على مدار السنوات وربما العقود الماضية أثبتت الأحداث المتلاحقة، في الشرق الأوسط أهمية الحفاظ على وحدة الدولة الوطنية ومؤسساتها، وهي مسؤولية تقع على عاتق أبناء الشعب الواحد، وهو ما أكده خبراء عسكريون، موضحين أن مخططات استهداف الشرق الأوسط لم تعد بالتدخل العسكري المباشر بل من خلال استهداف الدولة من الداخل وضرب مؤسسات الدولة الوطنية وعلى رأسها القوات المسلحة.
ويعد التأكيد على أهمية الوقوف إلى جانب الدول والشعوب ودعم سيادتها ووحدة وتكامل أراضيها، أحد المرتكزات التي تقوم عليها المواقف المصرية تجاه الأوضاع الإقليمية الراهنة، من العراق إلى سوريا واليمن والسودان وليبيا ولبنان، تؤكد مصر دائما أهمية إلى صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد ورفض التدخل الخارجي في أي شؤون داخلية للدول.
مخططات الهدم من الداخل
ويقول اللواء طيار دكتور هشام الحلبي، المستشار بالأكاديمية للدراسات العليا والاستراتيجية، إن أهم التهديدات التي تواجه المنطقة هي ضرب فكرة الدولة الوطنية ومؤسساتها، وهذه الفكرة تعتمد على الهدم من الداخل، باستهداف يستهدف مؤسسات الدولة الوطنية ومن ضمنها القوات المسلحة.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن ضرب الدولة الوطنية، يأتي أيضا من خلال استهداف العلاقة بين السكان المدنيين وبعضهم، لأن السكان في كل دول يتكونوا من أعراق ومذاهب وديانات متعددة، فلم يحدث على مر التاريخ أن تتكون الدولة من عرق أو مذهب واحد، وبالتالي خلق الصراعات بدلا من إحياء فكرة الوطنية تحت مظلة يحكمها القانون، لتتشكل الصراعات بين كيانات الدولة العرقية والمذهبية.
وأضاف أن هذين العاملين بضرب مؤسسات الدولة وتنمية الصراعات بين مكونات الدولة المدنية، هما المؤثرات فيما شهدته المنطقة العربية من تهديدات خلال السنوات الماضية، ودخلت بعض الدول في هذا الاتجاه، مؤكدا أن هذا الأمر يأخذ وقت طويل قد يستغرق سنوات تصل لأكثر من عشرين عاما، وتستمر الصراعات والتحديات بهدف انهيار الدولة ومؤسساتها.
وأشار الحلبي إلى أن السياسة المصرية كانت واضحة للغاية، كما أن الشعب المصري كان واعيا، ومنذ 2011 أسقط مخططات إسقاط الدولة ووقف في وجه هذه المخططات في 2013، وبدأ بناء مؤسسات دولة قوية في مصر، لتعود الدولة المصرية مركزية لها ثقل إقليمي ودولي.
ولفت إلى أن مصر دائما في إطار سياستها الخارجية تتبنى هذا الموقف، وتؤكد ضرورة حل مشكلات الدولة من خلال مؤسسات الدولة الوطنية وليس بالتعاون مع فصائل بعينها أو جماعات بعينها داخل الدولة، خاصة إذا كانت هذه الفصائل بديلا عن الجيش الوطني، مشيرا إلى أن السياسة المصرية واضحة وعندما تتعاون مع الدول لا تتعامل أبدا مع جماعات مسلحة أو بعض المجموعات والتجمعات داخل الدولة لان ذلك ضرب لفكرة الدولة الوطنية.
وقال إن تنمية وتقوية مؤسسات الدولة الوطنية قد يستغرق بعض الوقت، لكنه أفضل بكثير من التعاون جماعات مسلحة أو جماعات حزبية أو عرقية داخل الدولة، مضيفا أن النجاح في هذا الأمر مرهون بإرادة مواطني الدولة، لأن الهدم من الداخل يعتمد اعتمادا كبيرا على وعي مواطني الدولة بهذا الشكل من التهديد، وعدم نجاح بعض الدول في تحقيق هذه الوحدة خلف مؤسساتها الوطنية هو سببه عدم وعي مواطنيها بذلك الأمر، لذلك يجب الحذر لأن هناك مصالح إقليمية لضرب فكرة الدولة الوطنية ومصالح دولية للإضرار بالدول، ووعي المواطن هو الأساس في الوقوف ضد تلك المحاولات.
القوة مصدر للأمان
ومن جانبه، قال اللواء أركان حرب محمد الشهاوي، رئيس أركان الحرب الكيميائية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الأحداث الجارية في المنطقة تؤكد أهمية قوة الجيوش الوطنية والحفاظ على مؤسسات الدولة، لأنها تحفظ أي دولة من الانهيار.
وأوضح الشهاوي، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن تواجد جماعات مسلحة يؤدي إلى حرب أهلية وزعزعة الاستقرار في تلك الدول التي تتواجد بها، ولذا تعزيز القدرة العسكرية لأي جيش يؤكد الحفاظ على البنية الوطنية لهذه الدولة وعدم تفككها لان القوة مصدر للأمان والضعف دعوة للعدوان.
وأضاف أنه "إذا أردت السلام فتأهب للحرب"، وهذا يؤكد على ضرورة حماية قوة مؤسسات الدول الوطنية، مشيرا إلى أن هذا الأمر تعيه السياسة الخارجية للدولة المصرية وتؤكد عليه، فتركز دائما على ضرورة المحافظة على الجيوش الوطنية والمؤسسات الوطنية وعدم المساس بالتراب الوطني والامن القومي لكل دولة.
ولفت إلى أن الجيش المصري يأتي في المرتبة الثانية عشر على مستوى العالم طبقا لتقرير جلوبر فاير باور، وهو الذي يحافظ على الأمن القومي المصري بل وأيضا الأمن القومي العربي.