الخميس 14 نوفمبر 2024

تحقيقات

محاور لقاء بايدن وترامب في البيت الأبيض.. أبرزها التعاون بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي

  • 14-11-2024 | 03:18

بايدن وترامب

طباعة
  • إسلام علي

انتهى اجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي عُقد أمس الأربعاء، في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، على أربعة محاور أساسية ارتكزت عليها ذلك الاجتماع الممتد لفترة طويلة من الوقت وكان من أهمها وحدة الداخل الأمريكي، وأهميه اطلاق سراح المحتجزين في غزة من الرهائن. 

 

محور أول.. التعهد بالانتقال السلس للسلطة 


استمر ذلك الاجتماع إلى نحو ساعة و54 دقيقة من المناقشات، في هذا الاجتماع، أكد ترامب أن العملية الانتقالية ستكون "أسلس ما يمكن"، وهو ما يتماشى مع التقاليد السياسية التي تحكم الانتقال السلمي للسلطة في الولايات المتحدة، وأوضح ترامب بعد مصافحته لبايدن في المكتب البيضاوي قائلاً "السياسة صعبة وليست عالماً جميلاً، ولكن العالم جميل اليوم، وأنا أقدّر ذلك خير تقدير".
كان هذا الاجتماع بمثابة فرصة لترامب للعودة إلى البيت الأبيض بعد أن تركه قبل أربع سنوات، حيث غادره في ظروف معقدة بعد الهجوم الذي شنه أنصاره على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، ليعود الآن وهو عازم على استعادة السلطة. 

ووصف رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، عودة ترامب إلى واشنطن بأنها "عودة مذهلة"، وأكد استعداد الجمهوريين لتنفيذ أجندته السياسية "أمريكا أولاً"، وهي الأجندة التي يعتزم ترامب تطبيقها بشكل مكثف خلال فترة رئاسته المقبلة.

 

 محور ثاني.. كيفية تأمين عملية انتقال السلطة

  
شهد الاجتماع بين بايدن وترامب تبادل لعدد من الآراء حول كيفية تأمين عملية الانتقال، حيث حرص بايدن على تأكيد دعمه لعملية انتقال السلطة السلمية، وهو ما شددت عليه المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، في تصريحات سابقة حين قالت إن بايدن يؤمن بالأعراف الأمريكية ويؤمن بانتقال السلطة السلمي، مشيرة إلى أن ذلك هو "العرف" الذي يجب أن يحدث، وفي المقابل، شدد ترامب على ضرورة أن تسير الأمور بسلاسة بين الفريقين في المرحلة المقبلة.

وكان اللقاء في المكتب البيضاوي فرصة للتأكيد على الالتزام بالتقاليد الديمقراطية في الولايات المتحدة، فترامب ورغم خصوماته العميقة مع بايدن، أكد خلال الاجتماع أنه يطمح إلى أن يتم الانتقال بطريقة مرنة وسلمية، وعلى الرغم من سنوات من الانتقادات والاختلافات الشديدة بين بايدن وترامب، بما في ذلك مواقفهما المتباينة بشأن قضايا هامة مثل تغير المناخ والسياسات التجارية والعلاقات مع روسيا.

 

  محور ثالث.. وحدة الداخل الأمريكي 


تطرق بايدن وترامب إلى ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد، خصوصاً بعد الهجوم الذي تعرض له الكابيتول في 6 يناير 2021، والذي كان بمثابة قمة التوتر السياسي في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر، رغم الاختلافات السياسية العميقة بين الطرفين، كان هناك إجماع على أن الشعب الأمريكي يجب أن يثق في عملية الانتقال السلمي للسلطة كجزء أساسي من الاستقرار الديمقراطي.

 

المحور الرابع العلاقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي 


على الرغم من أن الاجتماع بين بايدن وترامب كان يركز في الأساس على الانتقال السلمي للسلطة، فإن هناك جوانب أخرى غير رسمية قد تكون قد نوقشت في اللقاء، مثل العلاقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وكيفية التعامل مع القضايا الاقتصادية المحلية، وكذلك التعامل مع أزمة كورونا التي لا تزال آثارها ممتدة.


استعدادات الإدارة للتعاون مع الرئيس المنتخب.. مستشار الأمن القومي والرئيس الجديد 


ومن جانب آخر، تحدث مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، عن أهمية دعم أوكرانيا في سياق الأمن القومي الأمريكي، معتبراً أن هناك تعهدات جديدة من إسرائيل بشأن الوضع في غزة، وكما أشار إلى استعداد الإدارة الحالية للعمل مع فريق ترامب لتأمين الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.

وفيما يتعلق بالجانب الفني لعملية الانتقال، فإن فريق ترامب لم يُوقع بعد على بعض الاتفاقيات الضرورية لتأمين توفير المساحات المكتبية والمعدات الحكومية، فضلاً عن الوصول إلى المسؤولين الحكوميين والمنشآت ذات الصلة، وقال برايان فانس، المتحدث باسم فريق ترامب، إن المحامين المسؤولين عن عملية الانتقال يعملون بشكل بناء مع محامي إدارة بايدن لضمان استكمال كافة الاتفاقيات اللازمة. وتكمن أهمية هذه الاتفاقات في أنها تضمن سلاسة التواصل بين الأجهزة الاتحادية، وهو ما يراه الخبراء خطوة حاسمة لضمان استقرار المرحلة الانتقالية.

لم يكن اللقاء بين بايدن وترامب مجرد تقليد سياسي، بل كان يحمل معاني خاصة في ظل الظروف الحساسة التي يمر بها النظام السياسي الأمريكي، ففي وقت سابق، خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2020، رفض ترامب الاعتراف بهزيمته، مما أدى إلى تأخير عملية الانتقال بشكل غير مسبوق، كما كان قد رفض حضور حفل أداء اليمين الدستورية لبايدن، وهو ما جعله يواجه انتقادات واسعة، لكن اليوم، جاء الاجتماع بين الرئيسين ليؤكد على عودة تقاليد السلطة بعد سنوات من التوتر السياسي.

ومن الناحية السياسية، يعد هذا اللقاء بمثابة إعادة تموضع للرئيس المنتخب في واشنطن، حيث يخطط ترامب خلال هذه الفترة لتسوية أولويات يومه الأول في البيت الأبيض، في وقت تزداد فيه الأوضاع توتراً بسبب الهيمنة الجمهورية على الكونغرس، والتي قد تتيح له مزيداً من النفوذ في التوجهات السياسية الأمريكية المقبلة.

أما بالنسبة لبايدن، فقد أصر على تقديم الدعم الكامل لتسليم السلطة بطريقة منظمة ووفقاً للأعراف الأمريكية، وهو ما يعكس التزامه المستمر بالديمقراطية، حتى وإن كانت حملته قد شهدت خلافات حادة مع ترامب خلال السنوات الماضية، وفي هذا السياق، يرى كثير من المراقبين أن هذا اللقاء يمثل خطوة نحو تهدئة الأجواء السياسية في البلاد التي عانت من انقسامات حادة.

يبقى هذا الاجتماع نقطة مفصلية في تاريخ السياسة الأمريكية الحديثة، حيث يواجه البلد تحديات كبيرة تتعلق بالانتقال السلمي للسلطة وتعاون المسؤولين السياسيين في ما بينهم، خصوصاً في لحظات فارقة من تاريخ الأمة.

يمكن أن يكون ذلك اللقاء بداية لمرحلة جديدة من التعاون بين الطرفين في سياق انتقال السلطة، خاصة وأن ترامب أظهر استعداداً للعمل جنباً إلى جنب مع بايدن لضمان استقرار المرحلة الانتقالية، ومن المتوقع أن تؤدي هذه التفاعلات إلى تقليل حدة الانقسام السياسي الذي ساد خلال السنوات الأخيرة.

وفيما يتعلق بالخطوات المستقبلية، يتطلع المراقبون إلى معرفة كيفية سير عملية الانتقال بين الفريقين، خاصة في ما يتعلق بالمسائل اللوجستية المتعلقة بمساحات العمل، الانتقال الرقمي، بالإضافة إلى تأمين معدات الحكومة الفيدرالية، وعلى الرغم من أن هذه الترتيبات قد تبدو فنية، إلا أنها أساسية لضمان استمرارية عمل الحكومة الأمريكية دون تعطل.

علاوة على ذلك، يعكف الجمهوريون بقيادة ترامب على تحديد أولوياتهم في الكونغرس، خاصة فيما يتعلق بقضايا مثل السياسات الاقتصادية، الضرائب، الدفاع الوطني، وأيضاً السياسات المتعلقة بالهجرة. 

يُتوقع أن تركز هذه السياسات على تعزيز الأجندة التي قادها ترامب أثناء ولايته الأولى، مثل "أمريكا أولاً"، والتي تعني اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الولايات المتحدة بشكل مباشر.

بيد أن المسألة الأكثر إثارة للجدل بين الحزبين تتمثل في كيفية التعامل مع قضايا العدالة الاجتماعية، والحقوق المدنية، وأزمة تغير المناخ. فبينما يميل الديمقراطيون إلى اتخاذ موقف أكثر مرونة ودعماً للحقوق الفردية والبيئية، يظل الجمهوريون يتبنون مواقف أكثر تشدداً في العديد من القضايا، على الرغم من هذه الفروق، فإن العلاقة بين بايدن وترامب قد تكون فرصة لتجاوز العديد من الأزمات السياسية الداخلية والخارجية التي تواجهها الولايات المتحدة.

خلال الأشهر المقبلة، من المنتظر أن تتوضح صورة الحكومة الأمريكية تحت قيادة بايدن، وكيف سيتم التعامل مع هذه القضايا الحساسة في ظل المرحلة الانتقالية. سيكون ذلك اختباراً حقيقياً لنضج الديمقراطية الأمريكية واستعداد السياسيين للعمل معاً من أجل مصلحة البلد، حتى في أوقات الانقسامات السياسية العميقة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة