من البر والبحر والجو، لم تتوان مصر ولو للحظة واحدة عن تقديم الدعم لكافة الأشقاء العرب، بما يعينهم على مواجة الأزمات والتحديات سواء من حروب وصراعات أو كوراث طبيعية، وهو ما جعلها تحوز عن جدارة لقب "الشقيقة الكبرى" بشهادة من دول الشام.
مصر الشقيقة الكبرى
وفي إطار ذلك، وصلت إلى سوريا، أمس السبت، طائرة شحن مصرية محملة بـ 15 طنًا من المساعدات الإغاثية والأدوية والأغذية المقدمة من الهلال الأحمر المصري إلى الهلال الأحمر العربي السوري، في خطوة تعزز الروابط الشعبية التاريخية التي تجمع بين القاهرة ودمشق.
وعلى النحو ذاته، كان الدور المصري تجاه لبنان الشقيق في محنته الأخيرة، حيث سيرت أسطولًا جويًا إلى بيروت بغرض نقل كافة مواد الإغاثة والإيواء والأغذية والأغطية والأدوية إغاثة لهذا البلد العربي.
أما عن فلسطين، فمع تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة في أكتوبر 2023، قدمت مصر بمفردها خلال الـ200 يوم الأولى من العدوان، ما يقدر بـ87 بالمائة من المساعدات التي دخلت إلى القطاع برًا عبر معبر رفح، وذلك قبل أن تشدد سلطات الاحتلال حصارها بإغلاق معبري رفح وكرم أبوسالم، ما حال دون دخول المساعدات بشكل منتظم.
وجوًا وبحرًا قدمت مصر المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى مدينة "درنة" الليبية، في سبتمبر 2023، لمواجهة تداعيات انهيار سدين في ضواحي جراء إعصار "دانيال".
وذات المشهد، سُجل في بلاد المغرب العربي، حيث قدمت مصر إلى هذا البلد الشقيق المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية العاجلة، لمواجهة أثار الزلزال المدمر الذى ضرب المملكة في سبتمبر من العام الماضي.
وإلى السودان، حيث أقامت مصر جسورًا جوية وبحرية لنقل آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب السوداني الذي يعاني من ويلات الاقتتال الداخلي منذ أبريل 2023.
وتأتي تلك الخطوات مؤكدة حرص الدولة المصرية على الوقوف بجانب الشعوب العربية الشقيقة في أوقات المحن والأزمات، بشكل يثبت أنها "الشقيقة الكبرى" قولًا وفعلًا.
مصر الداعم الأول
ومعلقًا على ذلك، يؤكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، أن مصر تتخذ مواقف "ثابتة" في دعم الدول العربية، خصوصًا في مجال المساعدات الإنسانية، بغرض تخفيف الأعباء، التي تواجه تلك الدول.
وأوضح "بدر الدين" في حديثه لـ"دار الهلال"، أن ذلك بات جليًا في تعامل مصر مع العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة، حيث عملت جاهدة على إنفاذ دخول المساعدات الإنسانية، ولكن العرقلة كانت تأتي دومًا من الجانب الإسرائيلي، أما مصر فقد قامت بدورها حيال الأزمة على الوجه الأكمل.
وأضاف أن الموقف المصري الداعم للدول العربية يتضح كذلك من خلال التعامل مع الأزمة اللبنانية السافرة جراء التوغل الإسرائيلي فيها، حيث بادرت مصر بتقديم المساعدات الإنسانية، متابعًا:"نفس الأمر حدث اتجاه الأزمة السودانية، وسوريا التي كانت أحدث حالة".
وبناء عليه، يقول أستاذ العلوم السياسية، إن أحد الثوابت في الدبلوماسية المصرية، هي دعم الأشقاء العرب في مواجهة ما يتعرضون له من تحديات ومخاطر، وخاصة على الجانب الإنساني.
ورأى أنه لا يمكن فصل الجوانب الإنسانية عن الجوانب السياسية، وذلك ردًا على سؤال ما إذا كان الدعم المصري يستهدف مكاسب سياسية أم يستهدف دعم الشعوب فقط.
ومضى موضحًا أن الشعوب تشعر بالتوجه المصري، الذي يعمل على تحقيق مصالحها، فلذا لا تستطيع فصل الشعب عن النظام، فمثلًا حين نقول أن ذلك الدعم موجه إلى لبنان فمن شأن ذلك أن يدعم العلاقات مع هذا البلد..وهكذا، وفي الختام، يؤكد "بدر الدين" أن هذا الدعم موقف إيجابي من مصر يستهدف دعم الشعوب في التحديات التي تواجهها.
رسالة شكر من الشام
وفي ذلك السياق، أكد قصي عبيدو، الباحث السياسي السوري، أن جمهورية مصر العربية لطالما كانت وما زالت تدعم القضايا العربية، موضحًا أنها تهتم بالشان السوري منذ عقود، وذلك لاعتبار الأواصر بين البلدين، لذلك سوريا لها خصوصية لدى مصر وبالتالي إذا كانت سوريا بخير فمصر بالتاكيد بخير، متابعًا:"هذا الاهتمام من مصر واضح جدًا وتدعم استقرار سوريا".
وأضاف "عبيدو" في معرض حديثه لـ"دار الهلال"، أن تعامل الدول العربية مع الملف السوري بات الشغل الشاغل لهم، وفي مقدمة ذلك الدول المجاورة تحديدًا كالعراق والأردن ولبنان، فهم يبحثون عن ضمان أمنهم وحدودهم، خشية حدوث نزاعات واقتتال في الداخل السوري وانتقاله إلى أراضيهم، أما باقي الدول العربية، بما فيها الخليجية، تسعى لانتقال سلمي للسلطة.
وأوضح أنه بعد سقوط نظام الأسد وتسليم الحكومة السابقة الوزارات لحكومة الإنقاذ بدأت الأخرى بتسيير شؤون المواطنين بحسب الأمكانيات الموجودة والمتوفرة بعد حرب دامت مايقارب 14 عاماً، وعقوبات اقتصادية أثقلت الشعب السوري وزادت من معاناته.
وبناء عليه، يقول "عبيدو" في شأن حكومة الإنقاذ، إن أداؤها "ضعيف" بسبب قلة الامكانيات، ومن جهة أخرى، لأنها تفتقد أهل الاختصاص من "التكنوقراط"، وهذا عائق كبير لأن الخبرة غير متوفرة.