بدأ استخدام حقن السكر في التخسيس، بشكل واسع في الآونة الأخيرة، حتى أصبحت مألوفة أكثر لبعض الفئات في المجتمع المصري باسم "حقن التخسيس"، ولكن ما يجعله الكثيرين أن تلك الحقن قد تؤدي إلى الشلل على أقل تقدير، وفي بعض الحالات يصل الأمر إلى الوفاة.
آلية عمل أدوية التخسيس
تعد أدوية مثل "مونجارو" و"أوزمبيك" من أبرز العلاجات التي تحاكي تأثيرات هرمون GLP-1، وهو هرمون يحفز إنتاج الأنسولين ويساعد في التحكم بالشهية، وتعمل هذه الأدوية على تقليل الشهية من خلال إرسال إشارات إلى المخ، مما يجعل الأشخاص يشعرون بالشبع لفترات أطول، ومع ذلك، فإن فعاليتها في فقدان الوزن، التي أظهرتها دراسات عدة، كانت مصحوبة بزيادة حالات إساءة الاستخدام.
استخدام دواء السكري في التخسيس تسبب في نقصه بالسوق المحلي
من جانبه، قال الدكتور مدحت طاهر، أستاذ أمراض الباطنة بجامعة بنها، إن أحد الأسباب الرئيسية لنقص أدوية السكري في السوق المصري، هو الإقبال الكبير من مرضى السمنة على استخدام هذه الأدوية بهدف التخسيس، وأكد أن هذا السلوك أدى إلى نقص حاد في كميات الأدوية المخصصة لمرضى السكري، ما يعرض حياتهم للخطر.
وأشار طاهر إلى وجود نوعين من الأدوية، أدوية مخصصة لعلاج مرض السكري وأخرى للتخسيس، واستنكر قيام بعض الأطباء وغير المتخصصين بوصف أدوية السكري كوسيلة للتخسيس، قائلاً: "كيف يتم وصف أدوية السكري للتخسيس بينما توجد أدوية مخصصة لهذا الغرض؟ هذا تصرف يضر بالمريض في النهاية ويعكس خللاً في الممارسة الطبية".
وأضاف طاهر أن بعض من يصفون هذه الأدوية ليسوا أطباء متخصصين بل ينتمون إلى مجالات أخرى مثل العلاج الطبيعي، مشيرًا إلى أن هذه التصرفات تؤدي إلى استخدام الأدوية في غير مواضعها الصحيحة، مما يثير تساؤلات حول مدى الرقابة على مثل هذه الممارسات.
وأوضح أن تناول أدوية السكري من قِبَل غير المرضى قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، منها التهابات البنكرياس، ورغم أن هذه المضاعفات نادرة لمرضى السكري، إلا أنها أصبحت شائعة في الآونة الأخيرة بسبب الاستخدام العشوائي لهذه الأدوية لغير مرضى السكري، خصوصًا عن طريق الحقن، لتحقيق أهداف تتعلق بالتخسيس.
وتطرق طاهر إلى إبر "أوزمبك"، التي تُعتبر من الأدوية الفعالة للغاية في مساعدة مرضى السكري وتساهم أيضًا في إنقاص الوزن، مشددًا على ضرورة استخدامها تحت إشراف طبي صارم، وحذر من أن الاستخدام العشوائي لهذا الدواء يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل القيء المستمر وأعراض أخرى غير متوقعة.
وأشار إلى أن "أوزمبك" يعاني من نقص عالمي في الإنتاج، وهو ما يفاقم المشكلة في السوق المصري عندما يتم استخدامه من قبل أشخاص لا يعانون من مرض السكري.
وختم طاهر حديثه بمطالبة الجهات المعنية بتشديد الرقابة على وصف الأدوية وضمان توجيهها للفئات المستحقة لتجنب المزيد من الأزمات الصحية.
استخدام أدوية السكر في التخسيس تفي بالغرض ولكن بنسب محدودة
من جهته، قال الدكتور نبيل السيد، أستاذ أمراض الباطنة بجامعة بنها، إن أدوية السكري التي يلجأ البعض لاستخدامها بهدف التخسيس تعمل على تنظيم البيئة الداخلية للجسم، بما في ذلك مستويات السكر والدهون، وأوضح أن هذه الأدوية قد تساعد على إنقاص الوزن، ولكن بنسب محدودة، إذ أن التخسيس في الأساس له أدوية مخصصة تعتمد على تنظيم الغذاء وممارسة الرياضة.
وشدد الدكتور نبيل على أن هناك نوعًا محددًا من أدوية السكري يمكن استخدامه لأغراض التخسيس، لكنه استدرك، قائلًا: "ليس كل أدوية السكري تصلح لهذا الغرض، ويجب أن تظل مخصصة للاستخدامات الطبية التي وُضعت له".
وأشار نبيل إلى أن بعض الأفراد الذين يصفون هذه الأدوية في عيادات التخسيس لا يمتلكون الدراية الكافية بعلوم الطب، وقال: "طبيب الباطنة يتمتع بمعرفة دقيقة بتأثير الأدوية على الأعضاء الداخلية لجسم الإنسان، مثل القلب والرئتين، وكيفية تفاعل كل دواء مع هذه الأعضاء، ولكن للأسف، هذه المعرفة غالباً ما تغيب عن غير المتخصصين في مراكز التخسيس والعلاج الطبيعي".
وأضاف السيد أن الممارسات الطبية في الوقت الحالي تشهد تجاوزات خطيرة، حيث يتم وصف أدوية السكري من قبل أشخاص لا ينتمون إلى نقابة الأطباء وليسوا أطباء في الأساس، وأوضح أن هؤلاء قد يكونون مجرد ممثلين لمراكز إعلانية تروج لهذه الأدوية بطرق تجارية، دون مراعاة الجوانب الصحية والأخلاقية.
وفي ختام حديثه، طالب بضرورة فرض رقابة صارمة على الجهات التي تروج لهذه الأدوية، مشددًا على أهمية توجيهها للاستخدامات الصحيحة وتجنب الترويج الخاطئ الذي يعرض صحة الأفراد للخطر.
أدوية السكري للتخسيس مسموح بها ولكنها ليست دون مخاطر
في نفس السياق، قالت الدكتورة مي مصطفى، أستاذ علم الأدوية بجامعة الإسكندرية، أن استخدام أدوية السكري في التخسيس مسموح به بشكل واسع، لكنها شددت على أنها ليست مخصصة لهذا الغرض الأساسي، وأوضحت أن تناول هذه الأدوية من قبل غير مرضى السكري قد يؤدي إلى تفاعلات غير متوقعة داخل أجسادهم، خاصة إذا كانوا يعانون من ضعف المناعة أو أمراض أخرى.
وأشارت الدكتورة مي إلى أن هناك آلاف الأشخاص يلجأون لاستخدام أدوية السكري للتخسيس، لكنهم قد يتعرضون لأعراض جانبية مثل خمول البنكرياس.
وأضافت أن الجرعات المستخدمة في التخسيس عادة ما تكون مرة كل شهر أو شهرين وليست لفترات طويلة، حيث تعمل هذه الأدوية على حرق الدهون وتقليل الشهية، لكنها لا تخلو من المخاطر.
وأوضحت أن أدوية السكري تنقسم إلى نوعين رئيسيين: النوع الأول: الأنسولين، وهو غير صالح تمامًا للاستخدام في التخسيس، إذ قد يؤدي إلى غيبوبة خطيرة قد تنتهي بالوفاة، أما النوع الثاني: حبوب السكري، التي لا تعتمد على الأنسولين وتُستخدم لعلاج السكري، لكنها تُستهلك بشكل غير مخصص للتخسيس من قِبَل بعض الأشخاص.
ونفت الدكتورة مي الشائعات المتداولة حول أن هذه الأدوية تسبب الوفاة أو أعراضاً خطيرة للغاية، مؤكدة أن هذه الأدوية إذا كانت قاتلة أو تسبب أمراضاً مزمنة لم تكن لتُطرح في الأسواق من الأساس، وأضافت أن الشركات الأمريكية المنتجة لهذه الأدوية تخضعها لتجارب مكثفة على البشر قبل طرحها للتأكد من أمانها.
وفي ختام حديثها، دعت مي مصطفى إلى ضرورة استخدام هذه الأدوية تحت إشراف طبي متخصص لتجنب المضاعفات الصحية، وشددت على أهمية التوعية بخطورة الاستخدام العشوائي لهذه الأدوية، خصوصاً في سياق التخسيس.
استخدام أدوية السكري للتخسيس بدأ في الولايات المتحدة وانتشر حديثًا في مصر
من جانبه، قال الدكتور عبد المنعم أحمد، أستاذ الأمراض الباطنة بجامعة بنها، أن استخدام أدوية السكري لأغراض التخسيس بدأ لأول مرة في الولايات المتحدة منذ أربع سنوات، ووصل إلى مصر منذ نحو عامين فقط، وأوضح عبد المنعم أن تناول هذه الأدوية من قِبَل غير مرضى السكري قد يؤدي إلى مشكلات صحية متعددة، من بينها آلام البطن، وحصوات المرارة، والتهاب البنكرياس، مشيراً إلى أن كل حالة تختلف عن الأخرى في طبيعتها واستجابتها لهذه الأدوية.
وشدد الدكتور عبد المنعم على ضرورة استشارة الطبيب قبل تناول أي من هذه الأدوية، مؤكدًا أن الاستخدام العشوائي قد يتسبب في مشكلات صحية غير متوقعة.
أضاف أن بعض الحالات المحددة يمكن أن تستفيد من أدوية السكري في التخسيس، ولكن ذلك يتطلب إشرافاً طبياً دقيقاً لتجنب أي مضاعفات.
واختتم حديثه بالتأكيد على أهمية التوعية بمخاطر استخدام الأدوية خارج نطاق وصفها الأصلي، مشيراً إلى أن الاعتماد على هذه الأدوية دون إشراف طبي يمثل تهديداً كبيراً للصحة العامة.
الحلول البديلة
أجمع الخبراء على ضرورة اتباع نهج متوازن يجمع بين نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية كحل أساسي للتخلص من الوزن الزائد، وأكدوا أن هذه الحقن يجب أن تُستخدم كوسيلة مساعدة فقط تحت إشراف طبي دقيق، نظرًا لتأثيراتها المحتملة على الصحة العامة.