الجمعة 27 سبتمبر 2024

خروف مسكوفى!

15-1-2017 | 11:22

«وسأل ناظر العزبة «عباس فارس»: طيب لو كتبنا تكاليف الخروف ١٨ جنيها تبقى كتير؟

 تعجب الموظف الكحيت شحاته «نجيب الريحانى» قائلا: ليه خروف مسكوفى!»

وبعقل شيطانى وفطرة محاسبية شريرة، تفتق ذهن شحاته قائلا: إحنا ندون: حبل ومخلة وجردل لزوم أكل الخروف.. كذا، حكيم بيطرى لزوم علاج الخروف.. كذا، مزين لحلاقة شعر الخروف.. كذا، أكل وشرب للخروف.. كذا، كلاف لتنظيف حظيرة الخروف.. كذا، كده نخليها ٤٨ جنيها مش ١٨، كده الشغل مش الناظر الغبى بتاعنا».

وكأن أحداث فيلم «أبو حلموس» تتكرر أمامنا بمناسبة عيد «الضحية»، منافسة رهيبة بين عدد من الجمعيات الأهلية على تلقى صك الأضحية، وكل منها تتفنن فى باقة من الصكوك حسب التضحيات، وعليك أن تختار من بينها ما يناسب سعتك المالية، ضانى ولا بقرى، وكله حسب الشرع، وبما يرضى الله.

 والسؤال من يرخّص لهذه الجمعيات بإصدار صكوك الأضحية؟.. اللفظ «صكوك» ورد فى صكوك الغفران، وليس من مفردات سرقة مصلحة سك العملة، وإذا كانت هذه الصكوك مصكوكة؛ أى مرخصة رسمياً وشرعياً، فمن يراجع حصيلة الصكوك، ويراقب إنفاقها فى مصارفها الشرعية.. سؤال شرعى؟!.

وهل تقدم هذه الجمعيات إلى وزارة التضامن حساباً بحصيلة الصكوك، وأوجه إنقاقها، وكم تلقت وكم أنفقت، وهل وصلت حصيلة هذه الصكوك إلى مستحقيها بالفعل، أم أن الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا؟.. هو حد هيعد العجول والخراف ورانا، وأخشى أن فى كل جمعية محاسب عقر، قبيح و لكن عبقرى مثل شحاته أفندى، شيطان، مصيبة، عقدة، وشعاره المحاسبى: بحبحها شوية .. بحبح.. بحبح!! 

اهتبال المواسم والأعياد الدينية للتسول باسم الغلابة صار طقساً مصرياً ممجوجاً، من العيد للعيد ومن المولد إلى المولد، مولد الجمعيات منصوب، وكل جمعية متعاقدة مع شيخ معمم من آكلى السريد بالهبر، يهتبر المتبرعين، ويستحل أموال المشاهدين على الهواء مباشرة، بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، المحفوظة والمروية.

والناس عن طيب خاطر وطلباً للأجر والثواب من عند الله، وبعاطفة دينية جياشة وصادقة تدفع أموالاً إذا جمعتها فى حساب واحد لن تجد فقيراً أو محتاجاً فى مصر، تغطى فقراء مصر والسودان والحبشة إن أمكن، ولو تم توجيهها لصندوق «تحيا مصر» مثلا، ليس تفضيلا، بإدارته الرئاسية الرشيدة لتغير وجه الخدمات الاجتماعية فى بر مصر.

 لكن الغرض مرض، واشترى عجولا وخرافا، واذبح واسلخ وشفى وقطع ووزع، وكل سريد واشرب مرقا، والحسابة بتحسب، وحد هيحاسب حد على ما ذهب فى الحمام، هنعد الهبر، هنبص للغلابة فى اللقمة، يعنى جت على حتة لحمة الغلبان، لا يا سيدى لحمة الغلبان مسئولية وزارة التموين متضامنة مع وزارة التضامن، وليست صكوكا مصكوكة فيها جعل معلوم أو غير معلوم للعاملين عليها، وأحيانا رشوة انتخابية، ودعاية مجانية، وعندما تتوفر أموال الصدقات على هذا النحو والفيض، يمكن أن تذهب إلى المساهمة فى خفض أسعار اللحوم فى المجمعات، وبكرامة إنسانية تصل إلى مستحقيها.

هذه الجمعيات تنشط فى المواسم والأعياد، تهتبل الطيبين، طبعا جمعوا مال قارون فى رمضان الماضى، لازم يكملوا التل الذى لايختل فى عيد الأضحى، وقبلا لم تستجب جمعية واحدة لنداء أطلقناه على هذه الصفحات وغيرها فى رمضان الفائت، وانتظرنا كشف حساب شفاف، كم أنفقت كل جمعية على حملة التبرعات، وكم حصدت من نهر التبرعات، وكشف حساب بالمليم عن أوجه الإنفاق، وطلبنا إعلانها على الرأى العام، هذا أكثر مصداقية، ويجلب على الجمعية تبرعات أكثر، والشفافية أهم مادة إعلانية، والإعلانات المكثفة تضج المضاجع، والاستخدام الإعلانى المفرط من قبل الجمعيات الخيرية يولد طوفاناً من الأسئلة والشكوك.

 بلى ولكن ليطمئن قلبى، نرجو إجابة شفافة من كل جمعية، كم أنفقت على حملاتها الإعلانية، وكم تحصلت من تبرعات، يقال إن الجنيه إعلان يجلب ثلاثة فى الجمعيات ذات الإنفاق الإعلانى المحدود، والجنيه بعشرة فى الجمعيات ذات الكثافة الإعلانية، وهذا من قبيل المعلومات المتواترة على الألسنة الطويلة!!

الجمعيات الصغيرة قبل الكبيرة عليها واجب الإفصاح، وكما ناشدتمونا بالتبرع، واستجبنا، نناشدكم بالإفصاح وعليكم الاستجابة، الإفصاح رقمياً أولا، كم مليونا جمعت، وفى أى مقاصد شرعية أو مجتمعية أنفقت، ومن يقف فوق رأس هذه الملايين، ومن يراقب مستندات صرف هذه الملايين، لماذا لا تنشر فى الصحف ميزانياتها كالشركات والبنوك مثلا؟. 

وليفتنا المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات هل يراجع أو راجع حسابات هذه الجمعيات؟.. وهل لدى الجهاز مستندات الصرف وأوجه التبرعات؟.. وهل حسابات هذه الجمعيات مراقبة بمراقبى حسابات؟

وإذا كان لايسأل عما ليس تحت يده، ويقصر عنها سلطانه المحاسبى، مهم أن نسأل وزارة التضامن، هل تتبع المسارات التى تصب فيها التبرعات حتى لا تضل الطريق؟.

شائعات سبقت ومابرحت ولاتزال تسعى كالحيات الزاحفة فى الخراب، تتهم بعض هذه الجمعيات بالإخوانية، وترعى أنشطة لها علاقة بالإرهابية، وفى ظل انعدام الشفافية وعدم نشر الميزانيات تروج مثل هذه الشائعات، تضرب مصداقية حملات هذه الجمعيات الخيرية فى مقتل شرير .

وما أدرانا بمن يقف وراء هذه الجمعيات، لا نضمر شراً، ولكن سؤال واجب، هل يكفى مثلا مع كل الاحترام، ظهور شيخ أو عالم أو فنان فى الإعلان لنبصم بالعشرة وهلم إلى التبرعات، ابو تريكة نموذج ومثال، طبعا النجوم يجلبون التبرعات، ولكن الحسابات الشفافة، وبيان أوجه الإنفاق أكثر مصداقية.

 أذكركم بملعوب «الريان» زمان، الذى اصطنع صوراً مع المسئولين والدعاة ولاعبى الكرة والفنانين لاضفاء مصداقية على أكبر جريمة نهب منظم لجيوب المصريين، سلاح النجوم ينفع أولا.. ولكن فى الأخير لابد من كشف حساب، شفاف.

الجمعية التى تقدم كشف حساب اليوم ستجمع التبرعات غداً، والجمعية التى تحجم فيها «إنّ».. وإن وأخواتها وإخوانها، استقيموا يرحمكم الله.. ماماة الخرفان فى الجوار، عند الجزار، ولايستحب صمت الحملان !. 

كتب : حمدى رزق