لطالما ارتبطت ارتداء الملابس الأسود في الثقافات المختلفة بمشاعر الحزن والوقار، فالعالم المتمدن أجمع على ارتداء الملابس السوداء في مناسبات الحزن والحداد، وفي الاحتفالات الرسمية والمناسبات الجادة، ولكن ما الذي جعل هذا اللون يرتبط بهذه العادات؟ هل هو مجرد تقليد عابر، أم أن هناك أسبابًا ثقافية وتاريخية تفسر ذلك؟
ثابت جريس بشاي
أرسل المواطن المصري ثابت جريس بشاي، سؤالًا إلى مجلة الهلال، يستفسر فيه عن سبب ارتجاء اللون الأسود في المناسبات الحزينة، قائلاً: أجمع العالم المتمدن على لبس الملابس السوداء في مواقف الحزن وفي الاحتفالات الرسمية فما الباعث على ذلك؟
مجلة الهلال
ردت مجلة "الهلال" على هذه الاستفسار في عددها الصادر بتاريخ 1 يناير 1922، موضحة: ما برح البشر منذ أقدم الأزمنة يتخذون بعض العلامات الخارجية الدلالة على ما يحسون به من حزن وفرح وتهيب ووقار، وقد اختلفت هذه العلامات باختلاف العصور والشعوب.
وأضافت الهلال: كان المصريون القدماء يحلقون حواجبهم عند وفاة أحد أولادهم، وكذلك كان يفعل اليونان كما أنهم كانوا أيضا يرتدون الملابس السوداء في أحزانهم أو على الأقل في تشييع الجنازات، أما عند الرومان فلم يكن الرجال مجبرين على الحداد وإنما كان هذا فرضا على النساء فكن يضطرون إلى نزع حليهن لمدة سنة، وكانت النساء الرومانيات إذا فقدن أحد أولادهن يلبسن ملابس زرقاء سماوية.
وأشارت الهلال إلى أن ملوك فرنسا لم يكن يلبسون ملابس خاصة للحداد بل كان الملك منهم يرتدي لباسا أرجوانيا حالما تشيع جنازة سلفه، أما الملكة فكان يجب عليها أن تبقى سنة في غرفتها بعد تجليلها بالسواد.
وأكدت الهلال أن اللبس الأسود لم ينتشر بين الرجال في فرنسا إلا في القرن السادس عشر، وقد عمت هذه العادة اليوم العالم المتمدن كله، على أن بعض الشعوب قد اتخذت ألوانا أخرى للدلالة على الحداد كاللون الأزرق والرمادي، والبنفسجي وغير ذلك حسب الأمكنة.