الأربعاء 8 يناير 2025

الهلال لايت

الثروة السمكية وأثرها في الصراعات بين فرنسا وبريطانيا

  • 1-1-2025 | 23:28

الغواصة سوركوف

طباعة
  • إسلام علي

سان بيير وميكلون هو أرخبيل صغير يتألف من جزيرتين رئيسيتين في شمال المحيط الأطلسي، ويقع على مقربة من الساحل الشرقي لكندا، والأرخبيل هو آخر بقايا الإمبراطورية الفرنسية في أمريكا الشمالية، التي كانت تُعرف بفرنسا الجديدة، ويتميز الأرخبيل بأهميته التاريخية والاستراتيجية، التي تجلت بوضوح في الأحداث المحيطة بالحرب العالمية الثانية.

الموقع الجغرافي
يقع أرخبيل سان بيير وميكلون على بعد 25 كيلومترًا فقط من ساحل نيوفاوندلاند. اكتشفه الملاح البرتغالي جواو ألفاريس فاجونديس في أوائل القرن السادس عشر، وأطلق عليه اسم "إحدى عشرة ألف عذراء". 
أعاد الفرنسي جاك كارتييه تسميته بعد ذلك بجزيرة سان بيير نسبة إلى القديس بيير، راعي الصيادين. سُميت الجزيرة الثانية ميكلون، وهو اسم باسكي يعكس التراث البحري العريق للمنطقة.

الموارد البحرية والصراعات السياسية
كانت مياه الأرخبيل غنية بالموارد السمكية، ما جعلها هدفًا لسفن الصيد الأوروبية، لا سيما الفرنسية والبريطانية، وتسبب هذا في نزاعات متكررة بين القوى الاستعمارية.
أعاد البريطانيون السيطرة على الأرخبيل بعد معاهدة أوترخت، إلا أن معاهدة باريس أعادته إلى فرنسا مقابل تنازلات إقليمية أخرى. تكررت هذه التحولات خلال الثورة الأمريكية، لكن الأرخبيل ظل فرنسيًا بشكل نهائي في عهد نابليون.

دور الأرخبيل في الحرب العالمية الثانية
مع بداية الحرب العالمية الثانية، أصبحت سان بيير وميكلون تحت سيطرة حكومة فيشي الموالية لألمانيا النازية، وأثار هذا القلق لدى الحلفاء، وخاصة كندا والولايات المتحدة، بسبب موقعها القريب من مصب نهر سانت لورانس وأهميتها الاستراتيجية. 
كانت هناك مخاوف من أن تُستخدم الجزيرة كمركز لنقل المعلومات إلى الغواصات الألمانية عبر المحطات الإذاعية وكابلات الاتصالات.

رغم توقيع اتفاقيات غير رسمية بين الولايات المتحدة وحكومة فيشي لضمان الوضع الراهن، أصر الأدميرال إميل موزيلير، الذي كان ضمن القوات البحرية الفرنسية الحرة، على ضرورة التدخل، وحصل على دعم غير رسمي من ونستون تشرشل وقاد أسطولًا صغيرًا للاستيلاء على الأرخبيل. تمت العملية في 24 ديسمبر 1941 دون إراقة دماء، حيث استسلمت القوات المحلية بسرعة.

ما بعد الغزو
بعد السيطرة على الأرخبيل، أُجري استفتاء أظهر تأييد السكان الساحق للانضمام إلى فرنسا الحرة بقيادة الجنرال شارل ديغول. عُين الملازم ألان سافاري لإدارة الحكومة المحلية، بينما تولى الكابتن روجر بيروت قيادة البحرية في المنطقة، ومثل هذا الحدث نصرًا معنويًا كبيرًا للحلفاء، لكنه أثار استياء الولايات المتحدة، التي اعتبرت العملية انتهاكًا للاتفاقيات الدبلوماسية.

الأهمية التاريخية
تمثل سان بيير وميكلون نموذجًا للصراعات الاستعمارية والتحولات السياسية خلال القرن العشرين. رغم صغر حجمها، لعبت دورًا حاسمًا في إظهار تضامن فرنسا الحرة مع الحلفاء، الأحداث المحيطة بالأرخبيل توضح التحديات الجيوسياسية للحرب العالمية الثانية، خاصةً عندما تتقاطع المصالح الاستراتيجية مع الديناميكيات الدبلوماسية.

الاكثر قراءة