شَهِدَت فعاليات جناح الأديان بمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP29)، مجموعة من الجلسات الحواريَّة التي ركَّزت على أهمية التكامل بين القيم الدينية والجهود العلمية للتصدي للتحديات المناخيَّة، وتأثير التغير المناخي على المجتمعات، خصوصًا في المناطق الأكثر عرضة للكوارث مثل المحيط الهادئ والأمازون، كما تناولت النقاشات الاستراتيجيات الوطنيَّة والعالمية لمكافحة الكوارث البيئية، بما في ذلك حرائق الغابات واستعادة النظم البيئية، وضرورة تعزيز دور الشباب في قيادة الحوار والعمل المناخي، مع إبراز رؤية الدين كعاملٍ محفزٍ لبناء أنماط حياة مستدامة وتحقيق العدالة المناخية.
وأشار محرر وباحث في المجال الديني شون كلارك - في كلمته بالجلسة الافتتاحيَّة للجناح - إلى أن عام 2024 يُعد الأكثر حرارة في التاريخ، مما يقرِّب العالم من تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية، وفوق مستويات ما قبل الثورة الصناعيَّة، موضحًا أن تركيزات الغازات الدفيئة لا تزال ترتفع دون توقفٍ، مما يستلزم إعادة النظر في استراتيجيات مواجهة تغيّر المناخ بشكل عاجل وجاد، كذلك تخصيص جزء من التمويل المناخي لتوعية المجتمعات بالممارسات الإيجابية التي تسهم في إعادة التوازن الكوني واستقرار المناخ.
وفي الجلسة الحوارية الأولى التي عُقِدَت بعنوان "دور قادة الأديان في بث الأمل للتوصل إلى إجراءات ملموسة لتحديات المناخ"، أكَّد المشاركون أهمية القيم الدينية والأخلاقية في إحداث تغيير حقيقي في الإدراك والوعي المجتمعي تجاه قضايا المناخ؛ حيث استعرضوا تأثير التغير المناخي على المجتمعات في المحيط الهادئ، والعمل المشترك والتعاون بين العائلات والمجالس القروية والدينية لتعزيز العمل المناخي على المستوى المحلي، التي أسهمت في إطلاق مبادرات نوعية مثل أكاديمية شباب العمل المناخي، التي ستكون تحت إشراف صندوق المناخ الأخضر لمساعدة المبادرات الشبابية في الحصول على التمويل الذي تحتاجه في جميع أنحاء المحيط الهادئ.
وفي السِّياق نفسه، ناقش المشاركون في الجلسة الحوارية الثانية التي عُقدت تحت عنوان "الإجراءات التي تقودها البلدان لوقف حرائق الغابات"، الجهود الوطنية لمكافحة هذه الكارثة، من خلال استراتيجيات شاملة تعتمد على أسس علمية، وإشراك المجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة، إلى جانب تطبيق قوانين صارمة للحد من الحرائق الناجمة عن الأنشطة البشرية، وأكدوا أن الظروف المناخية القاسية، مثل فترات الجفاف الطويلة وارتفاع درجات الحرارة، تعد من أبرز العوامل التي تسهم في انتشار حرائق الغابات، التي أصبحت تمثل تحديًا بيئيًّا واقتصاديًّا كبيرًا.
وأكَّدت الجلسة الثالثة التي جاءت بعنوان "استعادة النظم البيئية كآلية للعمل في مجال المناخ ورعاية الطبيعة"، أهمية استعادة النظم البيئية كوسيلة فعالة للتصدي للتغير المناخي والحفاظ على الطبيعة؛ حيث أوضح المشاركون أن المبادرات القائمة على الأديان تدعم التواصل بين المجتمعات المحلية والشباب، وتشجع على تطوير برامج تسهم في تعزيز الاستدامة، وتحقيق التوازن البيئي، سواء من خلال مشروعات التشجير، وإحياء الأنهار الجافة، أو مكافحة التصحر، لافتين إلى أنَّ رؤية الإنسانية كعائلة واحدة تعيش في موطن مشترك يمكن أن تكون حافزًا قويًّا لتحقيق التقدم الملموس والجذري في الحوار والعمل المناخي.
واختتمت فعاليات جناح الأديان في يومه السابع بجلسة حوارية جاءت بعنوان "الحوار بين الأجيال: الإيمان في العمل"، تناول خلالها المشاركون قضية دور الأجيال المختلفة في التصدي لأزمة المناخ من منظور الإيمان والعمل الجماعي؛ حيث أشاروا إلى أهمية تمكين الشباب من لعب دور قيادي في النقاشات المتعلقة بالإيمان والكرامة الإنسانية والعدالة المناخية، وكذلك أهمية الأديان كعامل محوري في الاستجابة للأزمة المناخية، لاسيما في الدول الأكثر عرضة للكوارث المناخية.