تمثل الصناعات الغذائية أحد المجالات الاستثمارية الحيوية في قطاع الأمن الغذائي بسلطنة عُمان، حيث تسهم بشكل كبير في تعزيز نمو الصادرات الوطنية ذات القيمة المضافة.
كما أنها تؤدي دورًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا مهمًّا، وإسهامها في تحقيق سياسة التنويع الاقتصادي وتوفير فرص عمل للمواطنين، وأكدت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه أن العمل جارٍ على تطوير نظام التسويق الزراعي والسمكي في سلطنة عُمان. عبر تطوير البنية الأساسية والخدمات للأسواق الزراعية والسمكية، وتأسيس نظام إدارة متكامل يضمن فعالية العمليات.
وتسعى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، إلى وضع اللوائح والتشريعات الضرورية لتنظيم عمليات التسويق، مع المحافظة على سلامة وجودة المنتجات، وأعلنت عن تطور ملحوظ في الأنشطة التسويقية السمكية في سلطنة عُمان، حيث بلغ عدد المصانع السمكية القائمة 119مصنعًا، ما يعكس النمو المستمر في هذا القطاع الحيوي.
كما سجلت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه 62 سوقًا سمكيًّا قائمًا، فيما بلغ عدد محلات بيع الأسماك في سلطنة عُمان 1009 محلًّا بنهاية العام الماضي. وارتفع عدد تصاريح دخول الناقلات إلى سوق الجملة المركزي للأسماك ليصل إلى 489 تصريحًا.
كما ارتفع إجمالي عدد تراخيص تداول الثروة المائية الحية في سوق الجملة المركزي إلى 915 ترخيصًا، ما يعكس زيادة النشاط التجاري في هذا المجال. وزاد إجمالي عدد تراخيص بائعي الأسماك إلى 905 تراخيص، مقارنة بـ753 ترخيصًا في العام السابق.
وفي إطار تعزيز قطاع التصنيع السمكي وتوفير منتجات ذات جودة عالية تلبي احتياجات السوق المحلية والدولية، ثمة نمواً في أنشطة التصنيع السمكي حتى نهاية أكتوبر 2024م؛ حيث بلغ إجمالي عدد مصانع تجهيز وتجميد الأسماك 94 مصنعًا، و8 مصانع لتجهيز وتجميد الأسماك على السفن العائمة كما تم إضافة مشاريع جديدة في مجال تعليب الأسماك ليصل إلى 3 مصانع، بالإضافة إلى مصنع تجهيز المنتجات الجاهزة للطبخ والاستهلاك بالطرق الحديثة، ومصنع لتكرير زيت السمك للاستخدام الآدمي.
وهناك تقدما ملحوظا في الأعمال الإنشائية للأسواق السمكية الجديدة والمؤهلة في محافظات سلطنة عُمان، حيث يبلغ عددها 16 سوقًا، التي تهدف إلى تعزيز تسويق المنتجات السمكية وتوفير بيئة مناسبة لعمليات البيع والشراء، وتسهم في تعزيز قدرة السوق المحلية على تلبية احتياجات المستهلكين.
تهدف وزارة الثروة الزراعية والسمكية من خلال إنشاء هذه الأسواق إلى توفير بيئة عمل متكاملة تسهل من حركة المنتجات السمكية وتعزز من قدرة المنتجين على تسويق منتجاتهم، ما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وزيادة فرص العمل في القطاع.
إذ تعمل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه على تحقيق التوازن بين العرض والطلب في الأسواق المحلية والدولية، حيث تركز على فتح الأسواق الجديدة وتسجيل الشركات العمانية لتصدير المنتجات السمكية والزراعية للأسواق الإقليمية والدولية، حيث تم فتح العديد من الأسواق الجديدة من بينها السوق الصيني الذي يعد من الأسواق العالمية الواعدة التي تسهم في رفع التصدير للمنتجات الغذائية العمانية وتعزيز القدرة التنافسية لها، كما تسهم الوزارة على حث الشركات للترويج عن منتجاتها في الأسواق العالمية وذلك من خلال المشاركة في الفعاليات والمعارض الدولية.
وتعد الزيارات الميدانية جزءًا من استراتيجية وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه لضمان جودة المنتجات السمكية وتعزيز الثقة في الأسواق المحلية، مما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي وحماية صحة المستهلك.
كما نظمت الوزارة العديد من المعارض والبرامج التسويقية المحلية خلال عام 2024. تضمنت برنامج التسويق السمكي الذي يتم إعداده في كل عام بالتعاون مع شركات تسويق الأسماك بهدف توفير الأسماك في فترة الصيف التي يقل فيها المعروض من الأسماك في بعض الأحيان بسبب الأنواء المناخية وذلك من خلال وضع خطة تسويقية تشمل الأسواق المحلية للأسماك في جميع محافظات سلطنة عُمان.
مؤشر الأمن الغذائي يحقق تحسنا في وفرة الغذاء والاستدامة
وقد حقق مؤشر الأمن الغذائي في سلطنة عمان لعام 2022م ارتفاعا في مؤشري وفرة الغذاء بمقدار 7 نقاط، وفي الاستدامة والتكيف بمقدار 8.4 نقطة.
وتولي وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه اهتماما خاصا بمنظومة سلامة وجودة الغذاء، حيث حرصت على توفير كافة الممكنات التي تسهم في تطويرها، من خلال الهدف الاستراتيجي المتمثل في "ضمان سلامة وجودة الغذاء وفق الضوابط والتشريعات ومتابعة تنفيذها".
وتمثل هذا الاهتمام عبر إصدار اللوائح والتشريعات والقوانين المنظمة لسلامة وجودة الغذاء والإشراف على تنفيذها بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة، وفي مقدمتها قانون سلامة الغذاء العماني، كما يقوم مركز سلامة وجودة الغذاء بإعداد وتحديث وتبني اللوائح والمواصفات الفنية للمنتجات الغذائية، حيث تم إعداد 7 مشروعات مواصفات ولوائح فنية خليجية، ومراجعة 120 مشروع لائحة فنية ومواصفات وطنية وخليجية بين عامي 2022 و2023م.
طرح 30 مشروع للاستثمار في مجال الأمن الغذائي
وطرحت سلطنة عُمان 30 مشروع للاستثمار في مجال الأمن الغذائي، على خلفية أعمال "مختبر الأمن الغذائي 2024" الذي نظمته وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، بالتعاون مع وحدة متابعة تنفيذ "رؤية عُمان 2040" والبرنامج الوطني للاستثمار وتنمية الصادرات "نزدهر" والبرنامج الوطني للتشغيل وشركات القطاع الخاص؛ لتعزيز قطاع الأمن الغذائي وتطوير حزمة من الفرص الاستثمارية المرتبطة بالقيمة المحلية المضافة وعرضها للاستثمار.
تتعلق تلك المشروعات بعدد من المحاصيل الاستراتيجية التي تقل فيها نسب الاكتفاء كالبصل والثوم والبطاطس وغيرها من المحاصيل الاستراتيجية والاستزراع السمكي والأسواق السمكية ومشروعات في قطاع موارد المياه بهدف رفع نسب الاكتفاء الذاتي وتقليل فاتورة الواردات وزيادة قيمة الصادرات وإيجاد فرص عمل للعُمانيين.
ومن بين المشروعات التي بدأت الإنتاج مشروعات القمح، حيث ارتفع إنتاج سلطنة عُمان من هذا المحصول الاستراتيجي من 2000 طن في عام 2022م إلى ما يزيد عن 10 آلاف طن حتى الآن، معربًا عن أمله في أن تزيد هذه المساحات بالدعم الحكومي لهذا المحصول المهم وتشجيع المزارعين وتحفيزهم عبر تقديم العديد من الميزات والحوافز.
الزراعة الشتوية رافد حيوي للأمن الغذائي
تُعد الزراعة الشتوية في سلطنة عمان موسمًا حيويًا يحمل في طياته فرصًا كبيرة لتعزيز الأمن الغذائي وزيادة الاكتفاء الذاتي. يتسم هذا الموسم بتنوع المحاصيل المزروعة، بدءًا من الحبوب والخضراوات وصولاً إلى الفواكه، مما يعكس قدرة القطاع الزراعي على تلبية احتياجات السوق المحلية، كما تُتيح الزراعة الشتوية للمزارعين تحقيق دخل مستدام، وتوفير فرص عمل تعزز من مستوى المعيشة، ويساهم التعاون بين المزارعين والجهات الحكومية في تنظيم السوق وضمان حماية المنتجات المحلية، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويعزز استقرار الأسعار، وفي ظل التحديات المناخية التي قد تواجه الزراعة، تبرز التقنيات الحديثة والممارسات المستدامة كخطوات أساسية لتحسين الإنتاجية وجودة المحاصيل.
وفيما يتعلق بالفوائد الاقتصادية للزراعة الشتوية، فإنها تُساهم في زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي للمزارعين والمجتمع بشكل عام، كما تحقق الزراعة الشتوية دخلاً جيدًا للمزارعين، وتلعب دورًا فعالًا في تعزيز الأمن الغذائي لسلطنة عمان؛ فعندما تزداد المحاصيل المنتجة محليًا، ينخفض الاعتماد على الاستيراد، مما يساهم في استقرار الأسعار ويعزز الاقتصاد المحلي.
ولا شك أن الاهتمام بالزراعة المستدامة وتبني الممارسات الحديثة في الزراعة، يساعد على تحسين الإنتاجية وتقليل التأثيرات السلبية الناجمة عن التغيرات المناخية، فضلاً عن أن الاستثمار في التقنيات الحديثة وطرق الزراعة المبتكرة يعد خطوة أساسية نحو تحقيق مستقبل زراعي أفضل في سلطنة عمان.
بلغ عدد الفرص الاستثمارية في مجال الأمن الغذائي بمحافظة جنوب الباطنة حتى النصف الأول من العام الجاري 65 فرصة استثمارية، في القطاعات الزراعية والحيوانية والسمكية والمائية، بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من 30 مليون ريال عُماني، وذلك بالتعاون مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني. هذه المشروعات تعد رافدا في مجال تحقيق الأمن الغذائي في سلطنة عُمان في مختلف المجالات، كالدواجن والألبان والإنتاج الزراعي والعسل وغيرها من المجالات.