كتب الأديب الجريء إحسان عبد القدوس أكثر من ستمائة رواية وقصة، قدم للسينما المصرية عددا كبيرا منها حيث تحولت 49 رواية إلى أفلام، و5 روايات إلى نصوص مسرحية، و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية، و10 روايات أخرى إلى مسلسلات تليفزيونية، إضافة إلى أن 65 من رواياته ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأوكرانية والصينية.
كانت معظم رواياته تصور فساد المجتمع المصري وانغماسه في الرذيلة وحب الجنس والشهوات والبعد عن الأخلاق، ومن هذه الروايات (النظارة السوداء) و (بائع الحب) و (صانع الحب) والتي أنتجت قبل ثورة 23 يوليو 1952.
وفي روايته (شي في صدري) والتي صاحبتها ضجة كبيرة في العام 1958، رسم إحسان فيها صورة الصراع بين المجتمع الرأسمالي والمجتمع الشعبي وكذلك المعركة الدائرة بين الجشع الفردي والإحساس بالمجتمع ككل. كما اعترض الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر على روايته البنات والصيف، والتي وصف فيها إحسان حالات الجنس بين الرجال والنساء في فترة إجازات الصيف، ولكنه لم يهتم لذلك بل أرسل رسالة إلى جمال عبد الناصر يشرح له فيها أن هذه القصص هي من وحي الواقع بل أن الواقع أقبح من ذلك، وهو يكتب هذه القصص أملاً في إيجاد حلول لها.
السينما والتلفزيون
كان لإحسان عبد القدوس دورا بارزا في صناعة السينما ليس فقط عن طريق الأفلام التي انتجت من قصصه ورواياته ولكن بالتي شارك في كتابة السيناريو والحوار للكثير منها، فقد كان على النقيض من الأديب نجيب محفوظ، فهو لم يكن يؤمن بأن صاحب العمل الأدبي الأصلي لا علاقة له بالفيلم أو المسرحية التي تعد من عمله الأدبي، فشارك في صياغه وكتابة حوار العديد من الأفلام مثل فيلم (لا تطفئ الشمس) للمخرج صلاح أبو سيف، كما كتب حوار فيلم (إمبراطورية ميم) الذي كانت قصته مكتوبة على أربعة أوراق فقط وأخرجه حسين كمال، وشارك كذلك الكاتبين سعد الدين وهبة ويوسف فرنسيس في كتابة سيناريو فيلم (أبي فوق الشجرة).
وصلت عدد رواياته التي تحولت إلى أفلام ومسلسلات قرابة ال 70 فيلم ومسلسل سينمائي وتلفزيوني، منها ما عرض ومنها ما لم يعرض ليتربع بذلك على عرش أكثر كاتب وروائي له أفلام ومسلسلات في تاريخ السينما والتلفزيون المصرية، ولا ينافسه في ذلك إلا الأديب نجيب محفوظ.
أخرج لإحسان عبد القدوس العديد المخرجين وصل إلى 16 مخرجا، وكان نصيب الأسد منها للمخرجين حسين كمال وصلاح أبو سيف وحسام الدين مصطفى وأحمد يحيى. وهذا يدل على أنه لم يكن يتعامل مع أي مخرج يعرض عليه إخراج أعماله، بل يتعامل فقط مع من يثق في قدراتهم في استيعاب أعماله بصورة جدية وجيدة.
وأخرج حسين كمال 9 أفلام من روايات إحسان عبد القدوس أولها فيلم (أبي فوق الشجرة) الذي اعتبر في وقته نقله جديدة في السينما الاستعراضية، ثم فيلم (أنف وثلاث عيون) من بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين، وتلاها بتقديم فيلم (إمبراطورية ميم) الذي كان نقلة نوعيه جديدة في السينما المصرية، شهد عودة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وليخرج بعدها فيلم (دمي ودموعي وابتسامتي) من بطولة نجلاء فتحي ونور الشريف، وكذلك فيلم (بعيدًا عن الأرض)، ومن ثم قدم فيلمين للنجمة نبيلة عبيد هما (العذراء والشعر الأبيض) والذي كان انطلاقه كبيرة للفنانة نبيلة عبيد في عالم النجومية و (أرجوك أعطني هذا الدواء)، وآخر ما قدم المخرح حسين كمال من أعمال إحسان عبد القدوس كان فيلم (أيام في الحلال).
وبالرغم من كمية الأفلام التي أنتجت من رواياته إلا أن هنالك جزء منها نجح نجاحاً باهرا في السينما المصرية مثل أفلام (لا أنام) وهو من بطولة فاتن حمامة وإخراج صلاح أبو سيف و (في بيتنا رجل) من بطولة زبيدة ثروت وعمر الشريف و (كرامة زوجتي) بطولة صلاح ذو الفقار وشادية وغيرها من الأفلام التي أثرت السينما المصرية. بالمقابل كان هنالك بعض الأفلام التي كتبها لم يكتب لها النجاح كما كان متوقعُا، بل وصفها بعض النقاد بأنها فشلت فشل ذريعا.
يقول إحسان عبد القدوس:«أما الممثلات اللاتي استطعن أن يجدن تمثيل شخصيات قصصي في مقدمتهن كانت فاتن حمامة، فقد استطاعت أن تصور خيالي عندما مثلت دور (نادية) في فيلم (لا أنام)، وعندما جسدت دور (فايزة) في فيلم (الطريق المسدود)، وأذكر اني ذهبت يوما أنا ويوسف السباعي إلى الاستديو أثناء تصوير مشاهد من فيلم (لا أنام)، ووقفت أنا ويوسف السباعي مشدودين ونحن ننظر إلى فاتن حمامة، فقد كانت تشبه البطلة الحقيقية للقصة التي كتبتها، كذلك من أفضل اللواتي جسدن شخصياتي هن نبيلة عبيد ونادية لطفي ولبنى عبد العزيز وسعاد حسني».
فالممثلة نبيلة عبيد أدت له العديد من الأعمال، فوصفها النقاد بأنها كانت نقلة كبيرة في مشوارها الفني، حيث قالت نبيلة عن إحسان:" لقد كان سبباً في وجودي في عالم السينما، فلولاه لما كانت نبيلة عبيد فقد كان ينتقي لي أدواري، ويعطيني العديد من النصائح لذا فأنا ممتنة له.