رأت مجلة "لوبوان" الفرنسية الأسبوعية أن رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني "هي وحدها في وضع يسمح لها بتشكيل حلقة وصل ثمينة بين أوروبا المضطربة وأمريكا دونالد ترامب".
وقالت المجلة، في افتتاحيتها بقلم كاتبها لوك دو باروشيه اليوم الثلاثاء، إن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد جانبا كبيرا من مصداقيته بعد حله الفاشل للمجلس الوطني"، مشيرة إلى أن سخرية ترامب تجاهه خلال الحملة الانتخابية "تعكس تعقد العلاقات بين الرجلين"، أما ألمانيا أولاف شولتز (المستشار الألماني) فهي خارج اللعبة تماما بعد انهيار التحالف الثلاثي وضرورة تنظيم انتخابات مسبقة بداية 2025".
وفيما يتعلق بالبريطاني كير ستارمر (رئيس الوزراء)، فقد رأت المجلة أنه "مبتدئ" على الساحة الدولية، فضلا عن ذلك فقد غادرت بلاده الاتحاد الأوروبي، "ولايجب أن نغفل المجري فيكتور أوربان (رئيس الوزراء)، وهو من أنصار ترامب المتشددين، الذي يرى نفسه بمثابة جسر عبر الاطلنطي بيد أن أيا من أقرانه في المجلس الأوروبي يثق به".. "وهنا، لم يبق سوى الايطالية ميلوني التي يمكنها لعب دور كانت تقوم به منذ أربعة عقود مارجريت تاتشر مع رونالد ريجان.. إن حقيقة ظهور شبه الجزيرة ة كمرساة للاستقرار السياسي تنبئنا بالكثير عن الهشاشة الحالية التي تعاني منها الديمقراطيات الأوروبية الكبرى وعجز أولئك الذي يحكمونها".
واستطردت المجلة قائلة إنه "منذ أن وطأت قبل عامين قدامها قصر /شيجي/، مقر رئاسة الوزراء في روما، قادت ميلوني بمهارة، وتبنت موقفا مؤيدا لأوروبا والأطلنطي على الساحة الدولية مع الترويج داخليا لسياسة أخلاقية محافظة..وأولئك الذين نظروا إليها على أنها ما بعد الفاشية سيخسرون.. فقد ظهرت على رأس ائتلاف لتحالف اليمين ، ظهرت وكأنها ما بعد شعبوية".
واستشهدت "لوبوان" بما كتبه مدير اليومية الليبرالية /إيل فوجليو/ كلاوديو تشيرازا عندما قال :"إن حكومة ميلوني نجحت في جميع المجالات التي تجاهلت أجندة اليمين المتطرف"، فأوروبا بحاجة إلى المساعدة، "الهجرة باتت حقيقة يجب تنظيمها من خلال اتفاقات مع دول العبور وليس تهديدا يتعين مواجهته من خلال حصار بحري غير واقعي، والتمويل العام حقيقة يجب إدارتها بصورة صحيحة، وليس مضخة اعانات غير مدروسة".
وأضافت "لوبوان" أن الناخبين في إيطاليا ممتنين لميلوني، ففيما تتزايد حركات التحرر فى القارة، فإن حزبها "فراتيلى ديطاليا" يمثل استثناء، فهو سيحصد الكثير من الأصوات في حالة تنظيم انتخابات تشريعية اليوم عن عامين مضيا حيث أظهرت الاستطلاعات انه يمكن أن يحصد 30% من الأصوات حاليا مقابل 26% حصدها قبل عامين.
وعلى نقيض غالبية الزعماء الأوروبيين، تمكنت ميلاني من ايجاد منفذ مميز لها إلى البيت الأبيض القادم عندما نسجت منذ فترة طويلة علاقات مع المعسكر الفائز.. فمنذ عام 2018 ، كان ستيف بانون، أحد أنصار ترامب، ضيفا في اجتماع لحزب "فراتيلى ديطاليا" فى روما .. كما أن تقارب ميلوني مع إيلون ماسك دفع مالك شركة تسلا وسبيس إكس ـ الذى مول حملة ترامب ـ مضطرا فى سبتمبر إلى نفي أي علاقة عاطفية معها.
وأوضحت المجلة الفرنسية أن إيطاليا ـ مثلها فى ذلك مثل كل أوروبا ـ ستخسر كثيرا فى حالة تدهور العلاقات مع الولايات الولايات التي تعد الضامن لأمن القارة العجوز وفي الوقت نفسه سوقا مميزا لشركاتها المصدرة، مشيرة إلى أن احتمال تنصيب رئيس في البيت الابيض ـ في 20 يناير القادم، يهدد بعدم حماية حلفائه وفرض ضرائب على منتجاتهم والتوقف عن مساعدة أوكرانيا، خلق حالة من الهلع فى كل صفوف الاتحاد الأوروبي فيما تتقدم القوات الروسية ـ ببطء ولكن بثبات ـ فى ساحة القتال فى دونباس.
ويتعين على أوروبا العمل بجدية لتظهر للارتقاء إلى مستوى التحدي، "وسيتعين كأولوية تحسين القدرة التنافسية لاقتصادها، وتخفيف الصدمة التجارية التي قد تسببها الحرب على الرسوم الجمركية وأن تأخذ بجدية مسألة أمنها الخاصة وتعزيز قاعدتها الصناعية الدفاعية وزيادة المساعدة العسكرية والاقتصادية التى تقدمها لكييف".
واختتمت المجلة افتتاحيتها بالإشارة إلى أنه لا يمكن القيام بأي من هذا على محمل الجد دون الحد الأدنى من التفاهم مع إدارة ترامب المقبلة بعد التشهير بها أثناء انتخابها في عام 2022، يمكن أن تثبت جورجيا ميلوني في النهاية أنها مصدر مفيد.