استقبل الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، اليوم في القاهرة، رونالد لامولا، وزير العلاقات الدولية والتعاون بجمهورية جنوب إفريقيا.
وقد تم عقد الجولة الأولى من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في مصر وجنوب إفريقيا، وذلك بناءً على توجيهات القيادة السياسية في كلا البلدين، ووفقًا لتوصيات الدورة العاشرة للجنة المشتركة التي انعقدت في مايو 2024، ويأتي هذا اللقاء بهدف توحيد الرؤى وتنسيق المواقف تجاه التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.
رحب الوزيران باستمرار عمل لجنة التعاون المشتركة، واتفقا على مواصلة انعقاد اللجنة كل عامين وعقد اجتماعات مراجعة دورية الأعمال اللجنة سنوية برئاسة كبار المسئولين في البلدين بالتناوب بين مصر وجنوب إفريقيا طبقاً للصيغة المتفق عليها بين الجانبين. عقب الجلسة التاسعة النصف سنوية للجنة التعاون المشترك التي عقدت في مايو ۲۰۲۲ ، تم عقد الجلسة العاشرة في بريتوريا في أبريل ۲۰۲٤ ، ومن ثم بعد توقف ۱۲ عاماً، عادت اللجنة المشتركة للانعقاد بصورة دورية مما شكل بداية جديدة أحدثت زخماً متجدداً للعلاقات الثنائية.
ترأس الوزيران وفدى بلديهما خلال الدورة الأولى للمشاورات السياسية بين البلدين المنعقدة بالقاهرة، والتي أطلق خلالها الوفدان حواراً شاملاً لتبادل الرؤى حول مجموعة واسعة من الموضوعات تشمل نواحي متعددة بالعلاقات الثنائية بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك مسترشدين في ذلك بالتاريخ المشترك بين البلدين في الكفاح ضد الاستعمار والفصل العنصري "الابارتهايد" وبأواصر الصداقة والتضامن التي ترتكز عليها العلاقات الثنائية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية جنوب أفريقيا، وبالرؤية المشتركة لأفريقيا.
أكد الوزيران على الالتزام بتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين على نطاق واسع وعميق وقوي باعتبارهما دولتين أفريقيتين شقيقتين، وبهدف تلبية تطلعات شعبيهما، ومن منطلق الحرص المشترك على تعزيز السلم والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في القارة الأفريقية، فضلاً عن تعزيز آليات إيجاد حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية اهتداء بالقيم المشتركة بين البلدين.
اتفق الوزيران على أهمية العمل الجماعي الإفريقي المشترك الهادف لتعزيز التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة على مستوى القارة الأفريقية. وفي هذا الصدد، فقد نوه الوزيران إلى أن مشروع طريق "القاهرة - كيب تاون"، الذي تم طرحه بريادة فخامة الرئيس "ما تاميلا سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، في إطار الاتحاد الأفريقي، وحظي بدعم قوي من جانب فخامة السيد الرئيس "عبد الفتاح السيسي" رئيس جمهورية مصر العربية، يعد حلقة للوصل بين الدولتين، وكذا بين دول بشمال وشرق وجنوب القارة الأفريقية.
وفيما يتعلق بالقضايا الثنائية
تناول الوزيران التقدم المحرز في إطار الدورات المتعاقبة للجنة المشتركة للتعاون، كما قاما بمراجعة موقف الاتفاقيات القائمة بين البلدين، وبتقييم التقدم الذي تم إحرازه خلال الدورة العاشرة للجنة المشتركة، كما أكدا على ضرورة بحث إمكانية التوقيع على اتفاقيات جديدة ومذكرات للتفاهم في مجالات تخدم المصلحة المشتركة للدولتين.
وفي هذا الإطار، بحث الوزيران مقاربات عملية لزيادة حجم التجارة البينية وتدفق الاستثمارات بين البلدين، والتي لا يعكس مستواها الحالي الإمكانات الكبيرة التي تمتلكها البلدان وتحقيقاً لتلك الغاية، فقد شدد الوزيران على أهمية اتخاذ خطوات عملية في المجالات التي تم تحديد فرص اقتصادية بها.
وفي هذا الإطار، أكد الوزيران عزم حكومتيهما على مواصلة تشجيع إنشاء مجلس الأعمال المصري الجنوب أفريقي، وإزالة العوائق غير الجمركية التي تقوض التجارة بين البلدين من أجل تشجيع مجتمعي الأعمال في كلا البلدين على استغلال المزيد من الفرص التجارية والاستثمارية المتعددة.
كما حث الوزيران على تفعيل التعاون بين الهيئات المعنية بالاستثمار وغرف التجارة في كلا البلدين من أجل تيسير وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في اقتصاد البلدين. وفي هذا السياق، فقد رحب الوزيران بانعقاد منتدى الأعمال المشترك بين عدد كبير من شركات ومؤسسات ورواد الأعمال من البلدين بالتوازي والتزامن مع انعقاد جولة المشاورات السياسية.
اتفق الوزيران كذلك على توسيع نطاق التعاون في مجالات الدفاع والأمن وإنفاذ القانون الطاقة والتعدين والبتروكيماويات، صناعات السيارات والخدمات المالية والتأمين تطوير البنية التحتية والتنمية الصناعة والأدوية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العلوم والبحوث والزراعة والخدمات من خلال تبادل الزيارات الثنائية وتبادل الخبرات وبناء القدرات.
واتفق الوزيران على الحاجة لحث التقارب بين الشعبين من خلال سبل عدة منها بما فيها التعاون البرلماني الرياضة، الفنون والثقافة والسياحة والأنشطة الشبابية.
وخلص الوزيران إلى أن هناك حاجة للارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين إلى الشراكة الاستراتيجية، ومواصلة التشاور بشأن ترفيع انعقاد اللجنة المشتركة للتعاون اعتباراً من الدورة الحادية عشرة للجنة المقرر انعقادها بالقاهرة خلال عام ٢٠٢٦.
وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية
تناول الوزيران الوضع الحالي والتحديات التي تواجه السلم والأمن في القارة الأفريقية، وناقشا الوضع السياسي في مختلف أقاليم القارة. وقد أكد الوزيران التزامهما بالعمل المشترك لتعزيز السلم والأمن بالقارة، وتحقيق أهداف أجندة الاتحاد الأفريقي ٢٠٦٣، ومكافحة الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية الجرائم السيبرانية، والاتجار فى البشر، وغسيل الأموال، والتدفقات المالية غير الشرعية، وتهريب والإتجار في المخدرات.
كما عبر الوزيران عن رغبتهما في اتخاذ مزيد من الخطوات لتحقيق التكامل الاقتصادي في القارة، من خلال تشجيع التعاون بين التجمعات الاقتصادية الإقليمية الفرعية القائمة، وعبر تفعيل منطقة التجارة الحرة الثلاثية بين اتفاقية السوق المشتركة بين دول الشرق والجنوب الأفريقي "الكوميسا" وتجمع تنمية الجنوب الأفريقي "السادك" وتجمع شرق أفريقيا، وبالتالي تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية في أفريقيا.
وفيما يتعلق بالقضايا الدولية
ناقش الوزيران عدداً من الأزمات والقضايا الدولية، وتداعياتها على الاستقرار والسلم والأمن الدوليين، وشددا على أهمية الحوار والمفاوضات والحلول الدبلوماسية، وأكدا دعم بلديهما لكافة المساعي التي من شأنها التوصل لتسوية سياسية. وفي هذا السياق، شدد الوزيران على الحاجة لدعم النظام المتعدد الأطراف وأكدا عنان مؤسسات الحوكمة العالمية، بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، ينبغي أن تكون أكثر شمولاً وتمثيلاً وديمقراطية لإتاحة وتيسير قدر أكبر من مشاركة الدول النامية في صنع القرار العالمي، كما شددا على أهمية دور حركة عدم الانحياز، ومجموعة السبعة وسبعين، في ضمان الأخذ في الاعتبار برأي الدول أعضاء الحركة.
وقد وجه الوزير لامولا" دعوة رسمية للسيد الوزير الدكتور بدر عبد العاطي لزيارة جنوب أفريقيا لعقد الجولة الثانية للمشاورات السياسية بين البلدين في بريتوريا، حيث وافق سيادته على تلبية الدعوة.
وفي ختام الزيارة الرسمية عبر السيد الوزير لامولا" عن بالغ التقدير والامتنان للسيد وزير الخارجية والحكومة وشعب جمهورية مصر العربية على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة له ولجميع أعضاء الوفد الجنوب الأفريقي خلال الزيارة.