أكد الوزير مفوض رائد الجبوري مدير إدارة المنظمات والاتحادات العربية بجامعة الدول العربية أن الجامعة اهتمت في السنوات الأخيرة بموضوع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، واعتبرته من الأولويات ضمن أجندتها المختلفة، وبات هذا المجال محوراً لأعمال الكثير من اللجان والملتقيات التي ترأسها الأمين العام للجامعة احمد ابوالغيط، وهو أمر طبيعي في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم.
جاء ذلك في كلمة الجبوري، في الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر الدولي الرابع عشر للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة تحت عنوان: "الذكاء الاصطناعي بالوطن العربي بين التأصيل النظري والتطبيقات العملية: أهداف التنمية المستدامة أنموذجاً"؟
وقال الجبوري: "لا يخفى على الجميع أن الذكاء الاصطناعي قد أصبح في السنوات الأخيرة حقيقة وواقعاً معاشاً بعد أن خرج من مختبرات البحوث ومن صفحات روايات الخيال العلمي، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ابتداء من مساعدتنا في التنقل بالمدن وتجنب زحمة المرور، وصولاً إلى استخدام مساعدين افتراضيين لمساعدتنا في أداء المهام المختلفة، وأضحى استخدامنا للذكاء الاصطناعي متأصلاً من أجل الصالح العام للمجتمع، وأداة رئيسية تدخل في صلب جميع القطاعات".
ولفت إلى أن أهداف التنمية المستدامة تتصدى للتحديات العالمية التي نواجهها، بما فيها تلك المتعلقة بالفقر وعدم المساواة والمناخ وتدهور البيئة والازدهار والسلام والعدالة، فضلاً عن ترابط هذه الأهداف، وللتأكد من ألا يتخلف أحد عن الركب، وضمان تحقيقها بحلول عام 2030، ومن دافع المسؤولية.
وتابع: "لقد ساهمت دولنا العربية مساهمة فاعلة في السعي لبلوغ أحد أو معظم هذه الأهداف، وليس أدل على ذلك إلا استضافة المملكة العربية السعودية، لفعاليات مؤتمر الأطراف cop16، خلال الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر الحالي، تحت شعار: "أرضنا.. مستقبلنا"، وذلك انطلاقا من دورها الريادي في رفع جودة البيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث سيتم خلال مؤتمر الأطراف لمكافحة التصحر والجفاف، مناقشة العديد من القضايا البيئية، من قبل أصحاب القرار والمصلحة، في البحث عن حلول دولية عاجلة للأزمات العالمية المُلحة المتمثلة في تدهور الأراضي والجفاف والتصحر".
وهنأ الجبوري المملكة العربية السعودية لانتخابها رسمياً رئيساً للمؤتمر السادس عشر للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وذلك في حفل الافتتاح خلال الجلسة العامة الافتتاحية للمؤتمر بالعاصمة الرياض، التي أصبحت وجهة لصانعي السياسات والمنظمات الدولية والشركات والمؤسسات والدوائر غير الحكومية وأصحاب المصلحة الرئيسيين، وهو أكبر اجتماع على الإطلاق لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر البالغ عددها 197 طرفاً، وهو الأول الذي يُعقد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتزامن مع حلول الذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر- المعاهدة الدولية الوحيدة المُلزمة قانوناً بشأن إدارة الأراضي والجفاف- والتي تم الاحتفاء بها في 17 يونيو، والحدث أيضاً هو أكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق.
وأبرز أن دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت قد استضافت مؤتمر الأطراف (COP28)، خلال الفترة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر 2023 في مدينة إكسبو دبي، والذي جمع الأطراف الموقِّعة على إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيُّر المناخي لتقييم التقدم المُحرَز على صعيد مكافحة التغيُّر المناخي، وقد شاركت جامعة الدول العربية بفعالية في هذا الحدث من خلال إقامة جناح لها في المنطقة الزرقاء، ليكون منصة لعرض كافة الجهود العربية في هذا الإطار، وحرصت على مشاركة الدول العربية الأعضاء، والمنظمات العربية المتخصصة، والمجتمع المدني، القطاع الخاص والشباب، ضمن الفعاليات التي عُقدت في هذا الجناح، وهدفَ المؤتمر إلى الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، إذ يُعتبر تحقيق هذا الهدف أمراً حاسماً للحد من تزايد تدهور المناخ وتجنب تداعياته المدمرة.
واستطرد قائلا: "وفي سياق التنمية المستدامة أيضاً، من المهم التذكير بأن إدارة التنمية المستدامة بالأمانة العامة للجامعة، قد أطلقت في 24 نوفمبر الماضي، وتحت رعاية كريمة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبالتعاون مع الشركاء من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، فعاليات النسخة الخامسة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة تحت عنوان "حلول مستدامة من أجل مستقبل أفضل.. المرونة والقدرة على التكيُّف في عالم عربي متطور"، والذي افتتحه أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة، والذي أشار خلال كلمته بهذه المناسبة، إلى دلالة عنوان النسخة الحالية من الأسبوع العربي، حيث مر الجزء الأكبر من الفترة الزمنية المحددة لتحقيق أهداف خطة 2030 للتنمية المستدامة، وما زلنا لم نصل إلى مستوى مُرضي يواكب طموحاتنا في المنطقة العربية.
وطالب بضرورة تسريع وتيرة العمل وتعزيز القدرة على التكيُّف، وتطرق معاليه إلى الحروب التي تخوضها إسرائيل في المنطقة خاصة في غزة ولبنان، والتي تخصم من فرص الشعوب في تحقيق التنمية المستدامة وتراجع معدلات النمو واستنزاف الطاقات والموارد وضياع الفرص، فضلاً عما تمر به المنطقة من ظروف صعبة تتزامن مع رياح عالمية غير مواتية منها التضخم والديون التي تطحن اقتصادات بعضها متقدم وبعضها الآخر ينتمي لبلدان الجنوب، والتغيُّر المناخي وما يرتبط به من تصاعد لظواهر الهجرة والصراعات على الموارد الطبيعية.
وقال إن الأسبوع العربي للتنمية المستدامة 2024 ركز على ترابط ودمج المحاور المتعددة للتنمية المستدامة، وهدفَ إلى تعزيز النهج الشامل للتنمية المستدامة التي لا تسهم فقط في النمو الاقتصادي ولكن أيضاً تعزز الإندماج الاجتماعي والحفاظ على البيئة والحوكمة، كما دعا إلى تعزيز التعاون بين الكيانات العربية والإقليمية بشكل أكثر فاعلية، وإطلاق الإمكانات الهائلة في استثمار الموارد المتاحة وتبادل المعرفة والمبادرات المشتركة.
وشدد على أن الدور المأمول من الاتحادات العربية النوعية المتخصصة، يتمثل باضطلاعها بدور رديف ومساند لمنظومة العمل العربي المشترك، وذلك من خلال عملها كأذرع فنية وعلمية تنسق وتدعم الروابط بين الدول الأعضاء، ومن هذا المنطلق نؤكد على أهمية التخصص الذي يباشره الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، خاصة أنه قد حرص خلال الفترة الماضية على المشاركة في كافة الفعاليات العربية ذات الصلة بهذا التخصص، وكذا انتشاره في عدد من الدول العربية، وآخرها افتتاح مقر له في جامعة ليبيا المفتوحة بالعاصمة الليبية طرابلس، ولأجل كل ذلك، ندعو قيادته إلى مواصلة العمل على ترسيخ وضعه ككيان مهم وناشط في مجال اختصاصه.