ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أنه مع تزايد الآمال في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، تدهورت الأوضاع الإنسانية هناك بشكل متزايد .
ورصدت الصحيفة، في تقرير نشرته اليوم، الأوضاع الإنسانية في غزة التي تزداد بؤسا بحسب وصف منظمات حقوق الإنسان والسكان، حتى في الوقت الذي يحاول فيه الوسطاء تأمين اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وقالت الصحيفة إنه خلال الأشهر ال14 منذ أن غزت إسرائيل غزة ردا على هجمات السابع من أكتوبر 2023، حولت عمليات القصف العسكري المدن إلى أرض قاحلة مليئة بالأنقاض، ونزح 90% من سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.1 مليون نسمة مرة واحدة على الأقل. ويضيف الشتاء إلى حالة البؤس في القطاع.
وبحسب الصحيفة، تقول إسرائيل إن هدفها هو حماس وإنها "تفعل كل ما في وسعها" للحد من خسارة الأرواح المدنية، ولكن الوضع الإنساني المتدهور على نحو متزايد أثار موجة من الإدانة اللاذعة من جانب الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.
وسلطت الصحيفة الضوء على ثلاثة أجزاء من الأزمة الإنسانية في غزة: الغذاء والمياه والأدوية.
وفيما يتعلق بأزمة الغذاء، حذرت الأمم المتحدة الشهر الماضي من أن 1.95 مليون شخص معرضون لخطر المجاعة، وأنه في غياب زيادة كبيرة في المساعدات الغذائية، فإن المواطنين سوف يبدأون في الموت جوعا.
وقالت الأسبوع الماضي إن عمليات تسليم المساعدات الإنسانية لا تزال غير كافية، وخاصة في الشمال، حيث أمرت إسرائيل بإخلاء السكان وفرضت قيودا شديدة على وصول المساعدات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الأمم المتحدة أنه حتى عندما تسمح السلطات الإسرائيلية بدخول شحنات المساعدات الإنسانية، فإنها تجرد الشحنات أحيانا من المكونات الحيوية، مثل الوقود اللازم لتشغيل المولدات في المستشفيات والملاجئ. وتقول إسرائيل إن الوقود لا يمكن إرساله إلى المناطق التي ينشط فيها مسلحون.
أما بالنسبة لأزمة المياه، فيتم توصيل المياه في القطاع بالصهاريج إلى منطقة مركزية، حيث ينتظر السكان في طوابير لساعات لملء جرارهم ودلاءهم، مقابل 2 شيكل، أو 50 سنتا، للجالون. ولكن الجودة مشكوك فيها: رائحة كريهة، وعكرة، وملطخة بالنفايات.
وأوضحت النيويورك تايمز أن الأمر لم يكن كذلك دائما. فغزة لديها محطات معالجة المياه ومرافق تحلية المياه وثلاثة خطوط أنابيب تنقل المياه العذبة. ولكن في تقرير صدر الشهر الجاري، قالت منظمات إنسانية إن إسرائيل تحرم الفلسطينيين في غزة عمدا من الوصول الكافي إلى المياه الآمنة للشرب والصرف الصحي.
وذهب التقرير إلى أن خطوط الأنابيب كانت مغلقة ومتضررة بسبب القصف في بداية الحرب ولم يتم إعادة فتحها جزئيا إلا بعد شهر واحد. وقد أوقفت القيود الإسرائيلية على واردات الوقود أنشطة تحلية المياه تقريبا.
ولحقت أضرار جسيمة بالبنية الأساسية للمياه والصرف الصحي، كما منعت إسرائيل استيراد المعدات والمواد الكيميائية، مثل الكلور، اللازمة لتنقية المياه، بزعم إمكانية استخدام حماس لهذه المواد.
وبخصوص أزمة الأدوية، أشارت الصحيفة الأمريكية إلى عدم توافر المسكنات والمضادات الحيوية والأدوية للأمراض المزمنة مثل مرض السكر والتي من المستحيل العثور عليها.
كما أن الذهاب إلى المستشفى أمر غير وارد. فهي غير نظيفة، وتنبعث منها رائحة الموت والدم، وتفتقر إلى الإمدادات الأساسية.
ووصف تقرير من منظمة أطباء بلا حدود الشهر الجاري الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة على المدنيين والبنية الأساسية الطبية في غزة، إلى جانب "الإنكار المنهجي للمساعدات الإنسانية"، بأنها "علامات واضحة على التطهير العرقي".