على مر العقود منذ تأسست جماعة الإخوان الإرهابية، ارتبط تنظيمها بالكيانات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية التي ظهرت في أنحاء العالم، وعلى رأسها تنظيم القاعدة ومن بعده "داعش"، وغيرهم من التنظيمات الإرهابية التي تورطت أيديها بالدماء والعنف والعمليات الإجرامية، التي هددت الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم.
ارتبطت جماعة الإخوان بالعديد من العلاقات بتنظيمات أخرى داخل البلاد، أو خارجها في سواء بالغرب أو بالشرق الأدنى في سوريا والعراق وغيرها من الدول، فكانت جماعة الإخوان العباءة التي خرجت من تحتها تنظيم القاعدة وجماعة الجهاد الإسلامي وجماعات التكفير والهجرة وأخيراً جماعة داعش، سواء من حيث قيادات تلك التنظيمات الذين انتموا في مرحلة من حياتهم إلى تنظيم الإخوان، أو من حيث المرجعية الفكرية التي استمدوها من أدبيات التنظيم.
علاقة الإخوان بالقاعدة
ارتبط بعلاقة "الإخوان المسلمين" بتنظيم "القاعدة" عبر تاريخ طويل ومعقد، حيث كان مؤسس التنظيم وزعيمه الأول، أسامة بن لادن، منتميا إلى تنظيم الإخوان في مرحلة من حياته، وتحديدا في سبعينيات القرن الماضي، كذلك أكد أيمن الظواهري، الذي تولى قيادة التنظيم بعد بن لادن، في عدة مناسبات أن بن لادن نشأ في بيئة إخوانية وتلقى تعاليمه في صفوفهم.
واعترف بن لادن بأنه كان من "الإخوان"، وهو ما أكده الظواهري في تسجيل صوتي، مشيراً إلى أن بن لادن خرج من صفوف الجماعة بعد ذلك، وعلى الجانب الأخر، كان أيمن الظواهري من ضمن جماعة "الإخوان المسلمين"، وقد انتقل لاحقاً إلى تنظيم "الجهاد الإسلامي" قبل أن ينضم إلى "قاعدة الجهاد" بعد تلقيه عرضاً للسفر إلى أفغانستان من قيادات الإخوان.
وخلال الحرب الأفغانية، قدمت "الإخوان" دعماً مالياً ولوجستياً لأعضاء التنظيم هناك ضد الأمريكان، بما في ذلك توفير الأموال لتذكرة سفر الظواهري والإقامة في باكستان، كما كانت لهم دور فعال في جمع التبرعات والمساعدات للمقاتلين في أفغانستان.
نشأ تنظيم "القاعدة" كامتداد لتنظيم "الجهاد الإسلامي"، حيث اقترح عبد الله عزام على بن لادن إنشاء هذا التنظيم بعد انتهاء الحرب الأفغانية، وقد استخدم بن لادن قاعدة بيانات الأعضاء الذين شاركوا في الحرب الأفغانية لتأسيس هذا التنظيم، مما يشير إلى العلاقة الوثيقة بين الإخوان والقاعدة.
الإخوان والجماعات التكفيرية
تظهر العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الجهادية التكفيرية، مثل "القاعدة" و"داعش"، من خلال عدة جوانب فكرية وأيديولوجية مشتركة، رغم ادعاءات الإخوان بعدم وجود روابط بينهم.
وتعتبر الدعوة لإقامة الخلافة الإسلامية محورًا أساسيًا في فكر كل من الإخوان والحركات الجهادية، فحسن البنا، مؤسس الجماعة، أكد على أهمية فكرة الخلافة في منهج الإخوان، حيث وضعها في المرحلة الخامسة من مراحل التمكين التي تسعى الجماعة لتحقيقها.
تشترك تنظيمات القاعدة وداعش مع الاخوان في استخدام العنف كوسيلة لتحقيق أهدافهما، فقد أسس الإخوان تنظيمًا خاصًا نفذ عمليات اغتيال، وتطورت أفكار سيد قطب حول الحاكمية لتشمل تكفير المجتمعات والحكومات، ويشارك الإخوان مع "داعش" وإخوتها في تصنيف المسلمين الذين يختلفون معهم فكريًا ككفار، مما يبرر استخدام العنف ضدهم، وحسن البنا قد صرح بأن كل مسلم لا يؤمن بمنهج الجماعة لا حظ له في الإسلام.
هذا وبالإضافة إلى أن كلا الطرفين سعوا إلى الوصول للسلطة كوسيلة لتمكين الدين، ويُعتبر الاستيلاء على السلطة وسيلة لتغيير المجتمع، مما يبرر تكفير الحكومات القائمة، وأفتى الإخوان بجواز استخدام العمليات الانتحارية في حالات معينة، مما يفتح المجال لتبرير استخدامها من قبل التنظيمات الجهادية تحت ظروف مختلفة، وفي السياق نفسه، كان زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، في شبابه عضوًا في جماعة الإخوان في العراق، مما يشير إلى وجود روابط تاريخية بين الطرفين.
عبدالله عزام وعلاقته بالإخوان المسلمين
كان عبد الله عزام، منظر الجهاد العالمي والذي كان أحد أقطاب "الجهاد" في أفغانستان، هو شخصية محورية في جماعة الإخوان، حيث انضم إليها منذ فترة مبكرة من حياته، يُعتبر عزام من أبرز الشخصيات التي ساهمت في تشكيل الفكر الجهادي الحديث، وكان له تأثير كبير على أسامة بن لادن، الذي اعتبره بمثابة الأب الروحي له، وكان لعزام دور بارز في تغيير طريقة تفكير بن لادن، مما جعله يتحول إلى متشدد ويصبح أحد أبرز الجهاديين في العالم، تأثر عزام بأفكار سيد قطب، أحد أبرز منظري الإخوان، والذي اتخذت التنظيمات التكفيرية كتبه وأدبياته مرجعيات أساسية لأفكارها.
أيمن الظواهري
يعد من أبرز القادة في التنظيمات الإرهابية الذين انتموا لتنظيم الإخوان في مرحلة ما من حياتهم، وكان أحد مؤسسي تنظيم القاعدة،والذي كان زعيما للتنظيم بعد أسامة بن لادن، حيث امتلك علاقة وثيقة بجماعة الإخوان ويعتبر نفسه من تلاميذ سيد قطب، المفكر الإخواني الذي أسس الكثير من الأفكار الجهادية المعاصرة، حيث أكد على أهمية التوحيد والحاكمية لله كجزء من الصراع الإسلامي.
إرهاب الإخوان في العالم
تعود العلاقات بين جماعة الإخوان والولايات المتحدة إلى خمسينيات القرن الماضي، حيث اعتبرت أمريكا الإخوان أداة لمواجهة الشيوعية، ففي تلك الفترة، التقى الرئيس الأمريكي دوايت آيزنهاور مع قادة الإخوان، بما في ذلك سعيد رمضان، صهر مؤسس الجماعة حسن البنا.
وفي بداية الحرب الباردة، رأت الولايات المتحدة في الإخوان حليفًا محتملًا ضد المد السوفيتي، ومنذ منتصف الخمسينيات وحتى غزو أفغانستان، كانت العلاقات غير واضحة، لكنها تجلت بوضوح خلال دعم أمريكا للمجاهدين الأفغان في أواخر السبعينيات، حيث كان الفكر الإخواني جزءًا من أيديولوجيتهم.
كذلك اعترف عدد من قادة العالم بالعلاقة بين تنظيم الإخوان والجماعات الإرهابية، فقال دافيد كاميرون وزير الخارجية البريطاني السابق، إن هناك علاقات بين بعض أقسام الحركة المرتبط بالتشدد والعنف في بلاده، ما جعلهم يفرضون مراقبة مستمرة لأنشطة أعضاء الحركة في بريطانيا، وجاء التقرير بعد تحقيقات بدأت عام 2014 حول تأثير أنشطة الإخوان على الأمن القومي البريطاني.
في أوروبا، واجه تنظيم الإخوان تحديات متزايدة بسبب الأنشطة المشبوهة التي نسبت إليهم، وذلك أدى إلى تعزيز الرقابة والتشريعات في العديد من الدول الأوروبية مثل فرنسا والنمسا وألمانيا، وقامت تلك الدول بفرض قيود على أنشطة التنظيم، مستهدفة شبكاته التمويلية والجمعيات التابعة له.
أثبتت تحقيقات مخاطر التطرف، تورط عناصر من الإخوان المسلمين في الهجمات الإرهابية في أوروبا، مثل هجوم فيينا في نوفمبر 2020 وجرائم أخرى ذات طابع إرهابي، وبعد ذلك، بدأ التصعيد التشريعي في دول مثل فرنسا، والتي أدخلت قوانين صارمة لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك مراقبة الأنشطة الرقمية ومنع تمويل المنظمات المرتبطة بالإخوان.