تعيش كوريا الجنوبية وسط أزمة سياسية تسارعت أحداثها خلال الساعات الفائته، وذلك على وقع إعلان رئاسي يفرض الأحكام العرفية في البلاد، لكن البرلمان من جانبه أحبط تلك الخطوة بشكل فوري، مما دفع القوات العسكرية لمغادرة الشوارع.
أزمة الأحكام العرفية
دخلت كوريا الجنوبية في خضم أزمة سياسية بشكل متسارع للغاية، وذلك عقب إعلان رئيسه يون سوك يول، الثلاثاء، فرض "الأحكام العرفية" في عموم البلاد، إثر اتهامه المعارضة بالتورط في أنشطة مناهضة للدولة.
وبرر الرئيس الكوري تلك الخطوة، بأنها تستهدف القضاء على القوات الموالية لكوريا الشمالية، والحفاظ على الحرية والنظام الدستوري، لكن هناك من ربطها برفض الحزب الديمقراطي المعارض مشروع قانون الميزانية في البرلمان.
أما كتلة المعارضة بالبلاد ذكرت أن القرار الرئاسي بإعلان الأحكام العرفية، يأتي في سياق حماية السيدة الأولى كيم كيون هي، من تحقيق تخضع له، في إشارة إلى تهمة قبول حقيبة "كريستيان ديور" بقيمة 2200 دولار هدية، وهو انتهاك محتمل لقانون مكافحة الفساد في كوريا الجنوبية.
وبشكل عام، تلجأ الدول إلى الأحكام العرفية، التي تتمثل في مجموعة من القواعد والتدابير الاستثنائية، في ظل ظروف طارئة تسمح لها بصورة مؤقتة بتعطيل كل أو بعض القوانين السارية فيها، لدرء الأخطار التي تتعرض لها البلاد.
وعلى إثر ذلك، عقد برلمان كوريا الجنوبية، الثلاثاء، جلسة للمطالبة برفع الأحكام العرفية، وهو ما تم بالفعل، خلال الجلسة التي حضرها 190 عضوًا من أصل 300.
وذكر البرلمان أن الأحكام العرفية المعلنة في البلاد أصبحت "لاغية" بعد التصويت، وتباعًا غادر بشكل كامل جميع الجنود الذين كانوا قد دخلوا إلى المبنى الرئيسي للبرلمان، عقب إصدار القرار الرئاسي المشار إليه.
وفي غضون ذلك، قرر الرئيس "يون"، اليوم الأربعاء، رفع الأحكام العرفية بعد التصويت البرلمان، وعلى إثر ذلك جرى سحب كافة القوات التي تم حشدها لتطبيق الأحكام العرفية.
"يون عليك أن تستقيل"
وبعد أن رضخ الرئيس "يون" لقرار السلطة التشريعية المتمثلة في "البرلمان" ورفع الأحكام العرفية، التي سبق أن أقرها، وجد نفسه أمام أصوات من كل ناحيه تطالبه بالتنحي قبل أن يعزل.
وقالت أحزاب المعارضة، إنها تقدمت بطلب لعزل الرئيس "يون" تم تحضيره على عجل، موضحين أنهم سيدرسون موعد طرحه على التصويت، الذي قد يحصل الجمعة.
ومن جانبه، قال الحزب الديمقراطي، أبرز أحزاب المعارضة:"حتى لو تم رفع الأحكام العرفية، فمن المستحيل تجنب تهمة التمرد"، قبل أن يضيف:"يجب عليه أن يتنحى".
فيما اعتبر زعيم حزب "قوة الشعب" الحاكم، هان دونج هون، القرار "مأساويًا"، داعيًا إلى محاسبة كل المسؤولين عن هذه المحاولة الفاشلة.
وعلى الصعيد الدولي، أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن ارتياحها لقرار الرئيس الكوري الجنوبي برفع الأحكام العرفية المفروضة في البلاد.
أما "موسكو" فلم تفوت الفرصة لدعم الجارة الشمالية، حيث قالت إن قلق كوريا الشمالية على أمنها بعد الأحداث التي وقعت في كوريا الجنوبية أصبح مبررًا للجميع.
ووصل يون سوك يول، ممثل حزب قوة الشعب المحافظ، إلى منصب رئيس كوريا الجنوبية في عام 2022، حيث فاز في الانتخابات بهامش ضئيل للغاية، متقدمًا على منافسه لي جاي ميونج، عضو الحزب الديمقراطي، بأقل من نقطة مئوية واحدة.
ومنذ توليه المنصب، تراجعت معدلات شعبيته جراء سلسلة من الفضائح والقضايا التي دفعت مئات الآلاف إلى المطالبة بعزله.
وأمضى الرئيس الكوري السنوات الـ27 السابقة من حياته المهنية كمدع عام، قبل أن يدخل الرئيس البالغ من العمر 64 عامًا مؤخرًا إلى عالم السياسة، الذي أفضى به رئيسًا للبلاد من 2022.