وصل لبنان حاليا إلى المرحلة الأخطر وهي "اختيار رئيس جديد"، والذي يجب أن يمثل من خلال ثلثي مجلس النواب، والذي يعتبره المحللون السياسيون أمرا صعبا للغاية خاصة في خلال الأزمات المتعددة التي تواجهها لبنان في الوقت الحالي بدءا من الأزمة السياسية والاقتصادية وانتهاءا بالمشكلات الطائفية.
وفي نفس السياق، وصل المبعوث الفرنسي إلى بيروت اليوم، الأربعاء، في زيارة الهدف منها دعم لبنان في تسريع عملية اختيار رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، وعلى جانب أخر، تحدث نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، واصفا تلك اللحظة الراهنة بأنها "الأخطر" في تاريخ البلاد، داعيًا اللبنانيين إلى الوحدة والإسراع بانتخاب رئيس جديد "يجمع ولا يفرّق"، وذلك بالتزامن مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، ألقى بري خطابًا حثّ فيه كافة الأطراف السياسية والطائفية على تجاوز الخلافات لإنقاذ البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية المتفاقمة.
نبيل فهمي: وجود رئيس للبنان كان سيجنب البلاد الأزمة الحالية
قال نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري السابق، أن وجود رئيس لبناني يتولى مهامه ويمارس عمله هو خطوة إيجابية، لكنها جاءت متأخرة للغاية.
وأوضح فهمي، في تصريح خاص لـ"بوابة دار الهلال"، أن هذه الخطوة المستحبة كان من الأفضل أن تحدث منذ زمن بعيد، حيث كان يمكن لتولي رئيس منتخب زمام الأمور مبكرًا أن يمنع الأزمات الراهنة التي تعصف بلبنان.
وأضاف فهمي أن الأزمة السياسية الحالية تعكس غياب قيادة مستقرة لفترة طويلة، وهو ما ساهم في تعقيد المشهد اللبناني، وأشار إلى أن الموقف الأمريكي تجاه المنطقة واضح منذ البداية، حيث يتمثل في السعي لتقويض نفوذ حزب الله وإيران وحركة حماس.
ولفت إلى أن هذه السياسة، إذا ما استمرت، قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في التوازنات السياسية الإقليمية، كما تحدث فهمي عن المحاولات الإسرائيلية المتواصلة لإعادة تشكيل المنطقة عبر استخدام القوة، إلى جانب الاعتماد على دعم سياسي قوي من الولايات المتحدة وحلفائها الدوليين.
وأكد أن هذه التحركات تأتي ضمن استراتيجية تهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، بما يخدم المصالح الإسرائيلية على المدى الطويل، وسط غياب رؤية عربية موحدة للتصدي لهذه التحديات.
وشدد فهمي على أهمية الاستفادة من الفرص الحالية لتحقيق الاستقرار الإقليمي، داعيًا إلى ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات السياسية والأمنية التي تهدد استقرار المنطقة.
محمد هيكل: نتنياهو أوقف الحرب مع لبنان لتحقيق مكاسب سياسية أبرزها تمرير قانون الحريديم
قال الدكتور محمد هيكل، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بأن إيقاف إطلاق النار الحالي في المنطقة، في ظل السعي الأمريكي والدولي للقضاء على حزب الله، هو تحدٍ بالغ الصعوبة من منظور استراتيجي.
وأضاف هيكل، في تصريح خاص لـ"بوابة دار الهلال"، أن اختيار رئيس جديد للبنان في ظل الظروف المعقدة التي تعيشها البلاد يعد مهمة صعبة للغاية، وأن التعرف على هوية الرئيس المحتمل قد يستغرق وقتًا طويلًا.
وبشأن اتفاق الهدنة الحالي، الذي يمتد لـ60 يومًا، أوضح هيكل أن موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هذه الهدنة تعود إلى الإرهاق الكبير الذي يعاني منه الجيش الإسرائيلي، وهو أمر أكدت عليه تقارير عديدة في الصحافة الإسرائيلية.
كما أشار إلى الجدل الداخلي في إسرائيل بشأن قانون إعفاء اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية، موضحًا أن وقف إطلاق النار مع لبنان سيؤدي إلى عودة بعض المجندين إلى الداخل الإسرائيلي، ما يخفف الضغط عن الجيش ويساعد في تمرير القانون دون معارضة شعبية كبيرة.
وأضاف هيكل أن الاحتجاجات الواسعة التي تشهدها إسرائيل في الوقت السابق تعود بالأساس إلى هذا القانون، وأن استمرار الحرب مع لبنان كان سيمنع تمريره.
وأكد أن نتنياهو وحكومته لجأوا إلى إنهاء الحرب مؤقتًا لتأمين تمرير القانون وتجنب الضغوط الشعبية، إلى جانب تأجيل تصفية قيادات حزب الله لوقت لاحق.
وأشار هيكل إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يعيش أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، وأن الفترة الحالية حساسة للغاية في ظل الخلافات العميقة السابقة بين إدارته ونتنياهو.
واستكمل بأن نتنياهو قدم هدية للرئيس الأمريكي جو بايدن لأجل أن يتفادى معاداة الحزب الديمقراطي فيما بعد "بخصوص إعلان التهدئة مع الجانب اللبناني"، مضيفًا: "وخوفا من انتقام إدارة بايدن عبر الامتناع عن استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن حال صدور قرار ضد إسرائيل في الشهرين الأخيرين لولاية بايدن".
وتوقع هيكل أن نتنياهو لن يوقف الحرب مع الفلسطينيين بشكل كامل إلا بعد عودة دونالد ترامب إلى السلطة، موضحًا أن الهدف الإسرائيلي الحقيقي في غزة يتمثل في التوسع الاستيطاني، وهذا ما نراه من الدعوات أنصار اليمين المتطرف في الداخل الإسرائيلي ودعواتهم العلنية للاستيطان بداخل الأراضي الفلسطينية.
كما أشار إلى أن إنهاء الحرب مع الفلسطينيين قد يفتح الباب أمام محاكمات لنتنياهو بتهم الفساد والفشل العسكري، ما يجعله يسعى لتجنب هذا السيناريو.
وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي، أكد هيكل أن إدارة بايدن تسعى لتحقيق إنجازات على صعيد السياسة الخارجية، لكنها لم تحقق نجاحات ملموسة في الشرق الأوسط.
وأضاف أن بايدن قد يسعى لإبرام هدنة قصيرة في غزة لتجميل صورته قبل مغادرته البيت الأبيض، واصفًا هذه الخطوة بأنها محاولة لتحقيق مكاسب رمزية في الأشهر الأخيرة من حكمه.