واحد من أهم مجددي المسرح الألماني، بالأدب الأوروبي، وكان متأثرا بمسرحيات العالمي «شكسبير»، ومؤمنًا بأفكار فترة العاصفة والاندفاع التي سادت في نهاية القرن الثامن عشر، إنه الأديب والمسرحي المتميز كريستيان ديتريش جرابه.
وكان «جرابه» هو أدخل تطويرات على الأسلوب المسرحي، انتقلت به من الأسلوب الصارم الذي كان سائدً في عصر الكلاسيكية، إلى أسلوب يقوم على الربط المتناغم والمتدفق للمشاهد المسرحية، و بذلك كان ممهدًا لظهور المسرح الواقعي فيما بعد، ويطرح «جرابه» في مسرحياته رؤية متشائمة للعالم، وتحتوي مسرحياته على بعض المشاهد المفزعة إنه الكاتب مسرحي الألماني ينتمي إلى الفترة التاريخية التي عرفت بفترة ما قبل مارس في ألمانيا.
الميلاد والتعليم
ولد كريستيان ديتريش جرابه في مثل هذا اليوم 11 ديسمبر1801م في مدينة ديتمولد بمقاطعة ليبة «أقضية» في عائلة فقيرة، وكان والده يعمل مديرًا لأحدى الإصلاحيات، وبدأ محاولاته في الكتابة الأدبية في سن السادسة عشرة، أتم الدراسة الثانوية في إحدى المدارس الثانوية في سقط رأسه، وفي عام 1820حصل على منحة دراسية لدراسة القانون في مدينة لايبزغ بولاية ساكسونيا، وتركها في عام 1822م ليكمل الدراسة في العاصمة برلين، وفي برلين تعرف«جرابه» على الشاعر والناقد وصحفي الألماني الشهيرهاينرش هاينه «1856 : 1797»، والذي يعد من أهم الشعراء الألمان الرومانسيين حينذاك.
في برلين العاصمة
أنهى «جرابه» دراسته في عام 1823 م وسعى إلى الحصول على وظيفة في أحد المسارح ممثلًا أو مخرجًا، ولكنه رفض، فعاد إلى ديتمولد وأدى امتحان الدولة في القانون في العام التالي، وحاول أن يجد وظيفة في المجال القانوني، ولكنه محاولاته ذهبت أدراج الرياح، وباءت بالفشل.
وفي عام 1826م اتفق مع«جرابه» مع مدرس في الجيش أصيب بمرض ما، أن ينوب عنه في إلقاء المحاضرات أو الدروس أثناء مرضه، ولكن هذا العمل كان بلا أجر، لكنه عين في عام 1828 مكان هذا المدرس المريض، وحصل على أجر، وفي عام 1829 م عرضت أولى أمؤلفاته المسرحية «دون جوان وفاوست» في ديتمولد ونالت نجاحًا كبيرًا.
حياة زوجية تعيسة
بدأت صحة «جرابه» تزداد سوءا بشكل ملحوظ، وظهرت عليه آثار إدمان الكحول، وكان من نتائج ذلك أن فسخت خطوبته بهنريته ماير، فعاد إلى التقرب والتودد من لويزه كريستيانه كلوسترماير، التي رفضت حبه لها من قبل، لكنها قبلت الزواج منه هذه المرة، وتزوج الاثنان في 1833م، لكن سرعان ما تبدت الخلافات بينهما، مما جعل من زواجهما زواجًا تعيسًا.
ترك «جرابه» وظيفته، في عام 1834م، ورحل إلى مدينة فرانكفورت، وسط غرب ألمانيا على نهر الماين، حيث التقى بناشره ودب الخلاف بينهما، ثم رحل إلى دوسلدورف حيث التقى بكارل إمَرْمان، الذي كان قد تعرف عليه من قبل في عام 1831م وبدأ العمل معه مخرجًا مسرحيًا في مسرح المدينة في دوسلدورف، وهي عاصمة ولاية شمال الراين، وستفاليا في غرب ألمانيا .
ولم يستمر «جرابه» بقاؤه في هذا العمل طويلا، فقد أصابه إدمان الكحول بالمرض والاكتئاب، فعاد إلى مسقط رأسه مدينة ديتمولد في عام 1836م حيث طلبت زوجته الطلاق منه. وفي العام نفسه وبعد معاناة مريرة مع المرض، حتى رحل عن عالمنا ومات في ديتمولد مسقط رأسه.
مكانة أدبية مميزة
مثلت مسرحية «جرابه» الأولى بعنوان «الدوق تيودور فون جوتلاند»، صدمة الجمهور في ذلك الوقت، لاستغراقها في الرؤى العدمية والتشاؤمية المفرطة، غير أن معظم مسرحياته الأخرى، كانت تعتبر أهم المسرحيات في فترة ما قبل مارس في ألمانيا، ومن هذه المسرحيات «نابليون أو المائة يوم» ومسرحية «هانيبال»، فقد صورت هاتان المسرحيتان صورة تاريخية مغايرة لتقاليد تناول الأحداث التاريخية في الأعمال الدرامية.
وتعتبر مسرحية «جرابه» الكوميدية «فكاهة وهجاء وسخرية ومعنى أعمق»، من أكثر المسرحيات تأثيرًا على المسرحيات الكوميدية الألمانية، وما زالت تعرض في المسارح وتلقى قبولًا من الجمهور حتى الآن.
ويمثل أسلوب«جرابه» الذي ابتدع أفكارا وتكنيكات جديدة في المسرح، تحديا حقيقا بالنسبة لمخرجي مسرحياته حتى يومنا هذا. كما في مسرحيته «نابليون» التي تحتوي على عدد كبير من الشخصيات، وعلى خلفيات مكانية كثيرة، وعلى مشاهد المعارك. وتمثل كل هذه الأساليب تحديا فنيا حقيقيا للمخرجين المسرحين، الذين يتصدون لإخراج مسرحياته.
مسرحيات كريستيان ديتريش جرابه
ألف الأديب الألماني كريستيان ديتريش جرابه، العديد من المسرحيات ومنها .. «الدوق تيودور فون جوتلاند» (مسرحية تراجيدية)، فكاهة وهجاء وسخرية ومعنى أعمق «مسرحية كوميدية»
نانيته وماريا «ميلودراما»، والمسرحية القصيرة «ماريوس وزولا»، كما كتب المسرحية التراجيدية «دون جوان وفاوست»، «القيصر فريدريش بارباروسا»«القيصرهاينريش الرابع»، «نابليون أوالمائة يوم»، «هانيبال»، مذبحة هرمان»
رحيل وأثر باق
ورحل الألماني كريستيان ديتريش جرابه في مسقط رأسه 12 سبتمبر 1836م، بعد موته تراجعت شهرته إلى حد كبير، إلى أن أعاد كتاب المسرح الطبيعي والتأثيري اكتشاف أعماله وتقديمها مرة أخرى.
جائزة باسم «جرابه»
وفي مدينة ديمولد مسقط رأسه، تم تخليد أثر واسم المسرحي المجدد كريستيان ديتريش جرابه، بإطلاق اسمه على إحدى المدارس الثانوية وتم تأسيس جائزة باسمه في سنة 1994م هي جائزة كريستيان ديتريش جرابه للكتابة المسرحي الحديث،لذكرى ابنها الكاتب المسرحي كريستيان ديتريش جرابه، وتنمحها مدينة ديتمولد بالتعاون مع جمعية جرابه، واتحاد ليبه Lippe الإقليمي.
وتمنح الجائزة كل ثلاث سنوات لنص مسرحي متميز يكون ذو أثر على المسرح الألماني، ويمنح الحائز على الجائزة مكافأة مالية قدرها 5000 يورو، بالإضافة إلى عرض مسرحيته على خشبة مسرح ديتمولد.