السبت 4 يناير 2025

عرب وعالم

مع حلول 2025 .. سلطنة عُمان تستعد لإعلان ميزانيتها العامة بعد تحقيق الاستقرار المالي

  • 31-12-2024 | 20:28

مشروعات تنموية عُمانية

طباعة
  • دار الهلال

تستعد سلطنة عُمان لإعلان ميزانيتها للعام المالي الجديد أوائل العام 2025، وسط وضع مالي مستقر ونمو جيد للاقتصاد وتقدم في تنفيذ مستهدفاتها الاجتماعية وتوسعة مظلة الحماية وفقا لمستهدفات الرؤية المستقبلية "عمان 2040".


ويعد العام المالي 2025 هو الأخير للخطة الخمسية العاشرة والخامس من مدة تنفيذ رؤية عمان المستقبلية 2040، والتي عززت الاستقرار المالي من خلال جهود ضبط الوضع المالي ودعم التنويع الاقتصادي كمصدر مستدام للإيرادات النفطية وتوفير فرص العمل، وقد شهدت الأعوام 2022-2024 تسجيل فائض في الميزانية العامة وتوجيه نحو تسريع سداد الدين ودعم نمو الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة المواطن.


ووفق البيانات المالية المعلنة خلال العام الجاري، تم بناء تقديرات الإيرادات المتوقعة بافتراض سعر تحوطي للنفط يبلغ 60 دولارا للبرميل وإجمالي إيرادات نحو 11 مليار ريال عماني، وتمثل إيرادات النفط ما نسبته 54 بالمائة من إجمالي الإيرادات العامة، وقطاع الغاز نسبة 14 بالمائة، والإيرادات غير النفطية 32 بالمائة من جملة الإيرادات العامة، مع تقدير حجم الإنفاق العام المتوقع خلال 2024 بنحو 11.7 مليار ريال عماني والعجز المبدئي بقيمة 640 مليون ريال.


وبلغ سعر النفط المحقق فعليا 83 دولارا بنهاية أكتوبر الماضي، مما أسهم في رفع حجم الإيرادات المحققة فعليا وتسجيل فائض في الميزانية، وتجاوز حجم الإيرادات النفطية 6 مليارات ريال عماني بنهاية أكتوبر 2024، وارتفع إجمالي الإيرادات العامة إلى نحو 10.2 مليار ريال عُماني بزيادة 4 بالمائة مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2023، وبلغت الإيرادات الجارية 2.6 مليار ريال عماني، والإنفاق العام 9.7 مليار ريال عماني، ويقدر الفائض بحوالي 520 مليون ريال عماني خلال الفترة من بداية العام وحتى نهاية أكتوبر.


ومع تحقيق الميزانية لفائض مالي لثلاث سنوات متتالية منذ عام 2022، وتنفيذ المبادرات والبرامج التي تستهدف تحقيق الاستدامة، يواصل الوضع المالي والاقتصادي في سلطنة عمان التحسن، مما يسهم في استمرار ارتفاع التصنيف الائتماني خلال الفترة المقبلة.


وحقق النهج الذي اتبعته سلطنة عمان خلال السنوات الأخيرة بحسن استغلال الفائض المالي نتائج متزايدة خلال عام 2024، حيث انخفض حجم الدين العام بنهاية الربع الثالث من العام إلى 14.4 مليار ريال عماني ويمثل نسبة نحو 34 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 15.2 مليار ريال عماني في نهاية عام 2023 أي نحو 35 بالمائة من الناتج المحلي.


وكانت نسبة الدين للناتج المحلي قد بلغت ذروتها في عام 2020، والبالغة حوالي 70 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بعد سنوات من العجز المالي المتراكم الذي بلغ ذروته خلال عامي 2019 و2020 بسبب تراجع أسعار النفط وتفشي الجائحة، وحقق تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى منذ عام 2020 خفضا مستمرا للدين العام وترشيدا للإنفاق العام، كما عزز ارتفاع النفط خلال عام 2022 تسريع سداد الدين الذي تراجع إلى 17.6 مليار ريال عماني في نهاية 2022.


واستغلالا لما تحقق من فوائض، وضمن المبادرات المالية تم إعادة هيكلة المحفظة الإقراضية وخفض أعباء الدين من خلال استبدال القروض ذات الكلفة المرتفعة بأخرى ذات كلفة مواتية، وتراجعت خدمة الدين العام بنسبة 11 بالمائة في عام 2023.
تحقيق فوائض مالية وتراجع خدمة الدين


ووفقا للقروض القائمة والمخطط لها، بلغت تقديرات خدمة الدين العام خلال عام 2024 حوالي مليار و50 مليون ريال عماني، وتشير بيانات الأداء المالي الفعلي للميزانية إلى تراجع خدمة الدين بنسبة 9 بالمائة خلال الفترة من يناير 2024 حتى نهاية أكتوبر، وبلغ حجمها 758 مليون ريال عماني، وتم تعزيز مخصصات بند سداد القروض في الميزانية العامة والتي بلغت بنهاية أكتوبر الماضي 333 مليون ريال عماني، ومن المستهدف أن يصل إجماليها إلى 400 مليون ريال عماني بنهاية 2024.


واستمرت سلطنة عمان في استغلال الفوائض المالية في تعزيز الإنفاق الاجتماعي والخدمي، مع إعطاء الأولوية للمشروعات ذات البعد الاجتماعي مثل التعليم والصحة والإسكان الاجتماعي، ووصل إجمالي المبالغ المعتمدة لهذه القطاعات في ميزانية عام 2024 إلى 4.635 مليار ريال عماني، وهو ما يشكل نسبة 40 بالمائة من إجمالي الإنفاق، كما بلغت مخصصات بند المساهمات والنفقات الأخرى بنهاية أكتوبر نحو 1.8 مليار ريال عماني بزيادة 43 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من 2023، وتتضمن دعم عدد من الخدمات ذات العلاقة بتحسين مستويات المعيشة وتخفيف تبعات الأزمات العالمية، مثل دعم الوقود والكهرباء والمياه والسلع الغذائية، كما يتضمن هذا البند مخصصات منظومة الحماية الاجتماعية التي بدأ تطبيقها هذا العام بمخصصات في الميزانية العامة نحو 560 مليون ريال عماني، وسجلت مخصصاتها الفعلية 466 مليون ريال عماني حتى نهاية أكتوبر 2024، وفي إطار توسعة المنافع التي تقدمها المنظومة، وجه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله، الجهات المعنية بتخصيص 72 مليون ريال عُماني في الميزانية العامة للدولة، لتمويل برنامج منفعة دعم الأسرة ضمن منافع صندوق الحماية الاجتماعية التي تم الإعلان عنها مؤخرًا.


كما قدمت الفوائض المالية المحققة دعما لتسريع تنفيذ المشروعات الإنمائية، وتبلغ الميزانية الإنمائية لعام 2024 حوالي 900 مليون ريال عماني، إضافة إلى 240 مليون ريال عماني للمشروعات ذات الأثر التنموي، وسجلت المصروفات الإنمائية للوزارات والوحدات المدنية الفعلية بنهاية أكتوبر نحو 992 مليون ريال عُماني، بنسبة صرف بلغت 110 بالمائة من إجمالي السيولة الإنمائية المخصصة لعام 2024، وبارتفاع بنسبة 29 بالمائة عن مستوياتها في نهاية أكتوبر 2023.


عُمان أول درجات الجدارة الائتمانية المشجعة للاستثمار 


ومع تقدم جهود الاستدامة المالية والاقتصادية، شهد عام 2024 رفع وكالة ستاندرد أند بورز تصنيف سلطنة عمان إلى أول درجات الجدارة الائتمانية المشجعة للاستثمار، وقد أشارت الوكالة إلى أن رفع التصنيف يعكس تحسن مرونة الاقتصاد العُماني في مواجهة الصدمات المالية الخارجية بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تجاه تحسين المؤشرات المالية والاقتصادية وخفض المديونية العامة للدولة واستمرار تحسن آفاق القطاع النفطي، وقد حقق الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان نموا بمعدل 1.9 بالمائة بالأسعار الثابتة ونسبة 2.7 بالمائة بالأسعار الجارية خلال الفترة من يناير وحتى سبتمبر 2024، وبذلك يواصل الناتج المحلي الارتفاع المستمر منذ عام 2022.


الدقم تقوي مكانتها كوجهة مفضلة للمستثمرين في الصناعات المتنوعة


وكشفت التقاير الاقتصادية أن ثمة ارتفاعًا ملحوظًا في حجم الاستثمارات بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، حيث بلغ حجم الاستثمار التراكمي 6 مليارات ريال عُماني، بزيادة بلغت 55% عن العام السابق، حيث تُعتبر هذه الزيادة دليلا واضحا على الثقة المتزايدة في إمكانيات الدقم كوجهة استثمارية رئيسية، ما يُقوي من مكانتها كمركز لتطوير الصناعات بمختلف أنواعها.


وتُعد المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وجهة مناسبة لجذب الاستثمارات الصناعية، بما في ذلك الصناعات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة. وتسهم البنية الأساسية المتطورة والحوافز الاستثمارية الشاملة في تحويل الدقم إلى محور رئيسي للاستثمارات، ما يدعم دور القطاع الصناعي في تحقيق التنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني.


وتقدم الدقم مجموعة من الحوافز الجذابة، تشمل الإعفاءات الضريبية والجمارك المخفضة، إضافة إلى التسهيلات الإدارية التي يوفرها نظام المحطة الواحدة. ويُسهم هذا النظام في تمكين المستثمرين من إتمام كافة إجراءات تأسيس مشاريعهم في مكان واحد، ما يسهل عليهم توفير الوقت والجهد وتقليل التكاليف، وبالتالي يُسهم في جذب الاستثمارات من مجالات متعددة.


وتتميز الدقم ببنية أساسية متطورة تلبي احتياجات المستثمرين الصناعيين، حيث يضم ميناء الدقم، الذي يُعتبر من أكبر الموانئ في سلطنة عمان ويقدم خدمات لوجستية متقدمة تسهّل عمليات التصدير والاستيراد. كما تحتوي المنطقة على ميناء للصيد البحري متعدد الأغراض، ويُعد من أهم المرافق لدعم قطاع الثروة السمكية والمشاريع المرتبطة به.


وتستقطب المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم مشاريع صناعية متنوعة، تشمل الصناعات الثقيلة مثل المعادن والكيماويات، وصناعة النفط والغاز، ما يجعلها مركزًا للأنشطة المرتبطة بهذا القطاع. كما تتوسع في الصناعات التحويلية، مثل تصنيع المواد الغذائية والبلاستيكية ومواد البناء، حيث شهدت هذه القطاعات نموا ملحوظا بمعدل 10% من الناتج المحلي الإجمالي حتى منتصف العام الحالي.


وتستهدف الدقم أيضا تطوير الصناعات البحرية والتكنولوجية، حيث تشمل الأنشطة صيانة السفن والمشاريع المتعلقة بالقطاع البحري. كما تسعى لتوطين الصناعات التكنولوجية المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مع تخصيص مساحة تبلغ 18 كيلومترا مربعا لدعم هذه الأنشطة.


ويسهم ميناء الصيد البحري متعدد الأغراض في دعم الأنشطة الصناعية المرتبطة بالثروة السمكية، ما يُقوي من فرص تطوير الصناعات الغذائية والتصنيعية. وتسعى الدقم لجذب مشاريع مبتكرة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، ما يجعلها مركزًا حيويًا للصناعات المستقبلية في المنطقة، متماشية مع رؤية "عُمان 2040".


كما تعمل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم على جذب مشاريع صناعية قائمة على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة. وتشمل هذه الجهود إنشاء مساحات لدعم الصناعات التكنولوجية والصديقة للبيئة، مما يجعلها مركزًا للصناعات المستقبلية في المنطقة. كما تبرز المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم كوجهة مثالية لاستقطاب مختلف أنواع المشاريع الصناعية. ومع نظام المحطة الواحدة الذي يسهل الإجراءات، تستمر الدقم في تقديم نفسها كمنصة رئيسية لدعم الاستثمارات، ما يجعلها ركيزة أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام لسلطنة عمان.

 

الاكثر قراءة