تشارلي شابلن.. سيد السينما الصامتة

ممثل كوميدي إنجليزي، وأيضًا مخرج وملحن وكاتب سيناريو ذاع صيته في زمن الأفلام الصامتة،  وهو أيقونة في جميع أنحاء العالم من خلال شخصيته الشهيرة «المتشرد، الصعلوك أو المتسَكِّع»، ويعتبر من الشخصيات الأبرز في تاريخ صناعة السينما، امتدت حياته المهنية لأكثر من 75 سنة، من بداية طفولته في العصر الفيكتوري وحتى قبل وفاته بسنة، شملت التملق والجدل إنه سيد السينما الصامتة والنجم العالمي تشارلي شابلن.

نشأة تشارلي شابلن

ولد تشارلي شابلن في لندن، بريطانيا في السادس عشر من شهر نيإبريل  من عام 1889م، ونشأ في أسرة فنية، فأبوه سبنسر شابلن كان ممثلا ومغنيا لعدة ألوان غنائية، وأمه مغنية أوبرا وممثلة تحت اسمها المسرحي ليلي هارلي (بLily Harley)، وعند بلوغ «شابلن» سنّ العشر سنوات توفّي والده، فاضطر إلى الاعتماد على نفسه لرعاية أمه المريضة مع أخيه الصغير «سيدني» مستخدِما موهبته الفنية.

بداية مسيرة شارلي شابلن

بفضل معارف والدة «شابلن» في الوسط الفنّي استطاع أن يحصل ابنها على أول فرصة له في عالم الفن في فرقة رقص إيقاعي تُدعى «The Eight Lancashire Lads"»، واستمر فيها لفترة قصيرة حصل من خلالها على مبلغ من المال ولكنه لم يكن كافياً لتغطية نفقاته، فعمل كبائع جرائد، وعامل طباعة، وصانع دمى، ومساعد طبيب، وفي خضم كل هذا كان دائماً يجري الاتصالات مع وكالات الفنون المسرحية، إلى أن تمكّن من الاشتراك في مسرحية شارلوك هولمز كشخصية الفتى خادم الفندق، ثم شارك مع فرقة الفودفيل المتجولة.

وفي عام 1908م التحق «شابلن» بفرقة فريد كارنو (Fred Karno) الإيمائية للتمثيل الصامت، وأصبح نجما في مسرحيتهم التي كان اسمها "Night in an English Music Hall"، ممّا أثار إعجاب المخرج السينمائي "ماك سينيت"، فوقّع معه عقداً بـِ 150 دولارا أسبوعيا.

ظهور شخصية «شارلي» المتشرد عمل«شابلن»مع استديوهات كيستون كممثل لأدوار صغيرة في العديد من أفلامهم ومثّل معهم شخصية المتشرد واشتهر بفضلها، وفي عمر الخامسة والعشرين أخرج أول فيلم له يدعى بعشرين دقيقة من الحب ( Twenty Minutes of Love)، وبعدها «شابلن» ترك العمل في كيستون ووقع عقداً مع استديو إساناي للأفلام، ومثّل أفلاماً عديدة مهمة مثل فيلم المتشرد ( The Tramp)، وحصل معهم إلى حد معين على المزيد من الحرية الإبداعية في أفلامه.

ترك «شابلن» العمل في استديو إساناي عام 1916م ووقع عقدا مع استوديو ميوتشوال ووظف العديد من الناس المهمين لحياته المهنية، مثل الممثل هنري بيرغمان الذي مثّل دور الشرير في أفلامه، ومساعده الشخصي توم هارينجتون، وفي عام 1917م بنى الاستديو الخاص به لرغبته بإنتاج أفلام يستطيع وضع رؤيته الابداعية في كل مراحل إنتاجها، ووقع عقدا مع استوديو فيرست ناشونال، ومثّل أفلاماً عديدة فيه مثل فيلم حياة كلب ( A Dog's Life).

أبرز أعمال شارلي«شابلن» فيلم الطفل فيلم الطفل (The Kid) هو فيلم كوميدي درامي صامت من إخراج وكتابة وإنتاج «شابلن»؛ صدر عام 1921م بطول 68 دقيقة، وأُنتج في استديو فيرست ناشونال السينمائي، ويتمحور الفيلم حول شخصية المتشرد ( The tramp)؛ الذي يجد طفلاً تركته أمه رضيعا، ويربيه لعدة سنوات، حتى تحاول الأم استرجاع طفلها فيحاول المتشرد والطفل الهرب منها، وقد قام بدور المتشرد«شابلن» بنفسه، وقامت الممثلة إدنا بيرفيانس بدور الأم، والممثل جاكي كوجان بدور الطفل الذي اشتهر بهذا الفيلم وأصبح من أوائل الأطفال المشاهير في هوليوود، وكاد أن يخسر«شابلن» حيازة النسخة السلبية للفيلم في قضية طلاق له زامنت هذا الفيلم.

 فيلم امرأة باريس أُنتج فيلم «امرأة باريس» عام 1923م، وهو فيلم درامي من أعمال«شابلن» الجديّة البعيدة عن شخصية المتشرد المضحكة؛ مع عدم خلوه من الفكاهة، واستخدمت فيه التعبيرات الفنية الألمانية والسويدية القديمة لإبراز رزانة هذا العمل.

فيلم السيد فيردو

يُعتبر فيلم السيد فيردو  فيلما كوميديا ساخرا ضمن سيناريو جريمة قتل، اضطر «شابلن» إلى إصداره مرتين؛ حيث أُصدر في المرة الأولى في شهر إبريل من عام 1947م في مدينة نيويورك وواجه نقدًا صحفيا سيئا وبيعا ضعيفا للتذاكر، وعليه قرر شابلن ومعاونوه إعادة هيكلة الحملة الإعلانية، وتم إصداره مرة ثانية بعد 5 أشهر في مدينة واشنطن العاصمة، وعندها تحسن مستوى بيع التذاكر وحصل الفيلم على نقد صحفي إيجابي، مُحصلا 162 ألف دولار بنهاية تلك السنة.

فيلم الأضواء

يُعتبر فيلم «الأضواء»من فئة الأفلام الدرامية، كتبه، وأنتجه، وأخرجه تشارلي  شابلن عام 1952م، وتحكي قصته عن شخصية مهرج قام بدورها شابلن غرق في حزن عميق بعد أن كان مشهوراً في أيامه السابقة، ينقذ شخصية تيري راقصة الباليه الشابة من قتل نفسها، ومع مرافقتها يجد في نفسه حماسا للعودة إلى عالم الاستعراض، وهي بدورها تتعافى من اكتئابها بمرافقته لتصبح راقصة مشهورة، وتنتهي حياته بعد عرضه الذي قرّر به العودة إلى عالم الاستعراض.

زوجات شارلي شابلن

تزوّج «شابلن» من أربع نساء في حياته، هنّ:ميلدريد هاريس، و تزوجها  عام 1918م، وهي أولى زوجاته، ولم يستمر زواجه بها سوى سنتين، وليتا غراي،و تزوجها عام 1924م وأنجب منها ولدين، وهما شارلز شابلن الابن وسيدني إيرل، حيث مثّلت معه في فيلمه الطفل بشخصية ملاك، كما مثلت كبطلة في فيلمه حمى الذهب (The Gold Rush)، ولكن لم يستمر زواجهما طويلاً؛ حيث انفصلا في عام 1927م.

وتزوج من بوليت غودارد، عام 1936م، مثّلت معه في فيلم الأزمنة الحديثة  وفيلم الديكتاتور العظيم ، وانفصلا في عام 1942م، والسيدة  أونا أونيل، و تزوجها عام 1943م وهو في عمر 53 وهي في عمر 18، والتقيا في إنتاج فيلم لم يتم صنعه يدعى بفيلم الظل والجوهر ( Shadow and Substance) في عام 1942م، واستقرا في سويسرا بعد محنة قضائية أدت إلى نفيه خارج الولايات المتحدة عام 1952م، وأنجبا ثمانية أولاد.

السنوات الأخيرة لشارلي شابلن

عاد «شابلن» إلى الولايات المتحدة عام 1972م بعد نفي دام 20 سنة؛ ليستلم الجائزة الأكاديمية للإنجاز achievement Academy Award)، وأعادوا اسمه إلى شارع المشاهير في لوس أنجلوس، إضافة إلى استلامه جائزة الأسد الذهبي (The Golden Lion) في مهرجان البندقية السينمائي.

فنان الأوسكار ..ممثلًا ومؤلفا ومنتجا ومخرجا

وتلقى  «تشابلن» ثلاث جوائز أوسكار.. في 1929 حصل على جائزة الأوسكار الفخرية وذلك لـ«براعته وعبقريته في تمثيل، وكتابة، وإخراج، وإنتاج فيلم «السيرك»، وفي عام 1972 حصل على جائزة أوسكار فخرية ثانية وذلك لـ«التأثير البالغ لديه في صنع الصور المتحركة فن هذا القرن».

وفي عام 1973 حصل «شابلن» على جائزة الأوسكار لأفضل موسيقى تصويرية وذلك لفيلم «أضواء المسرح»، مشاركة مع «راي راشي» و«لاري راسل»، ورشح كذلك لجائزة أفضل ممثل، وأفضل سيناريو أصلي، وأفضل فيلم (كمنتج) مصنفة لفيلم «الدكتاتور العظيم»، وتلقي جائزة أفضل سيناريو أصلي آخر مرشحة لفيلم «السيد فيردو». في عام 1976، أصبح «تشابلن» زميلا في الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون.

اختيرت سته من أفلام «تشابلن» للحفاظ عليها في السجل الوطني للأفلام من قبل مكتبة الكونجرس في الولايات المتحدة، وهي: «المهاجر» 1917، «الطفل» 1921، «حمى الذهب» 1925، «أضواء المدينة» 1931، «الأزمنة الحديثة» 1936، و«الدكتاتور العظيم» 1940.

 وفي عام 1974م نشر «شابلن» كتابه حياتي في صور (My Life in Pictures)، وتُوّج كفارس من قِبل الملكة إليزابيث الثانية ليصبح اسمه  السير تشارلز سبنسر شابلن  في 1975م.

ورحل  المبدع تشارلي شابلن عن عالمنا قي  عام 1977م عن عمر يناهز 88 سنة، لكنه سيبقى بكل م أثرى به الفن عالميًا وستبقى أقواله والتي منها «أنا لا أزال على حالة واحدة، حالة واحدة فقط، وهي أن أكون كوميديا، فهذا يجعلني في منصب أكبر من السياسي».