عقد قصر ثقافة بورسعيد، لقاء لنادي الأدب تضمن استمرار ورشة "فن الكتابة المسرحية"، المقدمة ضمن أجندة فعاليات الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، وبرامج وزارة الثقافة.
بدأ الشاعر عادل الشربيني، رئيس نادي أدب بورسعيد، الفعاليات بمقدمة حول موضوع الورشة، وعرض مجموعة من النماذج المسرحية للورشة، وقدم عدد من الأدباء الحضور عروضا مسرحية مكتوبة تناولت موضوعات اجتماعية متنوعة، منهم القاصة سهام الوهيبي، الكاتبة أماني حجازي، الكاتبة ماجدة محمد، القاص السيد العبادي، الشاعر يوسف منسي، القاصة أميرة الكيكي، الشاعر محمد مجاهد، الشاعر إبراهيم الشبراوي، وإبراهيم خضر.
وعقب الكاتب المسرحي والناقد عبد الفتاح البيه مدرب الورشة على هذه النصوص، مشيرا إلى أنها تميزت بلغتها ووضوح شخصياتها، واستكمل الورشة بموضوع "الزمكنة في النص المسرحي"، مسلطا الضوء على أهمية الزمان والمكان في تشكيل الأحداث وتحريك الشخصيات داخل النص المسرحي.
وأكد "البيه" إلى أن الزمن يحمل فلسفة خاصة يجب أن يلم بها الكاتب ليضفي عمقا على الدراما المسرحية، مستعرضا مفاهيم متناقضة مثل الازدهار والانحسار، الحياة والموت، الحركة والسكون، الحضور والغياب، وكيف يمكن أن يعبر غياب الحاضر عن الحضور ذاته، كما يظهر في السيرة الذاتية للأدباء الراحلين.
وأشار مدرب الورشة أن المصري القديم هو أول من مارس الكتابة المسرحية قبل أن يأتي أرسطو ومن بعده الفلاسفة اليونانيون، حيث اعتمد المصري على الرمزية في دفن أدوات الموتى ليجسد فكرة الحياة بعد الموت.
كما تطرق إلى مفهوم الزمن عند أرسطو في كتاب "الشعر"، وذكر أنه وصف الزمن بالعقلاني المرتبط بقدم العالم. وناقش أيضا رؤية القديس أوغسطين الذي اعتبر الزمن الماضي قد انتهى والزمن المستقبل غير موجود، رابطا إياه بالذاكرة والفناء.
ثم قدم "البيه" لمحة عن رؤية جان بول سارتر للفكر الوجودي، الذي يعتبر أن للزمن بعدا داخليا يعكس قوة الإنسان أو ضعفه. ومن ثم تناول نظرية النسبية لأينشتاين التي تنص على ترابط الزمان والمكان بشكل لا يمكن فصلهما، ومرورا بميشيل فوكو الذي عرّف العصر الحالي بأنه عصر الفضاء حيث بات ينظر إلى المكان والزمن بطرق جديدة تتماشى مع سرعة التواصل والتقدم التكنولوجي.
واستعرض البيه رؤى متعددة للزمن لدى شخصيات مثل هيجل الذي وصف الزمن بأنه "روح مطلقة"، وسوزان لانجري التي قالت "إن الزمن جزء من المكان"، كما عرف الزمن وفقا للمفهوم الديني بأنه امتداد للماضي.
واختتمت الورشة بتوجيه الحضور إلى ورشة قادمة عن "مسرح اللامعقول"، وتكليفهم بكتابة نموذج مسرحي يختارون فيه زمانا ومكانا معينين ويبحثون في كيفية توظيفهما ضمن النص المسرحي.
جاء اللقاء ضمن الأنشطة الأدبية بإقليم القناة وسيناء الثقافي، برئاسة أمل عبد الله، وإدارة د. شعيب خلف، مدير عام الإقليم، وفرع ثقافة بورسعيد.
كما أقيمت ندوة أدبية عقب الورشة حول موضوع "المجلات والنشرات الأدبية"، قدمها الكاتب والناقد محمد خضير، الذي أشاد بالنشاط الثقافي والأدبي النشط في بورسعيد، خاصة من خلال أندية الأدب وغيرها من المؤسسات الثقافية، مستعرضا تاريخ الإصدارات الأدبية في بورسعيد منذ العدوان الثلاثي عام 1956، وأعمال مجموعة من المبدعين منهم أحمد عبد اللطيف وأمين العصفوري، حلمي الساعي، محمد شاكر مخلوف، وغيرهم، والعديد من المنشورات المحفزة للوطنية ورفض العدوان، وكذلك أغاني السمسمية.
ثم تناول مرحلة الستينيات، حيث صدرت مجلة "بورسعيد الثقافية" عن دار الثقافة الجماهيرية، وجمعت بعض الأعمال في كتب مثل "يصغى ويقول الموج".
كما تناول مرحلة التسعينات، مشيرا إلى أنها شهدت ازدهار أعمال الأدباء والشعراء عبر أندية الأدب، وتم نشرها في دوريات مختلفة، وظهر كتاب الشاعر كامل عيد بعنوان "بورسعيد علم ونغم"، الذي جمع ألحان السمسمية بالنوتة الموسيقية، مشيرا لاستمرار دوريات الثقافة في دعم الأدب، حيث أُصدرت نشرة "الثقافة" بمناسبة مهرجان الأغنية الشعبية عام 1991، ولاحقا في 2006.
واستعرض "خضير" أيضا مجلات أدبية مثل "الحرافيش"، التي تميزت بتنوع محتواها، و"ذاكرة اليود" و"أصداف"، وهي مجلة من إصدارات نادي الأدب، كما تناول بعض الإصدارات الأدبية التي ظهرت من خلال جمعيات أدباء وفناني بورسعيد، مثل "كتاب مفكرين وأدباء من بورسعيد" للأديب علي بركات و"أكاليل غار النورس".
واختتم بتذكير الحضور بمؤتمر أدباء مصر العشرين، الذي عقد في بورسعيد، حيث أعد الكاتب الراحل قاسم عليوة كتاب "مرافق السرد"، الذي ضم قصصا لأدباء محليين، إضافة إلى إصدارات أخرى مثل "سفائن القصص".