في مسلك خطير يعيد للأذهان فترة الحرب الباردة، التي قسمت العالم لقطبين، عدلت روسيا عقيدتها النووية، في خطوة قد تحملها إلى صادم مباشر مع القارة العجوز بشكل عام، ودول حلف الناتو بشكل خاص، الذين يمتلكون في جعبتهم أوراق مماثلة أيضًا، وبطبيعة الحال ستحظى بدعم أمريكي.
وتعطي العقيدة النووية الروسية "المحدثة" لـ"موسكو" الحق بالرد نوويًا، في حال تعرضت لهجوم صاروخي "باليستي" بدعم من دولة أخرى مسلحة نوويًا، كما يحق له استخدامه إذا تعرضت لهجمات بمسيرات أو طائرات حربية.
ويعد العدوان على روسيا من دولة عضو في "تحالف" تطورًا يمكن أن يؤدي إلى رد نووي، وعلى إثر ذلك يعد جميع أعضاء التحالف الذي تنتمي إليه الدولة المهاجمة طرفًا في العدوان المحتمل، بحسب التحديثات على العقيدة النووية، في إشارة لا يمكن فصلها عن حلف "الناتو".
في غضون ذلك، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن روسيا ستعتبر أي هجوم عليها من دولة غير نووية بمشاركة، ودعم دولة نووية "هجومًا مشتركًا".
وفي جميع الأحوال، لا يمكن فصل القرارات الروسية عن التداعيات السافرة عن الحرب التي تشنها ضد أوكرانيا، منذ فبراير 2022، وبخاصة "الضوء الأخضر"، الذي منحته الولايات المتحدة الأمريكية لـ"كييف" باستخدام صواريخ بعيدة المدى لضرب أهداف عسكرية داخل الأراضي الروسية بشكل محدود، بحسب تقارير إعلامية.
الخطوط الحمراء تحترق
ومن جانبها، حذرت روسيا من أن استخدام أسلحة حلف "الناتو" بعيدة المدى بواسطة "كييف"، سيعطي الحق لها في مهاجمة أوكرانيا و"الناتو"، ما قد يدفع لـ "حرب عالمية ثالثة".
غير أن أوكرانيا أطلقت صواريخ بعيدة المدى "أمريكية" على منشأة عسكرية في منطقة "بريانسك" الحدودية، وفق ما نقلته وسائل إعلام روسية عن الجيش.
وسبق أن أكدت روسيا على أن السماح لأوكرانيا بمهاجمة الأراضي الروسية سيعني انضمام دول "الناتو" والولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى الحرب في أوكرانيا.
ولذلك، يُنظر إلى التعديلات التي أجرتها روسيا بأنها محاولة لرسم "خط أحمر" للولايات المتحدة وحلفائها من خلال الإشارة إلى أن "موسكو" ستدرس الرد باستخدام أسلحة نووية إذا سمحت تلك الدول لأوكرانيا بضرب عمق روسيا بصواريخ غربية بعيدة المدى.
وتعليقًا على القرارات الروسية، اعتبرت بريطانيا تعديل روسيا عقيدتها النووية أحدث مثال على عدم المسؤولية من الحكومة الروسية، التي وصفتها بـ"غير الأخلاقية".
فيما ارتأت ألمانيا القرارات الروسية تأتي في سياق المحاولات الروسية، الرامية إلى نشر الخوف منذ بداية الحرب في أوكرانيا، مؤكدة على أن ذلك لن يرهبها.
وبالمقابل، تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية، الهدوء إزاء التهديدات الروسية، لكنها سبق أن أكدت أن استخدام روسيا للأسلحة النووية ضد أوكرانيا، سيجلب عليها عواقب "كارثية".
أما في حال إن فكرت روسيا استخدام الأسلحة النووية ضد دول حلف "الناتو"، فهذا سيجعلها في صدام مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك طبقًا للمادة "الخامسة" من ميثاق الحلف.
وتقول "المادة" إن "هجوم، أو عدوان مسلح ضد طرف منهم (أطراف الناتو)، يعتبر عدوانًا عليهم جميعًا، وبناء عليه، فإنهم متفقون على حق الدفاع الذاتي عن أنفسهم، المعترف به في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، بشكل فردي أو جماعي، وتقديم المساندة والعون للطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم".
وتوضح أن الدعم يكون "باتخاذ الإجراءات التي يراها ضرورية على الفور، بشكل فردي وبالتوافق مع الأطراف الأخرى، بما في ذلك استخدام قوة السلاح، لاستعادة والحفاظ على أمن منطقة شمال الأطلسي".
وفي تاريخ الحلف لم يجر تفعيل تلك المادة إلا مرة واحدة، وذلك عقب هجمات الـ11 سبتمبر 2011 على الولايات المتحدة، إذ نشرت قوات تابعة للحلف في أفغانستان، لتكون أول مرة تنتشر فيها قوات الناتو خارج أراضي دول الحلف.
وقال البيت الأبيض، تعليقًا على القرارت الروسية، أن "واشنطن" لم تفاجأ بالتغيير الذي أعلنته روسيا في عقيدتها النووية، ولا تعتزم تعديل وضعها النووي ردًا على ذلك.
بخلاف ذلك، تشير تقارير إعلامية، إلى أن لدى الولايات المتحدة استراتيجية نووية جديدة كشف النقاب عنها في مارس الماضي، عندما وافق الرئيس جو بايدن على خطة إستراتيجية نووية شديدة السرية لمواجهة الخطر المتعاظم الذي تشكله ترسانة الصين النووية.
وتعمل تلك الاستراتيجية على تحييد الخطر من احتمال أن تشن الصين وروسيا وكوريا الشمالية ضربات نووية منسقة ذات يوم.
سيناريو الحرب النووية
وقد تبدأ الحرب النووية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية إثر إطلاق الأخيرة، صواريخ باليستية من غواصات على روسيا، التي من المتوقع أن ترد في غضون 10 دقائق بضرب الولايات المتحدة وكندا، وسينتج عن ذلك انفجارات مدوية تحرق من حولها وتؤدي إلى دمار شامل، بحسب ما أورده موقع "نيوز ري" الروسي عن منظمة "معهد مستقبل الحياة".
وفي هذه الأثناء، ستتدخل المملكة المتحدة وفرنسا بأسلحتيهما النووية بموجب ميثاق حلف الناتو الذي يجمعهما بالولايات المتحدة، وستؤدي حصيلة الانفجارات النووية إلى انبعاث كميات هائلة من الكربون الأسود الذي بدوره سيحجب الشمس ويؤدي إلى "شتاء نووي".