قال نائب وزير الخارجية السفير أبو بكر حفني محمود إن العالم اليوم يفتقد للسلام أكثر من أي وقت مضى، وبات في أمس الحاجة إلى تفعيل "الدبلوماسية الوقائية" التي طالما نادى بها الدكتور الراحل بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة.
وأضاف السفير محمود، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /الخميس/ على هامش مشاركته في الحفل السنوي لمؤسسة كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة، أنه في ظل حالة الحرب وعدم الاستقرار والاضطرابات التي تعصف بعدد من مناطق العالم خاصة منطقتي الشرق الأوسط وإفريقيا، أصبح هناك حاجة ماسة إلى العمل على تفعيل "الدبلوماسية الوقائية" لما لها من دور أساسي في تجنب النزاعات قبل وصولها إلى نقطة الصدام.
وأشار إلى أن الراحل بطرس غالي كان يؤمن بجدوى تلك الدبلوماسية وفاعلية الترويج النشيط لثقافة السلام وحل المنازعات بالتفاوض وفقاً لقواعد القانون الدولي باعتبارها السبيل الوحيد لتسوية النزاعات وحل الأزمات.
ونوه بأهمية تذكير تلاميذ بطرس غالي بتعاليمه ومبادئه من أجل إعلاء مبادئ السلام وتكريس رؤيته لصالح الإنسانية، وكذلك تعريف الأجيال التي لم تعاصره بمسيرته السياسية والدبلوماسية والأكاديمية الحافلة، وبمواقفه الوطنية وتمسكه بمبادئه ودفعه ثمناً لذلك لم يندم أبداً عليه، بل زاده تقديراً واحتراماً لا سيما في عالمه العربي والإفريقي الذي طالما أعرب عن فخره بانتمائه إليهما.
وسلط السفير محمود الضوء على اهتمام بطرس غالي، من خلال كافة المناصب التي تقلدها، بتعزيز الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية، ورؤيته الإصلاحية للمنظومة الدولية وللدبلوماسية متعددة الأطراف علاوة على مساعيه الدؤوبة لتحقيق التنمية المنشودة من أجل رفعة الشعوب الإفريقية.
وذكّر نائب وزير الخارجية بأن بطرس غالي تولى منصب الأمين العام للأمم المتحدة في ظرف تاريخي بالغ الدقة عقب سقوط الاتحاد السوفيتي، وفي فترة تغيرت فيها قواعد الدبلوماسية متعددة الأطراف، وقد كان سابقاً لزمانه بتقديم مبادرته التاريخية "خطة للسلام" حول كيفية استجابة وتعامل الأمم المتحدة مع النزاعات، كما كان أول أمين عام يضع تصورات محددة لإصلاح منظومة الأمم المتحدة وذلك قبل أن يصبح أول أمين عام للمنظمة الدولية للفرنكوفونية.
ولفت إلى أن بطرس غالي والذي لقب بـ "فارس حقوق الإنسان" لم يكن فقط أيقونة الدبلوماسية العربية والإفريقية بل والقانون الدولي، إذ يشهد له الجميع بحرصه على إعلاء قيمة القانون الدولي، وهو الأمر الذي يتعطش له عالم اليوم.
وأبرز نائب وزير الخارجية، في هذا الصدد، الضرورة الملحة لحث وتوعية الرأي العام في العالم حول أهمية احترام القوانين والقرارات الدولية والإنسانية بما يعزز منظومة العمل الدبلوماسي متعدد الأطراف ويعيد الثقة في الأسرة الدولية بعدما اهتزت تلك الثقة نتيجة التقاعس بل والفشل في تسوية الصراعات، والكيل بمعيارين وما أدى إليه ذلك من تمددها و تفاقمها، وتراجع الاعتماد عليها وهو ما يمثل خطرا داهما على الإنسانية بأثرها ومن هنا تنبع أهمية العودة إلى تراث بطرس غالي الإنساني، والحضاري لكي نتعلم منه حفاظاً على المكتسبات التي تتحقق للإنسانية على مر تاريخها.