحات واسعة من أراضي المايا المنخفضة في الفترة الكلاسيكية لأمريكا الوسطى.
تتميز دزيبانشي بنمطها المعماري الشبيه بنمط بيتن، وتحتوي على هياكل رئيسية مثل معبد الأسرى ومعبد العتب ومعبد البومة، ويعد هرم كورمورانيس أكبر هياكلها، وقد بُني في القرن الخامس الميلادي بأسلوب "تالود تابليرو" المتأثر بعمارة تيوتيهواكان.
ويعد نمط بيتن نمط معماري مميز لحضارة المايا، خاصة في المنطقة التي تُعرف اليوم بمنطقة بيتن في شمال غواتيمالا، وقد ظهر هذا الطراز وازدهر خلال الفترة الكلاسيكية (ما بين حوالي 250 إلى 900 ميلادي)، ويتميز نمط بيتن بعدة خصائص، منها: الأهرامات الضخمة المتدرجة مثل: أهرامات تيكال، حيث تكون الهرمات طويلة ومرتفعة، وغالبًا ما تتكون من مستويات متدرجة تصل إلى قمة تكون فيها غرفة صغيرة مخصصة للطقوس الدينية.
هذا وبالإضافة إلى القناطر الخشبية المائلة، وهو نوع من السقوف المصنوعة من الحجر المنحوت بطريقة تجعلها تتدرج نحو الأعلى، ما يشكل قنطرة فوق المساحات الداخلية، فضلا عن القصرات الملكية والمباني المجتمعية حيث تضم طوابق عدة وتصاميم معقدة للجدران والنقوش الحجرية والزخارف.
وفي الأخير، الترتيب الهيكلي للمجمعات، فغالبًا ما تكون المباني الرئيسية مرتبة حول ساحات مركزية، مما يعكس أهمية التفاعل الاجتماعي والديني في حضارة المايا.
يعكس نمط بيتن درجة عالية من الهندسة المعمارية والفن النحتي لدى حضارة المايا ويعبر عن ثقافتهم ومعتقداتهم الروحية، وقد تأثر لاحقًا بأساليب حضارية أخرى في المنطقة مثل تأثيرات تيوتيهواكان.
أجرى علماء الآثار من المعهد حفريات في دزيبانشي ضمن "برنامج تحسين المناطق الأثرية " المرتبط بمشروع قطار المايا، وقد أسفرت الحفريات عن اكتشاف منصتين غرب ملعب الكرة، حيث عُثر على جداريات مزخرفة تصور مشاهد لحكام سلالة كان.
كانت ملاعب الكرة لدى المايا تُستخدم لإقامة طقوس رياضية ودينية ترمز إلى التجدد واستمرارية الحياة، حيث كان شعب المايا يعبر عن تفانيه للآلهة من خلال هذه اللعبة الميانية القديمة ومن خلال تقديم القرابين الطقسية.
تجسد الجدارية الأولى شخصيتين تحرسان قاعدة تدعم تمثالًا، مع رموز تشير إلى حكام كان، بينما تُظهر الجدارية الثانية شخصيات تحت سماء الليل المليئة بالنجوم والثعابين والزخارف المميزة في فنون المايا وتيوتيهواكان.
أما الجدارية الثالثة، فتحتوي على مشاهد لمخلوقات وأخرى أسطورية مرتبطة بالأبراج، حيث تظهر الثعابين المتشابكة كزخارف متكررة، ترمز إلى حكام الكاان في دزيبانشي وتعزز ادعاءهم بالنسب الإلهي.
يعد حكام سلالة قوية من حكام حضارة المايا، سيطروا على مدينة كانول والمناطق المحيطة بها، وازدهرت هذه السلالة خلال الفترة الكلاسيكية (حوالي 250-900 م)، وتميزت بنفوذها الكبير في منطقة الأراضي المنخفضة الوسطى في المايا، حيث نافست سلالات مايا أخرى قوية، خاصة حكام تيكال.
أسست هذه السلالة تحالفات عسكرية وسياسية واسعة، ما مكّنهم من بسط سيطرتهم على مدن مايا أخرى وتعزيز نفوذهم الإقليمي، ويُعرف حكام كان أيضًا باستخدام الرموز والشعارات الملكية، مثل رموز الأفعى التي كانت ترمز إلى السلطة والقدرة الإلهية، مما ساعدهم في تعزيز شرعيتهم كحكام أقوياء وأصحاب نسب مقدس.