الجمعة 29 نوفمبر 2024

مقالات

وعادت شمسك الذهبي

  • 25-11-2024 | 17:45
طباعة

 كثير من الناس لا يعلمون أن  بداياتي كانت بمجلة الهلال تقريبا في عام ٢٠٠٠، فقد جعل الله أستاذنا البشوش الموهوب محمد أبو طالب المستشار الفني لمؤسسة دار الهلال في تلك الفترة سبباً في ذلك،  بعدما رشحني للعمل للأستاذ مصطفى نبيل رئيس تحرير الهلال في ذلك الوقت، فكنت من المحظوظين بتوقيع عقد تعيينهم بقلم أستاذنا الكبير مكرم محمد أحمد.

عملت سكرتير تحرير بالهلال لفترة طويلة ونظرًا لطبيعة المجلة وكيانها وكُتابها، فكان من عين الصعوبة العمل في مجال التحرير ذلك المجال الذي أعشقه، ولكنني كنت مستمتعا للغاية بالعمل في كواليس إعدادها وبالإطلاع على أقلام عمالقة، أبواب الهلال كنت أحفظها عن ظهر قلب، أتذكر أن تلك الفترة كان لا يقوم بتحرير موضوعات سوى الأستاذ عاطف مصطفى مدير التحرير في تلك الفترة والتي كانت حقاً الألقاب والمسميات الوظيفية وقتها تقاس بميزان ذهب، شاء القدر وأن التقي بالأستاذة إقبال بركة وعرضت عليها فكرة موضوع وفؤجئت بترحيبها الشديد، وتقريبا أصبحت على موعد أسبوعيا بموضوع جديد مع جيل من الأصدقاء والأساتذة الكبار مروة لطفي وإيمان العمري وتهاني الصوابي وأستاذتنا الجميلة ماجدة محمود وعادل دياب.

عملت مع  أغلب الزملاء تقريبا، وفي تلك الفترة انتقلت بشكل رسمي لمجلة حواء ثم عُدت بعد أربع سنوات لمجلتي الأساسية الهلال بترحيب من الأستاذ عادل عبد الصمد رئيس التحرير في تلك الفترة.

سنوات كثيرة كان التطوير بمجلة الهلال لا يجد له مكان، فأبوابها مميزة وكُتابها يوثقون تاريخ أُمه، وقتها كان لقب ناقد سينمائي له هيبة كبيرة "شنة ورنة بحق" والبورتريه كان لأشخاص تستحق التَميز، ومن رئيس تحرير لآخر تعاملت معهم جميعاً، ربما كان رئيس التحرير في أحوال كثيرة يحاول فرض سياسته ومجاله الثقافي، إلا إنه كان هناك جزءً لم يقترب منه أحد "هلالي خالص".

أذكر بعض رؤساء التحرير كان يهتم بدراوة بالشعر ويخصص له أعدادا كثيرة، وآخر يهتم  بالكُتاب العرب وآخر بالسياسة، ولكن كان لدي دائما يقين بأن أبواب الهلال ستنتصر، وسيأتي يوم وتعود لطبيعتها و لكُتابها الأحباء بتخصصاتهم المتنوعة المحتضنة داخل أوارق تراث الهلال ومنهم دكتور نبيل حنفي محمود  المتخصص في مجال الفن وبالتحديد الغناء، و دكتور ياسمين فراج المختصة بتحليل المقامات والأغاني الوطنية ودكتور إيمان مهران والتخصص في الشأن الإفريقي ووديع فلسطين، ودكتور عمرو دوارة والعديد من الأساتذة، وكذلك الأبواب "أنت والهلال"، "لغويات" وكان يحررها رئيس المجمع اللغوي  في تلك الفترة.

وبطبيعة الحياة وقطارها الذي لا يعرف التوقف سوى دقائق محسوبة لنزول أشخاص وصعود آخرون، يستمر فريق العمل ثابتاً ربما يشترك بعض الشباب الجُدد، أما الكبار فهم راسخون، وفي كل الفترات كنت استمتع بالعمل بين ُغرفها الثمانية محبتي للمكان ومكاتبها وأرشيفها وشيوخ المهنة كان ينسيني رئيس التحرير، فيكفي وأن تجلس مع الخطاط العالمي "العيسوي" الذي كنت في البداية أهابه بشدة إلى أن أصبحنا أصدقاء ويتقبل آرائي في بعض التغيرات، ورغم عملي مع أكثر من 6 رؤساء تحرير إلا أن أصدقائي منهم قليلون، واليوم وأنا أكتب هذه الكلمات عن ذكريات محبوبتي الهلال وما مرت به من عواصف وبعد أن تم اختيار أستاذ موهوب شاب مشهود له بالإخلاص والاحترام وحب العمل الأستاذ طه فرغلي رئيسا لتحرير بوابة دار الهلال ومجلة الهلال وأسرتها روايات الهلال وكتاب الهلال، بدأت أتابع الأعداد والأغلفة بشغف من جديد بعد سنوات من ترك مجلة الهلال وهى عشقي الأول والأخير، لا أريد الخوض في تفاصيل رحيلي ولكني الآن عُدت أتابعها بشغف بما يحتويه العدد من أمجاد، بكيت شعرت بعودة روح الهلال وشخصية المجلة بقيادة الأستاذ طه فرغلي، خطواته محسوبة بالشعرة تغيراته ناعمة، جعلتني أتمنى من الله الشفاء وأن أكون متواجداً في تلك الفترة القوية، ولكن المرض لعنة الله عليه يمنعني من التحرك.

ليس تملقاً ولكنه يعيد جدار مجلة استهلكها الأغلبية، ولم يعطوها حقها من الترميم، تحية وتقدير لكل إنسان يأتي ليعيد أمجاد الماضي وينير تاريخ الثقافة ليعود قارئ الهلال وقارئ المطبوعات الورقية التي لم تنتهي، وستظل تحارب وتصنع المجد بأقلام مخلصين محبين في قلب الثورة الرقمية، "وحشتنا ريحة الهلال ولمة أحبابها".

الاكثر قراءة