الأحد 19 مايو 2024

بالفيديو والصور .. سكان مقابر الشافعى "ميتين بالحيا " !

2-3-2017 | 22:53

تلك هى حكاية سكان المقابر التي رصدتها " الهلال اليوم" الذين أجبرتهم الحياة على العيش فى أكناف الأموات ليسكنوا أحواشاً تفوح منها رائحة الموت في ظلمة ليل تقشعر لها الأبدان ، ترافقهم الحيوانات الضالة فى مسكنهم ، بعدما أسقطتهم الدولة من حساباتها ، واضعين أسرهم و أثاثهم بتلك الأحواش ليمارسوا حياتهم الطبيعية .

جلست نعمة همام ، ربة منزل ، 40 عاما أمام غرفتها الكائنة بالمقابر ، وبجوارها أطفالها يلعبون ، وعلى جانبها زوجها الذي يقوم بملء جراكن المياه من حنفية مشتركة إلى جوار الغرفة ، وبجوارها أخو زوجها المعاق الذي لا يقوى على الوقوف والتحدث .

فى البداية تحدثت نعمة همام ، ربة منزل " أنا عندى 6 أطفال في المدارس وجوزى أرزقى على باب الله يوم فيه ويوم مفيش ، وإحنا ساكنين في المقابر علشان مش قادرين نطلع برا المقابر وناخد شقة بالإيجار ، هنجيب منين ؟ ، الإيجارات غالية وجوزى مش قادر يكفي طلبات البيت ".

وأضافت والدموع تملأ عينيها " الأسعار بقت غالية والحياة صعبة ، وعندى طفل عنده إعاقة في رجله وأيده ، وبلف به على المستشفيات علشان أعالجه ، وأنا بطالب بمعاش شهرى أقدر أعيش به ، وقدمت على معاش تكافل وكرامة ورفضوا الطلب علشان عداد الكهرباء مش باسم جوزى ، ومش معانا دخل ثابت نصرف منه ، وياريت حد من المسئولين يبص لنا بنظرة رحمة وشفقة " .

واستطردت " المقابر ملحت من المياه الجوفية وبتقع على الناس اللى ساكنة فيها ، وفيه مقابر وقعت فعلا ، والناس هنا على باب الله شغالين في الدفن يعنى يوم ربنا يرزقهم بدفنة ويوم مفيش ، وعاوزين نطلع برة المقابر ونعيش زي بقية خلق الله في شقق ، والعيال مصاريفها كتيرة في المدارس ومش عارفة نجيب منين ".

وتابعت " لما يكون فيه ميت مدفون جديد بكون خايفة ، خاصة أن المقابر بتكون ضلمة بالليل والأنوار ضعيفة بقفل باب بيتى على عيالى ومش بنطلع إلا مع طلوع الصبح علشان العيال يروحوا المدرسة ، والحمد لله مفيش ريحة وحشة بتطلع علينا من الميتين ربنا رحمنا من الحاجة دى " .

ولفتت " أخويا كان مصابا بالكبد وفضل ينزف والمستشفي رفضت تستقبله لحد لما مات قدام المستشفى ، ورفضوا يعالجوه ، وإحنا عاوزين الستر في الدنيا " .

والتقط متولى محمد على ، 50 عاما ، يعمل بدفن الموتى طرف الحديث " أنا معنديش دخل شهرى ثابت وراجل أرزقى ، والأسعار بقت غالية ، ومصاريف العيال في المدارس كتيرة ، وفيه بلطجية بيجوا علينا من سكان المقابر ، ومفيش أمان لأن الشرطة بعيدة عننا ، والسرقة موجودة برضو علشان المقابر مفتوحة ، وأنا كل طلباتى معاش شهرى أعيش به أنا وزوجتى وأولادى ، وعاوز أوضة صغيرة بعيدة عن المقابر ، ومش عاوز ولادى يطلعوا زينا يعيشوا في المقابر " .

وأمام صنبور مشترك لسكان المقابر يقف بدر محمد على قائلا " عندنا حنفية مشتركة أنا وجيرانى بنملى منها الميه علشان الشرب والغسيل والطبخ ، والكهرباء موصلينها من كهربة المقابر ، ودخلت أولادى المدارس علشان يتعلموا ويحسنوا من وضعهم ، ومفيش في المقابر أعمال منافية للآداب بتحصل عندنا " .

فيما عبر إبراهيم يونس نصيب ، 45 عاما ، عن معاناته " أنا عايش في المقابر من 35 سنة ومش قادر آخد شقة بالإيجار ، وعندى إصابة في عينى ومعنديش معاش شهري ، وشغال في الدفن ، وشكلى هعيش عمرى بين الميتين لحد مار أروح لهم وأدفن معاهم " .

بينما كان الطفل محمد متولى ، 10 سنوات يلهو بين رفاقه قائلا " أنا عاوز أعيش برة المقابر ، نفسى أسكن في شقة زى زمايلى في المدرسة ، وأنا بخاف بالليل من الميتين ومن الضلمة في المقابر ، وأنا في مدرسة ، وأنا عندي شلل فى رجلي وإيدي الشمال ونفسي أتعالج وعرف أجري واتحرك زى بقيت أصحابي، وبتمنى أخف وأبقى ظابط".