أظهرت دراسة حديثة لباحثين صينيين دوراً للتغيرات المناخية في انهيار أسرة مينج، إحدى أطول وأبرز الأسر الحاكمة في تاريخ الصين.
ونقلا عن موقع sciecnedaily، وقد اعتُقد سابقاً أن السقوط يعود لأسباب اجتماعية واقتصادية، لكن الدراسة الحديثة أشارت إلى تأثير جفاف واسع النطاق يعرف بـ"جفاف وانلي الضخم" والذي وقع قبل عقود من الانهيار المتوقع، حيث ساهم في تسارع الأحداث وسقوط الأسرة.
ربطت الدراسات جفاف "تشونغتشن" تاريخياً، وهو الإمبراطور الذي حكم في أواخر أسرة مينج في الصين، الذي حدث في أواخر عهد أسرة مينج، كعامل أساسي في إضعافها، إلا أن التحليل الجديد من معهد بيئة الأرض التابع للأكاديمية الصينية للعلوم يكشف عن دور جفاف أقدم، هو "جفاف وانلي"، الذي حدث بين عامي 1585 و1590، وشكل أزمة مناخية شديدة التأثير آنذاك، لكنه لم يُدرس بعمق في الأبحاث السابقة.
واجه العلماء تحديات تتعلق بدقة البيانات التاريخية المناخية، مما أعاق فهم الرابط بين المناخ وانهيار الأسرة، وللتغلب على هذا التحدي، استخدم الباحثون طريقة مبتكرة تعتمد على إعادة بناء مؤشر شدة الجفاف باستخدام نظائر الأكسجين المستقرة من حلقات نمو الأشجار في جنوب غرب الصين متتبعين التغيرات المناخية من عام 1556 حتى 2015.
وكان من أبرز النتائج التي توصل إليها الفريق هو وجود ضعف ملحوظ في الرياح الموسمية الصيفية الآسيوية بين عامي 1561 و1661، وهي الفترة التي عرفت بـ"فترة الرياح الموسمية الضعيفة في أواخر عهد مينغ".
وتزامن هذا الضعف بدوره مع تغيرات في أنماط هطول الأمطار مما أثر سلباً على الزراعة والإنتاج الغذائي، وأدى إلى مناخ من عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ساهم في سقوط الأسرة.
كما لوحظ في الدراسة تحول مناخي نحو الترطيب في شمال غرب الصين بدءً من العقد الأول للقرن الواحد والعشرين، بما يتماشى مع اتجاه عالمي نحو مناخ أكثر رطوبة، ويعكس هذا التغيير مدى تأثير التغيرات المناخية المستمرة على تاريخ المجتمعات البشرية في آسيا.
ولم يقتصر تأثير المناخ على جفاف الصين الداخلي، بل أشارت الدراسة إلى دور ظواهر مناخية عالمية، كظاهرة النينيو-التذبذب الجنوبي، التي ربما ساهمت في تفاقم الأوضاع المحلية وزادت من تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وتقدم هذه الدراسة المنشورة في مجلة Palaeogeography, Palaeoclimatology, Palaeoecology فهماً أعمق لتأثير المناخ على سقوط أسرة مينغ، وتدعو إلى التفكير في انعكاسات تغير المناخ الحالي على المجتمعات الحديثة، مشيرة إلى أهمية دراسة التأثيرات التاريخية للمناخ لفهم تحديات اليوم.