أطلقت وكالة ناسا مركبة الفضاء "جونو" بهدف استكشاف كوكب المشتري العملاق الذي يعتبر أكبر وأقدم كواكب النظام الشمسي، وقد أصدرت "جونو" مؤخرًا صورًا جديدة للكوكب التقطتها أثناء تحليقها السادس والستين حول هذا الكوكب الضخم.
وطبقا لما نقله موقع Live science، تهدف مهمة "جونو" إلى دراسة نظام المشتري بكل مكوناته، بما في ذلك حلقاته وأقماره العديدة، وذلك في محاولة لفهم تكوين هذا الكوكب وتطوره، وما قد يسهم ذلك في كشف المزيد عن تطور النظام الشمسي ككل.
انطلقت "جونو" من كيب كانافيرال بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية في أغسطس الماضي من عام 2011، ووصلت إلى كوكب المشتري في يوليومن عام 2016، وتعمل بالطاقة الشمسية لتستمر في إجراء استكشافات دقيقة.
صرح سكوت بولتون، الباحث الرئيسي في مشروع جونو بمعهد الأبحاث الجنوبي الغربي، بأن كوكب المشتري هو الأهم لفهم النظام الشمسي بأكمله.
وأوضح أن مهمة جونو تهدف إلى الكشف عن أسرار هذا الكوكب العملاق، موضحًا أن المركبة تعمل بمثابة "مبعوث" لفك رموز ما يعبر عنه كوكب المشتري، مما سيسهم في تقديم تفسيرات علمية حول خصائصه الفريدة، وأنه يشبه حجر رشيد في مدلول فك رموزه وأسراره.
التقطت "جونو" الصور الأخيرة عند نقطة الحضيض السادسة والستين، وهي النقطة الأقرب في مدارها إلى المشتري، حيث خضعت الصور التي التقطتها لمعالجة فنية قام بها العلماء لتحسين وضوحها وإبراز تفاصيلها.
ومنذ بدء جونو في استكشاف كوكب المشتري قبل ثماني سنوات، كانت المركبة ترسل بانتظام بيانات وصورًا التقطتها بكاميرا JunoCam عالية الدقة، لتتم معالجة هذه البيانات على الأرض وتحويلها إلى صور مدهشة تتيح للعلماء والمهتمين دراسة أدق تفاصيل الكوكب، وذلك وفقًا لما نشرته مجلة نيوزويك.
تمكنت مركبة الفضاء جونو من التحليق الأخير، حيث تمكنت من الاقتراب من أحد أقمار المشتري، أمالثيا، الذي يتميز بسطحه الصخري غير المنتظم وشكله البيضاوي، ويبلغ عرضه حوالي 104 أميال.
وتضيف هذه الصور والمعلومات المزيد إلى رصيد الاكتشافات التي تمكنت جونو من تحقيقها خلال مهمتها، إذ تكشف بشكل غير مسبوق عن الظواهر الطبيعية التي تحدث في أقطاب الكوكب، مثل الأعاصير العملاقة التي تدور حول قطبيه الشمالي والجنوبي.
بالإضافة إلى ذلك، ألقت "جونو" الضوء على التركيب الداخلي الغريب لكوكب المشتري، وكشفت تفاصيل جديدة حول البقعة الحمراء العظيمة، وهي أكبر وأطول عاصفة مستمرة في النظام الشمسي، حيث يعتبر هذا الاكتشاف أحد أبرز إسهامات المركبة في فهم طبيعة المشتري وتطوره.
أُطلقت مهمة جونو في الأصل لتستمر حتى أكتوبر 2017، لتكمل 33 دورة حول الكوكب قبل إنهائها بتدمير ذاتي في الغلاف الجوي للمشتري، وذلك للحيلولة دون تلوث أقمار المشتري الكبيرة بالمركبة، نظرًا لأن أقمار مثل أوروبا وجانيميد وكاليستو تحتوي على أسطح جليدية يُعتقد أنها قد تكون بيئة ملائمة للحياة الميكروبية، لذا قررت ناسا اتخاذ إجراءات احترازية لمنع تلويث هذه البيئات المحتملة.
غير أن نجاح المهمة، واستمرارها في تحقيق اكتشافات مدهشة، دفع وكالة ناسا إلى تمديد المهمة أولاً حتى عام 2021، ثم مرة أخرى حتى سبتمبر 2025، ما أتاح لجونو فرصة لاستكمال 42 دورة إضافية حول المشتري، تشمل استكشاف أقماره الرئيسية وحلقاته الخافتة، في محاولة لإجراء أول استكشاف شامل لهذه العناصر المهمة.
تتيح ناسا عبر صفحة JunoCam للعموم الوصول إلى الصور الخام التي تلتقطها جونو، حيث يتمكن العلماء الهواة والمحترفون من تنزيل هذه الصور وإجراء تعديلات عليها لتسليط الضوء على تفاصيل محددة، إذ أن مهمة جونو لا تتضمن فريقًا مخصصًا لمعالجة الصور، لذا تعتمد ناسا على مساهمات "العلماء المواطنين" لإنشاء إصدارات فنية ومرئية جذابة من الصور، مما يضيف بُعدًا فنيًا واستكشافيًا إلى الصور التي تلتقطها جونو.