الإثنين 13 يناير 2025

المصور

استعداد حكومي لصيف 2025

  • 12-1-2025 | 19:51

صورة أرشيفية

طباعة
  • بقلم: غالي محمد
لا يختلف أحد مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، فيما أعلن بأن مصر تخطط لإعادة إنتاج الغاز الطبيعي والزيت الخام إلى مستوياته الطبيعية، اعتبارًا من عام 2025، بالتعاون مع الشركاء الأجانب. وتحديدًا، فإن هذا التخطيط، يستهدف أن يكون ذلك في صيف 2025، حتى تكون هناك وفرة في إنتاج الغاز الطبيعي لمحطات الكهرباء في صيف 2025، حيث يزيد استهلاك الكهرباء في الصيف بمعدلات كبيرة. وعندما يحدد رئيس الوزراء، إعادة إنتاج الغاز الطبيعي والزيت الخام إلى مستوياته الطبيعية اعتبارا من 2025 فهذا لأنه سوف يكون بمثابة عنق الزجاجة، إذ لم يزد إنتاج الغاز الطبيعي بصفة خاصة بالتعاون مع الشركاء الأجانب ويكون هناك اضطرار لزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال عما تم استيراده بشكل عاجل في صيف 2024، ومن ثم زيادة الاعتمادات من النقد الأجنبي، حتى لا تعود ظاهرة تخفيف الأحمال في الكهرباء، ولا سيما أن الحكومة قررت عدم العودة لهذا الأمر مرة ثانية حتى الآن. وعندما يحدد رئيس الوزراء عام 2025، لإعادة إنتاج الغاز الطبيعي والزيت الخام إلى معدلاته الطبيعية، فهذا ليس من فراغ، وإنما بناءً على محددات رقمية. تلك المحددات، إذا استمرت تعنى أن ينخفض إنتاج الغاز الطبيعي عن المعدلات الحالية. فإذا كان الإنتاج من الغاز الطبيعي، قد وصل حتى هذا الأسبوع إلى نحو 4.6 مليار قدم مكعب في اليوم مقابل معدلات طبيعية من قبل 7.2 مليار قدم مكعب في اليوم قبل عامين، فإن الإنتاج سوف يصل إلى نحو 4 مليارات قدم مكعب فى اليوم مع بداية صيف 2025، حيث إن معدل التناقص الطبيعى فى إنتاج الحقول يصل إلى نحو 14 في المائة شهريا. وإذا ما وصل الإنتاج من الغاز الطبيعي إلى نحو 4 مليارات قدم مكعب في صيف 2025، والذي سوف يصل فيه الاستهلاك إلى نحو 8 مليارات قدم مكعب في اليوم فهذا يعنى أن هناك عجزا في الكميات المتاحة للاستهلاك المحطات الكهرباء والمصانع، يقترب من 4 مليارات قدم مكعب فى اليوم، ومن ثم لا بديل عن سد هذا العجز بزيادة استيراد الغاز الطبيعى والمازوت أيضا. وبالفعل، يتم استيراد نحو مليار قدم مكعب يوميا من الغاز الإسرائيلي مخطط زيادتها إلى 1.3 مليار قدم مكعب في اليوم، فضلا عن زيادة كميات الغاز المسال إلى ما يقرب من ملياري قدم مكعب فى اليوم، وذلك في حالة الاستعانة بمركب ثان للتغييز» بجوار المركب الأول للتغييز» والذي يوجد بالفعل في ميناء العين السخنة، والاتجاه إلى زيادة استيراد كميات المازوت وكل هذا يعنى زيادة الاعتمادات لاستيراد الغاز الطبيعي لتتجاوز 6 مليارات دولار، سواء عبر الأنابيب من إسرائيل، أو مسالا من مصادر مختلفة. وإذا أضفنا زيادة الواردات من المازوت أو خام الزيت الزيادة معدلات التشغيل فى معامل التكرير المحلية، فهذا يعنى أن تزيد الاعتمادات إلى نحو 7 مليارات دولار للاستيراد حتى لا تعود ظاهرة تخفيف الأحمال ويتم توفير الغاز الطبيعي بمعدلات طبيعية للصناعة، خاصة مصانع الأسمدة التي تعتمد في الإنتاج على الغاز الطبيعي كمادة خام. وهذا الرقم الذي سوف يصل إلى نحو 6 مليارات دولار في العام بعد رقما ضخما، خاصة أنه لن يقابله أدنى تصدير لشحنات من الغاز الطبيعى، حتى في فصل الشتاء الذى ينخفض فيه استهلاك الكهرباء، لأنه من المقرر أن يشهد هذا الشتاء إعادة توفير شحنات الغاز الطبيعي للشريك الأجنبي - إذا أمكن من منافذ تصدير الغاز في إدكو ودمياط، والتي وافق الشركاء على وقف تصديرها خلال صيف 2024، بسبب ظروف القوة القهرية، وحاجة محطات الكهرباء وبعض المصانع لتلك الشحنات التي توقف تصديرها، ومن ثم هناك التزام على وزارة البترول بتوفير تلك الشحنات وليس قيمة نقدية. تلك الصورة وهذه الأرقام التي جعلت رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي التحرك من الآن لصيف 2025 على أكثر من محور لكى لا تصل إلى عنق الزجاجة في توفير كافة أنواع الطاقة في 2025 أول هذه المحاور، ما أعلنه رئيس الوزراء بأن مصر تخطط لإعادة إنتاج الغاز الطبيعي والزيت الخام إلى مستوياته الطبيعية من عام 2025 وإن كنا لا نختلف مع هذا الهدف الاستراتيجي، فإن رئيس الوزراء لم يحدد تلك المعدلات الطبيعية لإنتاج الغاز الطبيعي أو الزيت الخام، ولم يقل إن هذا المعدل الطبيعي، هل هو زيادة الإنتاج من الغاز الطبيعي اليومى إلى أي رقم، وهل ما سبق أن وصل إلى أكثر من 7 مليارات قدم مكعب في اليوم في ظل عنفوان إنتاج حقل ظهر أم أقل من ذلك؟ وهل هذا المعدل الطبيعي الذي سبق أن تم الإعلان عنه دون تحديد رقم بأن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من إنتاج الغاز الطبيعي، علما بأن الحديث دائما عن أي رقم للاكتفاء الذاتي هو رقم ديناميكي وغير ثابت، ويختلف طبقا المعدلات الاستهلاك وبالتالي معدلات الإنتاج الحقيقية خلال فترة زمنية محددة. وإذا كان الواقع يؤكد أن الإنتاج الحالي من الغاز الطبيعي قد وصل حتى هذا الأسبوع إلى 4.6 مليار قدم مكعب في اليوم، فإنه من الصعب أن يزيد إلى معدلاته الطبيعية السابقة، بداية من 2025 حتى إلى أكثر من 6 مليارات قدم مكعب في اليوم خلال هذه الفترة القصيرة، ولن نقول إلى 7 مليارات قدم مكعب في اليوم. وكلنا نتمنى أن تعود إلى هذه الأرقام، لكن العوامل الفنية الخاصة لصناعة البترول على المستوى العالمي، ومن ثم على المستوى المحلي، لا يمكن أن تساعد في تحقيق هذه الأرقام حتى يونيو 2025 ويكون التحدى أمام المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، هو وقف التناقص في معدلات الإنتاج الحالية بسبب التناقص الطبيعي في إنتاج الحقول وزيادة الإنتاج بشكل سريع بالتعاون مع الشركاء الأجانب، لكي لا ينقص الإنتاج . في صيف 2025، إلى نحو 4 مليارات قدم مكعب في اليوم، والعمل على أن يصل إنتاج الغاز الطبيعي إلى أكثر قليلا من 5 مليارات قدم مكعب في اليوم. نعم هناك تحركات قوية من جانب الحكومة للانتظام في سداد مستحقات الشركاء الأجانب مما يعمل على عدم زيادتها مرة أخرى، فضلا عن تحركات المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية لتحفيز الشركاء الأجانب على عمليات البحث والاستكشاف وتنمية الاكتشافات الجديدة. ومع استجابة الشركاء الأجانب لتلك التحركات، فالملاحظ أن وزير البترول لم يتورط في الحديث خلال تصريحاته الكثيرة جدا جدا عن أي رقم للزيادات المنتظرة في إنتاج الغاز الطبيعي والعودة إلى المعدلات الطبيعية، وذلك لأن وزير البترول، بعيدا عن التصريحات السياسية والإعلامية، يدرك خطورة الحديث عن أي رقم المعدلات الزيادة المنتظرة في إنتاج الغاز الطبيعي وكذلك الزيت الخام، إلا إذا كان هذا قد حدث بالفعل، وأصبحت الحقول جاهزة لضخ الغاز الطبيعي في الشبكة القومية للغازات الطبيعية. ورغم أن العديد من خبراء البترول، يرون أن تحركات وزير البترول مع الشركاء الأجانب، وبسبب العوامل الفنية الخاصة لصناعة البترول لن تؤتى ثمارها قبل عامين، لكن هناك من يرى مع استجابة الشركاء الأجانب لتحركات وزير البترول، أنه يمكن تحقيق زيادة في إنتاج الغاز الطبيعي على الأقل لتعويض التناقص الطبيعي في إنتاج الحقول الذي يصل إلى نحو 14 في المائة شهريا وحتى في صيف 2025 وفي جميع الأحوال لن أتحدث عن العودة لمعدلات الإنتاج الطبيعية في الزيت الخام والتي يتحدث عنها رئيس الوزراء، خاصة مع تدنى إنتاج الزيت الخام إلى أقل من 500 ألف برميل يوميا، ولا سيما أن وزير البترول لم يتحدث حتى الآن عن أية أرقام يمكن العودة إليها في إنتاج الزيت الخام ومن قبله الغاز الطبيعي. المحور الثاني لرئيس الوزراء للاستعداد لتوفير الطاقة في صيف 2025، ما سبق أن أعلن عنه بتنفيذ العديد من مشروعات الطاقة الشمسية، بمعرفة مستثمرين عرب وأجانب لإضافة 4 جيجا كهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة في صيف 2025، ترتفع إلى إضافة 6 جيجا من الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة خلال عامين. وهذا المحور إن تحقق وفقا لتأكيدات رئيس الوزراء، من الممكن أن يؤدى إلى خفض واردات الغاز الطبيعي والمازوت لمحطات الكهرباء في صيف 2025 ومن ثم تنخفض الاعتمادات التي يمكن أن تذهب الزيادة واردات الغاز المسال حتى لو تمت الاستعانة بمركب ثان للتغييز»؛ لأن المرحلة القادمة وتطورات الأحداث في المنطقة تحتم تنويع مصادر استيراد الغاز الطبيعي عبر الأنابيب والغاز المسال. لا بديل عن أن تكون هناك خطط طوارئ لكى تحتل الطاقة الجديدة والمتجددة مكانة مهمة وسريعة قبل صيف 2025 في منظومة وفرة الطاقة، ودون ذلك لا بديل عن زيادة واردات الغاز المسال والمازوت، وبالطبع قبل هذا زيادة الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى دون الإسراف الشفهي في تصريحات فقط. المحور الثالث لرئيس الوزراء في خطة الحكومة للاستعداد لصيف 2025، هو التوسع في إجراءات ترشيد استهلاك الطاقة بصفة عامة والكهرباء بصفة خاصة، بعيدا عن العودة لظاهرة تخفيف الأحمال في الكهرباء. وبالفعل إذا كانت هناك خطط ترشيد استهلاك الطاقة والكهرباء، فإنها يمكن أن تؤدى إلى خفض استهلاك الكهرباء وبالتالي انخفاض واردات الغاز المسال وانخفاض الاعتمادات اللازمة من العملات الصعبة لاستيراد الغاز الطبيعي والمازوت. كل هذا يكشف عن تحرك الحكومة من الآن لتوفير الطاقة والكهرباء خلال صيف 2025 دون اللجوء إلى تخفيف الأحمال، لكن الأخطر أن هذا يتطلب زيادة الاعتمادات من العملات الصعبة لاستيراد الغاز الطبيعى والمازوت، إلى أن تبدأ زيادة إنتاج الغاز الطبيعي، أيا كانت معدلات الزيادة حتى لو كانت الزيادة العاجلة هي وقف التناقص الطبيعي في إنتاج حقول الغاز الطبيعي.